غادر مئات الآلاف من الطلبة السوريين مقاعد الدارسة بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات. اليونيسف تقول إن 2.8 مليون طفل سوري محرمون من التعليم.
محمد، 16 عاما، ترك المدرسة منذ ثلاث سنوات، ويعمل في صيدلية في منبج بريف حلب الشرقي. لو استمر في المدرسة، لكان محمد الآن في الصف الأول الثانوي.
أما رؤى، 14 عاما، فأضاعت سنة كاملة من دراستها بعد أن توقف أهلها عن إرسالها إلى المدرسة خلال سيطرة داعش على ريف حلب الشرقي. هي الآن في الصف السابع.
مدارس تحت القصف!
في منتصف العام الماضي، أصدرت وحدة تنسيق الدعم السورية، وهي منظمة سورية غير حكومية، دراسة عن وضع التعليم في البلاد.
شملت الدراسة 10 محافظات سورية، ووجدت أن من بين 3373 مدرسة هناك 252 مدمرة بشكل كلي و1252 مدمرة بشكل جزئي، إضافة إلى الكثير من المدارس التي تستخدم كملاجئ أو مشاف ميدانية أو مقرات عسكرية.
وتقول اليونيسف إن واحدة من كل ثلاث مدارس في سورية لا يمكن استخدامها.
ويعاني الطلاب السوريون أوضاعا صعبة، أكثر من ثلثهم لا يملكون كتبا مدرسية. وتجاوزت الحاجة 200 ألف نسخة من المنهاج الدراسي، حسب وحدة تنسيق الدعم السورية.
ودعت اليونيسيف مرارا إلى تجنيب المدارس ويلات الحرب الدائرة في سورية.
وجاءت آخر مطالبها، في آذار/مارس، بعدما تعرضت مدرسة في إدلب لغارة جوية، الأمر الذي أدى لهروب الأطفال لمبنى قريب تعرض هو أيضا لغارة تسببت في مقتل 17 طفلا.
وحسب يونيسف، شهد عام 2017 وحده 67 هجوما على مدارس في سورية وعاملين فيها.
"دورات خاصة"
دفعت الحرب العائلات السورية إلى التعاقد مع مدرسين خصوصيين، من أجل حصص تعليمية إضافية لأطفالهم.
تقول كفاء، والدة رؤى، بالهاتف من ريف حلب "في العادة، نسجل أطفالنا في عمر رؤى بالدورات الخاصة بعد سنة من هذا الوقت، تحضيرا لامتحان الصف التاسع. لكن الظروف التي تعرضنا لها في السنوات الأربع الماضية، جعلتنا نفكر في وضع طفلتنا مبكرا بهذه الدورات".
وتتلقى رؤى دروسا خاصة في اللغة الإنكليزية.
وباثت "الدورات الخاصة" معتادة في سورية بسبب الحرب. يعتبرها المدرسون مصدر دخل إضافي، ويراها الأهالي وسيلة مناسبة لتعويض أطفالهم عن الانقطاع عن الدراسة.
يقول عبد الرحمن، 37 عاما، وهو معلم في ريف حلب، إنه "يعتمد على الدورات الخاصة في تحصيل قوته".
وصارت رواتب المعلمين تعادل 30 دولارا أميركيا شهريا، بعدما كانت تقدر بنحو 500 دولار قبل 2011.
ويلقي عبد الرحمن باللوم على الحرب في "تشتيت الطلبة" وانقطاعهم عن المدرسة.
ويقول أيضا إن ظهور تنظيمات متشددة مثل داعش "كان له دور في انقطاع عشرات الآلاف من الطلاب عن الدراسة، وخاصة في مناطق ريف حلب والرقة ودير الزور وريف الحسكة التي سيطر عليها التنظيم لفترة طويلة".
في مدارس تركيا
لجأ قرابة ثلاثة ملايين سوري إلى تركيا منذ عام 2011.
جود، البالغ من العمر 11 عاما، يدرس في مدرسة تركية بمدينة غازي عنتاب جنوب البلاد.
يقول والده إنه أرسله إلى تركيا بعد دخول داعش إلى ريف حلب.
"أرسلت أولادي إلى تركيا للاستقرار هناك بعيدا عن الخطر المفروض على الشباب هنا في المنطقة. الآن جود يدرس في مدرسة تركية ويتعلم اللغة"، يقول الأب السوري.
ويضيف "هذه أفضل الخيارات الممكن اتخاذها في مثل هذه الظروف".
ويوجد في تركيا نحو 900 ألف طالب سوري دون المرحلة الجامعية.
ويقول جلال الحوس، وهو أستاذ سوري في مدرسة تركية بغازي عنتاب: "مستقبل عشرات آلاف الطلاب السوريين بات في تركيا ودول الجوار وأوروبا. أعتقد أن الأمر سيمضي نحو تجنيس هؤلاء الطلاب ليصبحوا مواطنين".
ومع ازدياد عدد الطلبة السوريين النازحين واللاجئين، بدأت "الحكومة السورية المؤقّتة"، سنة 2013، بإنشاء "مراكز التعليم المؤقتة" في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة وفي تركيا.
وتدرس هذه المدارس مناهج وضعها الائتلاف الوطني المعارض. وبلغ عددها 320 مركزا.
لكن الحكومة التركية تسير منذ عام في اتجاه دمج الطلبة السوريين في مدارسها الحكومية التي تدرّس اللغة التركية وثقافة وتاريخ البلاد.
وحسب تصريحات سابقة لوزير التربية والتعليم في حكومة المعارضة عماد برق لـ(ارفع صوتك)، يتوقع دمج جميع الطلاب السوريين في المدارس التركية بنهاية عام 2019، ما يعني عمليا نهاية دور وزارة التعليم والمراكز المؤقتة.