حصد تنظيم داعش أموالا من 416 جهة مانحة في فرنسا لوحدها.
هذا ما أعلنه النائب العام في باريس فرنسوا مولانس، الخميس، بعد أن حددث السلطات هويات المتبرعين الفرنسيين الذي شاركوا في تمويل التنظيم، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
#NoMoneyForTerror Lutter contre le financement du #terrorisme : à quoi ça sert ?Réponse de François Molins, procureur de la République de Paris pic.twitter.com/HliR438vxM
— France Diplomatie🇫🇷 (@francediplo) April 26, 2018
قبلها بيوم، اجتمع في العاصمة الفرنسية 500 خبير و80 وزيرا من 72 بلدا، وممثلون عن صندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والإنتربول، لبحث "سبل تجفيف منابع تمويل الإرهاب".
وضع المجتمعون قائمة من الالتزامات على الحكومات تطبيقها، مثل تبادل المعلومات ومكافحة إخفاء الهوية في التعاملات المالية، وتحديد مصادر التمويل والالتزام الجماعي تجاه "البلدان الضعيفة أو الفاشلة".
وأطلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على المؤتمر تسمية "ائتلاف باريس"، بعد توقيع 72 دولة على إعلان مشترك بمكافحة تمويل الإرهاب.
لكن هل يكفي وضع قائمة توصيات وقوانين لمراقبة المبادلات المالية وتحديد مصادرها لوضع حد لتمويل الإرهاب؟ الوقائع لا تؤكد ذلك.
قوانين منذ 1989
تتعاون الدول لوقف تمويل الإرهاب منذ 1989. في ذلك العام، أعلنت 37 دولة عن تشكيل "مجموعة العمل المالي" ((FATF وهي هيئة حكومية دولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. أصدرت المجموعة 40 توصية مختلفة في هذا المجال.
ويمكن لمجموعة العمل المالي أن تدرج دولة ما على "القائمة السوداء" في حال وجود "تشريعات قضائية عالية المخاطر" تسمح بتمويل الإرهاب. وإيران على القائمة.
وتدرج المجموعة أيضا دولا على "القائمة الفضية" في حال كانت دولة ما تعمل على تحسين تشريعاتها المالية. ضمن هذه القائمة سورية والعراق.
في سنة 1995، تم تشكيل "مجموعة إيغمونت"، وهي شبكة من وحدات الاستخبارات المالية. من مهامها مراجعة وتحليل وتوزيع البيانات حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
وبعدها بثلاث سنوات، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة المعاهدة الدولية لقمع تمويل الإرهاب. وصدر بالمناسبة قرار مجلس الأمن 1267 لخلق نظام عقوبات بحق حركة طالبان (شمل القاعدة عام 2000).
أما في سنة 2011، أسبوعان فقط بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر، فأصدر مجلس الأمن تحت الفصل السابع قرارا ملزما بمنع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية وتجميد أية أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالا إرهابية (القرار 1373).
وعدلت الدول الأوربية، بين سنتي 2003 و2005، معاهدة مجلس أوروبا لمكافحة الإرهاب التي أقرت سنة 1977، وأدرجت ضمنها إجراءات جديدة لتجفيف منابع تمويل الإرهاب.
أما عند تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش سنة 2014، فتم تشكيل فريق دولي برئاسة إيطالية سعودية أميركية لمحاربة تمويل داعش.
وفي العام التالي، أصدر مجلس الأمن القرار 2253 لتوسيع نطاق العقوبات على داعش ليشمل الجماعات المرتبطة بها.
"لا تتبع المال"
عملت الحكومات على مدى السنوات الماضية جاهدة لمنع الإرهابيين من استخدام النظام المالي العالمي.
لكن مدير المركز الدولي لدراسة التطرف في كينغز كوليدج في لندن، بيتر نيومان، يقول إن الجهود "كانت مكلفة وغير منتجة أحيانا كثيرة".
أصدر نيومان، في آب/أغسطس 2017، تقريراً بعنوان "لا تتبع المال" ينتقد فيه الأساليب التي اعتمدتها الحكومات لمكافحة تمويل الإرهاب طوال الفترة الماضية.
في تقريره، يضرب مثالا عما جرى عقب اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، حيث تم اتخاذ تدابير لتجميد أصول نحو 60 مليون دولار لمرتبطين بالإرهاب.
لكن تجميد الأرصدة وفرض الحظر على جهات وشخصيات معينة أساء إلى شركات وأفراد أبرياء حسب تقرير نيومان، وفشل في احتواء الهجمات الإرهابية التي استمرت بعد 2001 وضربت مناطق مختلفة من العالم.
ويعتبر الباحث الألماني أن القوة المالية التي تمتع بها داعش أثبثت فشل هذه الإجراءات.
فالتنظيم اعتمد بنسبة 90 في المئة على إيرادات من المناطق التي كان يسيطر عليها. وبالتالي لم يكن لتجميد حسابات مرتبطة به أي نتيجة فعلية.
واستولى مقاتلوه على مصارف والمحالات التجارية وسيطروا على ممتلكات الأقليات.
ولم تنحسر القوة المالية لداعش إلا بعد العسكرية التي شنت ضده. ونجحت في خفض أمواله من 1.9 مليار دولار في 2014 إلى مليار دولار في 2016.
لذا يرى نيومان أن الحل الأمثل يكمن في أن تتبنى الحكومات قرارات دبلوماسية وعسكرية تماما مثل ما فعلت مع داعش.