ضابطة من جهاز مكافحة الإرهاب اليمني سنة 2010
ضابطة من جهاز مكافحة الإرهاب اليمني سنة 2010

لا تخفي ياسمين الريمي، وهي ضابطة شرطة يمنية برتبة ملازم ثان، اعتزازها ببزتها العسكرية التي ترتديها منذ 17 عاما.

ياسمين، في منتصف عقدها الرابع، من النساء القلائل اللواتي اقتحمن المؤسسة الأمنية في مجتمع قبلي محافظ لا يروقه عمل النساء.

ومنذ عام 2000، صار بإمكان الفتيات في اليمن الانضمام إلى سلك الشرطة.

لكن دراسة أعدها في 2014 المركز اليمني لقياس الرأي العام، وهو منظمة مدنية محلية، قالت إن 2868 امرأة فقط يعملن في جهاز الشرطة، مقابل قرابة 196 ألف رجل، أي أن النساء يشكلن فقط 1.7 في المئة من مجموع منتسبي الشرطة اليمنية.

ولا توجد إحصائيات جديدة منذ ذلك التاريخ، خاصة أن عمل الأجهزة الأمنية النسائية شبه متوقف بسبب الحرب.

وما يزال الالتحاق بالجيش، في أغلب أجهزته، حكرا على الرجال في اليمن.

سمح اليمن، منذ عام 2000، للنساء بالالتحاق بأسلاك الشرطة

​​​مضايقات أسرية

أثار إعلان الحكومة، قبل 18 عاما، عن إنشاء جهاز للشرطة النسائية في البلاد انتقادات رجال دين وزعماء قبليين بارزين حينها، لكن الحكومة أصرت على المضي قدما في تخريج أول دفعة من الشرطة النسائية في العام التالي.

تخرجت ياسمين ضمن هذه الدفعة من مدرسة الشرطة النسائية نهاية 2001.

تقول "كنت ضمن الدفعة الأولى. لم يكن هناك قبول اجتماعي بالتحاق المرأة بالعمل الأمني. أهلي شجعوني على ذلك.. لكني أعرف زميلات تعرضن لمضايقات أسرية”.

حسب ياسمين، فقد تبرأ أشقاء من شقيقاتهم واعتبروا انضمامهن للشرطة عيبا وعارا.

مع ذلك، تعتقد الضابطة اليمنية أن الوضع الآن أحسن مما كان عليه قبل سنوات. بدأ المجتمع يتقبل شيئا فشيئا.

تقول ياسمين إنها دربت أكثر من 800 فتاة في قطاعات الأمن العام والشرطة العسكرية والأمن القومي ومكافحة الإرهاب، منذ عملها مدربة في مدرسة الشرطة النسائية سنة 2005.

لكن الحرب أوقفت هذا المسار. تؤكد ياسمين أن اليمنيات توقفن عن الالتحاق بالشرطة منذ 2011.

ويقع المركز الرئيسي لمقر مدرسة الشرطة النسائية في العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين.

وكانت توكل للشرطيات في اليمن عادة مهام تتعلق بالنساء، مثل تفتيش النساء في المطارات والمرافق العامة وإثر المداهمات الأمنية.

مكافحة الإرهاب

شاركت النساء في جهود مكافحة الإرهاب في اليمن الذي يحتضن أحد فروع تنظيم القاعدة الأكثر نشاطا.

تقول قبول الصعدي، وهي قائد العنصر النسائي في وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للأمن المركزي بصنعاء، "نفذنا مهاما كثيرة ضد تنظيم القاعدة. عثرنا على أحزمة ناسفة وأسلحة، وأحبطنا مخططات وعمليات إرهابية قبل التنفيذ".

خضعت قبول الصعدي، التي تحمل رتبة نقيب، لدورات تدريبية داخل اليمن وخارجه، على حمل السلاح والمداهمات الأمنية ومكافحة الجريمة المنظمة.

لكن دور شرطيات جهاز مكافحة الإرهاب توقف تماما بسبب الحرب، حسب قبول.

"يقتصر عملنا الآن على مهمات محدودة كالتفتيش في النقاط الأمنية، أو تشكيل حزام أمني في حالة وجود طارئ".

تقول قبول الصعدي إن دور شرطيات جهاز مكافحة الإرهاب صار يقتصر على مهمات محدودة كالتفتيش في النقاط الأمنية

​​وتنتقد هناء الفقيه، 27 عاما، وهي ضابطة برتبة نقيب في قوات الحماية الرئاسية "إهمال الشرطة النسائية وتجميد نشاطها الأمني منذ بدء الحرب الحالية في البلاد"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين التي تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء.

وأسست الجماعة وحدة أمنية نسائية تابعة لها، تحت اسم زينبيات”.

بعد تخرجها من كلية الشرطة، قبل سنوات، انتقلت هناء للعمل ضمن فريق من المجندات بمهمة الحماية الجسدية لرئيس الجمهورية.

"بداية مشوارنا، كان المجتمع يحاربنا بشكل كبير.. تغير الوضع بشكل إيجابي" تقول هناء.

لكن المشكلة في الحرب. هناء متوقفة عن العمل أيضا.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.