ظاهرة الاحباط في العراق/shutterstock
ظاهرة الاحباط في العراق/shutterstock

أن ترتفع نسبة الإحباط بين الشباب في العراق بسبب الأزمات التي تمر بها البلاد أمر مؤسف لكنه متوقع. لكن الغريب هو أن يصاب الأخصائيون النفسيون بالإحباط والاكتئاب إلى حد "الرغبة بالانتحار أحيانا".

علم النفس لم يحمهم من أمراض المجتمع وأزماته.

تتحدث أستاذة علم النفس في جامعة بغداد شيماء عبد العزيز لموقع (ارفع صوتك)، عن بعض تلك الحالات.

وتقول إن من بين طلابها شابا لجأ إلى العمل في النوادي الليلة، وهناك تأثر كثيرا بالبيئة التي يعمل فيها، وتحول من طالب علم إلى شبه مدمن.

يأتي الطالب إلى حصص الدراسة متأخرا، والسبب كما يذكره لأستاذته هو أن "عملي ينتهي وجه الصباح".

وعندما تحاول الأخيرة تقديم النصح، يكون جوابه "أصدقائي يركبون أحدث السيارات ويلبسون أجمل الملابس، وأنا بالكاد أوفر قوت عائلتي".

حالة أخرى طالبة حاولت الانتحار، والسبب هو الشعور بالإحباط أيضا.

تقول عبد العزيز إن طالبتها تلك من عائلة فقيرة، وفقر عائلتها كان سببا في فسخ خطوبتها وتعرضها لأزمة نفسية.

امتنعت الطالبة عن الاستمرار في الدراسة وأصيبت بالاكتئاب. حاولت الانتحار لكن أستاذتها تدخلت وقدمت لها الدعم المعنوي، وساعدتها في العودة إلى مقاعد الدراسة.

حالات كثيرة

وتؤكد أستاذة علم النفس أن الحالتين أعلاه هما من بين "حالات كثيرة".

وذكرت دراسة أعدها مجموعة من الباحثين بالتعاون مع وزارة الصحة، استناداً إلى تقارير مراكز العلاج النفسي ومستشفى "ابن رشد"، أن نسبة المصابين بهذه الحالة شكلت "90 في المئة من العينات".

وشملت العينات نماذج من جميع فئات الشعب وطبقاته الاجتماعية والوظيفية والعمرية.

وتقول عبد العزيز إن معظم العينات محبطة بسبب عدم وجود فرص عمل، أو بسبب التفاوت المادي بين طبقات المجتمع، إضافة إلى الوضع الأمني.

المراجعون للمستشفيات ومراكز العلاج النفسي بدأوا يقومون بسلوكيات منحرفة للابتعاد عن الواقع والضغوط الحياتية، عبر اللجوء إلى "الإدمان والانعزال والاكتئاب وأحيانا الجريمة"، وفقا لأستاذة علم النفس.

وأكثر الفئات احباطا هم "الشباب". وتشير عبد العزيز إلى أن عمل الشباب في غير اختصاصهم الدراسي، شكّل عاملا مهما في حالات الإحباط لديهم.

النتيجة عنف وإرهاب

ويذهب عضو الجمعية العراقية للباحثين النفسيين يحيى ذياب إلى أن "الخوف من المستقبل في ظل الظروف الحالية عامل رئيسي في زيادة الإحباط".

ونفّذ ذياب الحاصل على الماجستير في علم النفس مع عدد من زملائه جملة تحقيقات استقصائية عن "الإحباط في المجتمع العراقي".

وكانت من ضمن نتيجة تحقيقاتهم أن "الخوف من الحروب الطائفية والحصول على فرصة عمل كان السبب الأبرز في الإحباط لدى شريحة الذكور".

أما الإناث فالمخاوف كانت مختلفة بسبب "بنيتها وتربيتها"، ووصلت مرحلة الإحباط لديهن إلى "درجة الكآبة".

يضاف إلى ذلك "الضغوط والفساد في بيئة العمل لدى الجنسين".

وكانت نسبة الإحباط "70 في المئة لدى فئة الشباب، فيما توزعت باقي النسبة على الفئات الأخرى بينهم الأطفال".

ويحذر ذياب من أن الإحباط قد ينتهي بالرغبة في "العنف حتى درجة الإرهاب".

ويوضح "قد يلجأ الفرد إلى تكسير المواد والعنف اللفظي والجسدي بسبب الإحباط، لكنه قد يصل إلى درجة الجريمة والإرهاب، وهذه نتيجة مرجحة بالنسبة للمحبط".

وهو ما تؤيده أستاذة علم النفس عبد العزيز، موضحة أن "الميل إلى العنف والجريمة نتيجة محتمة، خصوصا للمدمنين، لأنهم يحاولون توفير الأموال من أجل الحصول على جرعات مخدرة".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.