طفل سوري قبل الدخول إلى مدرسته في الغوطة الشرقية نهاية سنة 2014
طفل سوري قبل الدخول إلى مدرسته في الغوطة الشرقية نهاية سنة 2014

غادر مئات الآلاف من الطلبة السوريين مقاعد الدارسة بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات. اليونيسف تقول إن 2.8 مليون طفل سوري محرمون من التعليم.

محمد، 16 عاما، ترك المدرسة منذ ثلاث سنوات، ويعمل في صيدلية في منبج بريف حلب الشرقي. لو استمر في المدرسة، لكان محمد الآن في الصف الأول الثانوي.

أما رؤى، 14 عاما، فأضاعت سنة كاملة من دراستها بعد أن توقف أهلها عن إرسالها إلى المدرسة خلال سيطرة داعش على ريف حلب الشرقي. هي الآن في الصف السابع.

مدارس تحت القصف!

في منتصف العام الماضي، أصدرت وحدة تنسيق الدعم السورية، وهي منظمة سورية غير حكومية، دراسة عن وضع التعليم في البلاد.

شملت الدراسة 10 محافظات سورية، ووجدت أن من بين 3373 مدرسة هناك 252 مدمرة بشكل كلي و1252 مدمرة بشكل جزئي، إضافة إلى الكثير من المدارس التي تستخدم كملاجئ أو مشاف ميدانية أو مقرات عسكرية.

وتقول اليونيسف إن واحدة من كل ثلاث مدارس في سورية لا يمكن استخدامها.

ويعاني الطلاب السوريون أوضاعا صعبة، أكثر من ثلثهم لا يملكون كتبا مدرسية. وتجاوزت الحاجة 200 ألف نسخة من المنهاج الدراسي، حسب وحدة تنسيق الدعم السورية.

ودعت اليونيسيف مرارا إلى تجنيب المدارس ويلات الحرب الدائرة في سورية.

وجاءت آخر مطالبها، في آذار/مارس، بعدما تعرضت مدرسة في إدلب لغارة جوية، الأمر الذي أدى لهروب الأطفال لمبنى قريب تعرض هو أيضا لغارة تسببت في مقتل 17 طفلا.

وحسب يونيسف، شهد عام 2017 وحده 67 هجوما على مدارس في سورية وعاملين فيها.

"دورات خاصة"

دفعت الحرب العائلات السورية إلى التعاقد مع مدرسين خصوصيين، من أجل حصص تعليمية إضافية لأطفالهم.

تقول كفاء، والدة رؤى، بالهاتف من ريف حلب "في العادة، نسجل أطفالنا في عمر رؤى بالدورات الخاصة بعد سنة من هذا الوقت، تحضيرا لامتحان الصف التاسع. لكن الظروف التي تعرضنا لها في السنوات الأربع الماضية، جعلتنا نفكر في وضع طفلتنا مبكرا بهذه الدورات".

وتتلقى رؤى دروسا خاصة في اللغة الإنكليزية.

وباثت "الدورات الخاصة" معتادة في سورية بسبب الحرب. يعتبرها المدرسون مصدر دخل إضافي، ويراها الأهالي وسيلة مناسبة لتعويض أطفالهم عن الانقطاع عن الدراسة.

يقول عبد الرحمن، 37 عاما، وهو معلم في ريف حلب، إنه "يعتمد على الدورات الخاصة في تحصيل قوته".

وصارت رواتب المعلمين تعادل 30 دولارا أميركيا شهريا، بعدما كانت تقدر بنحو 500 دولار قبل 2011.

ويلقي عبد الرحمن باللوم على الحرب في "تشتيت الطلبة" وانقطاعهم عن المدرسة.

ويقول أيضا إن ظهور تنظيمات متشددة مثل داعش "كان له دور في انقطاع عشرات الآلاف من الطلاب عن الدراسة، وخاصة في مناطق ريف حلب والرقة ودير الزور وريف الحسكة التي سيطر عليها التنظيم لفترة طويلة".

في مدارس تركيا

لجأ قرابة ثلاثة ملايين سوري إلى تركيا منذ عام 2011.

جود، البالغ من العمر 11 عاما، يدرس في مدرسة تركية بمدينة غازي عنتاب جنوب البلاد.

يقول والده إنه أرسله إلى تركيا بعد دخول داعش إلى ريف حلب.

"أرسلت أولادي إلى تركيا للاستقرار هناك بعيدا عن الخطر المفروض على الشباب هنا في المنطقة. الآن جود يدرس في مدرسة تركية ويتعلم اللغة"، يقول الأب السوري.

ويضيف "هذه أفضل الخيارات الممكن اتخاذها في مثل هذه الظروف".

ويوجد في تركيا نحو 900 ألف طالب سوري دون المرحلة الجامعية.

ويقول جلال الحوس، وهو أستاذ سوري في مدرسة تركية بغازي عنتاب: "مستقبل عشرات آلاف الطلاب السوريين بات في تركيا ودول الجوار وأوروبا. أعتقد أن الأمر سيمضي نحو تجنيس هؤلاء الطلاب ليصبحوا مواطنين".

ومع ازدياد عدد الطلبة السوريين النازحين واللاجئين، بدأت "الحكومة السورية المؤقّتة"، سنة 2013، بإنشاء "مراكز التعليم المؤقتة" في مناطق سيطرة المعارضة المسلحة وفي تركيا.

وتدرس هذه المدارس مناهج وضعها الائتلاف الوطني المعارض. وبلغ عددها 320 مركزا.

لكن الحكومة التركية تسير منذ عام في اتجاه دمج الطلبة السوريين في مدارسها الحكومية التي تدرّس اللغة التركية وثقافة وتاريخ البلاد.

وحسب تصريحات سابقة لوزير التربية والتعليم في حكومة المعارضة عماد برق لـ(ارفع صوتك)، يتوقع دمج جميع الطلاب السوريين في المدارس التركية بنهاية عام 2019، ما يعني عمليا نهاية دور وزارة التعليم  والمراكز المؤقتة.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.