تلميذة سورية تنظر عبر ثغرة في جدار مدرسة بمدينة كوباني/ وكالة الصحافة الفرنسية
تلميذة سورية تنظر عبر ثغرة في جدار مدرسة بكوباني عين العرب

عطّل نشاط المنظمات الإرهابية الحركة التعليمية، وأخّر حياة الطلبة لسنوات في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط، العراق وسورية أبرزها.

يوميا، يسلك 900 طفل فلسطيني لاجئ من مخيم اليرموك في سورية طريقهم نحو مدرستهم الواقعة في الجانب الآخر من المخيم، ليجدوا أنفسهم مؤخرا مجبرين على المرور من خلال حاجز يسيطر عليه أفراد تنظيم داعش، يتعارف عليه الناس باسم "نقطة تفتيش الموت".

وبحسب القائمين على مدرستهم التي تديرها وكالة الغوث، فقد كان "حلم هؤلاء الأطفال أن يصبحوا أطباء. إلا أن أفراد داعش يضايقونهم خلال انتظارهم العبور، وأحيانا يصادرون كتبهم. لكنهم يثابرون على الحضور لأن التعليم بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت، هو سلاحهم الوحيد".

عاد الفرح إلى الطلاب منذ فترة قريبة عقب إغلاق "نقطة تفتيش الموت" إلا أنه لم يكتمل. فقد عادت النقطة للعمل بعد أسبوعين من إغلاقها.

نظرا لعودة نقطة التفتيش الداعشية، قرر معظم الأطفال الـ900 اتخاذ أقسى القرارات بالنسبة لسنهم الصغير والانتقال للعيش في الجانب الآخر من المخيم بالقرب من مدرستهم، بعيدا عن أهاليهم، على أمل التخلص من كابوس قطاع الطرق العاملين في "نقطة الموت"، الذين يعرقلون وصولهم إلى مدرستهم دائما.

وفرض تنظيم داعش سيطرته على مساحات واسعة من مخيم اليرموك منذ دخول مسلحيه المخيم عام 2015. وكان يسكنه 160 ألف لاجئ فلسطيني حينها، كتب على عدد كبير منهم خوض تجربة اللجوء مرة أخرى.

ويلتحق بالمدرسة حاليا 48 ألف لاجئ فلسطيني في سورية، كان عددهم 60 ألفا قبيل احتدام الحرب. لا يشكلون سوى العينة الصغرى من المشهد الواسع للأزمة السورية التي تسببت بانقطاع ملايين الطلبة عن دراستهم، وعن طموحاتهم ومستقبلهم.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، فقد شهد عام 2017 وحده 67 هجوما على مدارس في سورية وعاملين فيها.

وأصدرت يونيسف هذا الأسبوع تقريرا يؤكد وجود أكثر من مليوني طفل في سن الدراسة في سورية غير ملتحقين بالمدارس. وواحدة من كل ثلاث مدارس لا يمكن استخدامها إما لأنها متضررة أو مدمرة أو لأنها أصبحت مأوى للعائلات المشردة أو تستخدم لغايات عسكرية.

وأكثر من 5.6 ملايين شخص، بمن فيهم 2.7 مليون طفل، يعيشون كلاجئين مسجلين في مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا منذ بدء النزاع.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.