حصد تنظيم داعش أموالا من 416 جهة مانحة في فرنسا لوحدها.

هذا ما أعلنه النائب العام في باريس فرنسوا مولانس، الخميس، بعد أن حددث السلطات هويات المتبرعين الفرنسيين الذي شاركوا في تمويل التنظيم، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.  

​​قبلها بيوم، اجتمع في العاصمة الفرنسية 500 خبير و80 وزيرا من 72 بلدا،  وممثلون عن صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والإنتربول، لبحث "سبل تجفيف منابع تمويل الإرهاب".

وضع المجتمعون قائمة من الالتزامات على الحكومات تطبيقها، مثل تبادل المعلومات ومكافحة إخفاء الهوية في التعاملات المالية، وتحديد مصادر التمويل والالتزام الجماعي تجاه "البلدان الضعيفة أو الفاشلة".

وأطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على المؤتمر تسمية "ائتلاف باريس"، بعد توقيع 72 دولة على إعلان مشترك بمكافحة تمويل الإرهاب.

لكن هل يكفي وضع قائمة توصيات وقوانين لمراقبة المبادلات المالية وتحديد مصادرها لوضع حد لتمويل الإرهاب؟ الوقائع لا تؤكد ذلك.

قوانين منذ 1989

تتعاون الدول لوقف تمويل الإرهاب منذ 1989. في ذلك العام، أعلنت 37 دولة عن تشكيل "مجموعة العمل المالي" ((FATF وهي هيئة حكومية دولية لمكافحة  تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. أصدرت المجموعة 40 توصية مختلفة في هذا المجال. 

ويمكن لمجموعة العمل المالي أن تدرج دولة ما على "القائمة السوداء" في حال وجود "تشريعات قضائية عالية المخاطر" تسمح بتمويل الإرهاب. وإيران على القائمة.

وتدرج المجموعة أيضا دولا على "القائمة الفضية" في حال كانت دولة ما تعمل على تحسين تشريعاتها المالية. ضمن هذه القائمة سورية والعراق.

في سنة 1995، تم تشكيل "مجموعة إيغمونت"، وهي شبكة من وحدات الاستخبارات المالية. من مهامها مراجعة وتحليل وتوزيع البيانات حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. 

وبعدها بثلاث سنوات، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة المعاهدة الدولية لقمع تمويل الإرهاب. وصدر بالمناسبة قرار مجلس الأمن 1267 لخلق نظام عقوبات بحق حركة طالبان (شمل القاعدة عام 2000).

أما في سنة 2011، أسبوعان فقط بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، فأصدر مجلس الأمن تحت الفصل السابع​ قرارا ملزما بمنع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية​ وتجميد أية أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالا إرهابية (القرار 1373).

وعدلت الدول الأوربية، بين سنتي 2003 و2005، معاهدة مجلس أوروبا لمكافحة الإرهاب التي أقرت سنة 1977، وأدرجت ضمنها إجراءات جديدة لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.

أما عند تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش سنة 2014، فتم تشكيل فريق دولي برئاسة إيطالية سعودية أميركية لمحاربة تمويل داعش.

وفي العام التالي، أصدر مجلس الأمن القرار 2253 لتوسيع نطاق العقوبات على داعش ليشمل الجماعات المرتبطة بها.

"لا تتبع المال"

عملت الحكومات على مدى السنوات الماضية جاهدة لمنع الإرهابيين من استخدام النظام المالي العالمي.

لكن مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في كينغز كوليدج في لندن، بيتر نيومان، يقول إن الجهود "كانت مكلفة وغير منتجة أحيانا كثيرة".

أصدر نيومان، في آب/أغسطس 2017، تقريراً بعنوان "لا تتبع المال" ينتقد فيه الأساليب التي اعتمدتها الحكومات لمكافحة تمويل الإرهاب طوال الفترة الماضية.

في تقريره، يضرب مثالا عما جرى عقب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، حيث تم اتخاذ تدابير لتجميد أصول نحو 60 مليون دولار لمرتبطين بالإرهاب.

لكن تجميد الأرصدة وفرض الحظر على جهات وشخصيات معينة أساء إلى شركات وأفراد أبرياء حسب تقرير نيومان، وفشل في احتواء الهجمات الإرهابية التي استمرت بعد 2001 وضربت مناطق مختلفة من العالم.

ويعتبر الباحث الألماني أن القوة المالية التي تمتع بها داعش أثبثت فشل هذه الإجراءات.

فالتنظيم اعتمد بنسبة 90 في المئة على إيرادات من المناطق التي كان يسيطر عليها. وبالتالي لم يكن لتجميد حسابات مرتبطة به أي نتيجة فعلية.

واستولى مقاتلوه على مصارف والمحالات التجارية وسيطروا على ممتلكات الأقليات.

ولم تنحسر القوة المالية لداعش إلا بعد العسكرية التي شنت ضده. ونجحت في خفض أمواله من 1.9 مليار دولار في 2014 إلى مليار دولار في 2016.

لذا يرى نيومان أن الحل الأمثل يكمن في أن تتبنى الحكومات قرارات دبلوماسية وعسكرية تماما مثل ما فعلت مع داعش.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.