| Source: Courtesy Image

بقلم حسونة بعيشو:

حتى بداية عام 2015 لم يكن هناك إجماع بين القوى السياسية في ليبيا على وجود عناصر متطرفة وتنظيمات إرهابية تعمل بشكل منظم داخل البلاد. لكن مسلسل الاغتيالات الذي شهدته مدينة بنغازي منذ 2011، وما تلاه من عمليات انتحارية ممنهجة ضد التجمعات الأمنية، لم يترك مجالا للشك في حقيقة وجود الإرهاب في ليبيا.

وجاء إعلان داعش نشاطه في مدينة سرت غرب ليبيا، ليؤكد أن جزءا من التراب الليبي صار خاضعا لتنظيم إرهابي.

في الثاني من مايو / آيار الماضي، أعلن التنظيم المتطرف في بيان رسمي مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف المفوضية الليبية العليا للانتخابات، في وقت تبدو فيه العملية السياسية متعثرة وسط استعداد الليبيين لخوض انتخابات تشريعية جديدة قبل نهاية العام.

لكن داعش ليس التنظيم الإرهابي الوحيد في ليبيا، فيما يلي خارطة بأهم الجماعات المتشددة التي نشطت في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، وأماكن تواجدها، وقادتها، والعمليات التي نفذتها.

داعش

تم أول إعلان عن وجود تنظيم داعش في ليبيا من مدينة درنة في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2014 وذلك بعد مبايعة "مجلس شورى شباب الإسلام" للتنظيم، واعتراف أبي بكر البغدادي بانضمام أقاليم برقة وطرابلس وفزان الليبية إلى "أرض الخلافة".

 لم تستمر سيطرة داعش على درنة طويلا، لكنه عوض خسارتها لها بالسيطرة على مدينة سرت التي احتلها لأكثر من سنة. وفي كانون الأول/ديسمبر عام 2016، أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج نجاح عملية "البنيان المرصوص" وطرد داعش من المدينة. ومنذ ذلك الحين، تضاربت الأنباء حول مصير من تبقى من عناصر داعش وأماكن وجودهم. 

قاد داعش في ليبيا خلال الفترة الماضية، جهاديون من لييبيا وتونس والسعودية واليمن. واستخدم مقاتلوه القناصة والألغام والسيارات المفخخة في تنفيذ عملياتهم التي استهدفت أساسا البنية التحتية الأساسية للطاقة، والأهداف ذات القيمة العالية التي يرتادها الأجانب مثل الفنادق والسفارات، وكذلك الليبيين والعمال المغتربين في ليبيا.

في شباط/فبراير 2015، بث التنظيم شريطا يظهر عملية إعدام لـ21 رهينة معظمهم من الأقباط المصريين. وهو ما شكل صدمة على المستوى الدولي حينها. بعدها بشهرين، بث شريطا ثانيا يظهر إعدام 28 شخصا قال إنهم إثيوبيون مسيحيون.  

 

مجلس شورى ثوار بنغازي

ظهر هذا الكيان المسلح عام 2014 كرد فعل على عملية "الكرامة" التي أعلنها اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وهو يتكون من مجموعة من الميليشيات الإسلامية التي ينتمي بعضها منهجيا للقاعدة، كأنصار الشريعة ودرع ليبيا وكتيبة 17 فبراير وكتيبة عمر المختار وكتيبة راف الله السحاتي.

وبالرغم من عدم مبايعة مجلس شورى ثوار بنغازي لتنظيم داعش، إلا أنه أصدر في كانون الأول/ديسمبر 2015 بيانا دعا فيه داعش لـ“نبذ الفتن وتوحيد الصفوف" ضد قوات حفتر.

فقد هذا التنظيم عددا كبيرا من منتسبيه وقادته خلال ثلاث سنوات من المعارك المستمرة ضد قوات حفتر، مما اضطر أعضاءه إلى الهروب، خاصة بعدما أعلن حفتر سيطرته الكاملة على مدينة بنغازي في يوليو 2017.

من أهم قادة مجلس شورى ثوار بنغازي إسماعيل الصلابي (قتل)، وسام بن حميد (قتل)، محمد الدرسي، وجلال مخزوم.

تركز مسرح عمليات مجلس شورى ثوار بنغازي في المنطقة الشرقية، حيث كانت أغلب العمليات تستهدف قوات الأمن. وتتهم مجموعة أنصار الشريعة، المكون الأساسي لمجلس شورى ثوار بنغاري، بالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي ومقتل السفير الأميركي كريستوفر ستيفينز في أيلول/سبتمبر 2012. وقد أدرجت الولايات المتحدة أنصار الشريعة على قائمة الإرهاب.

 

سرايا الدفاع عن بنغازي

جماعة إسلامية مسلحة أنشئت في حزيران/يونيو 2016 لغرض دعم القوات المعارضة لقوات حفتر. وأشارت في بيانها التأسيسي عن عدم تبعيتها لأي تنظيم وأن مرجعتيها تعود لدار الإفتاء الليبية بقيادة مفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني. تم الإعلان عن حل هذه الميليشيا بعد عام في تموز/يونيو 2017.

اعتمدت على عمليات الكر والفر أثناء مواجهتها مع قوات حفتر. ولم يكن لها عمليات كبيرة سوى سيطرتها المحدودة على حقول النفط في آذار/مارس عام 2017.

اتخذت سرايا الدفاع عن بنغازي من مدينة الجفرة، جنوب البلاد، مركزا لانطلاق عملياتها العسكرية والتي كان أغلبها في منطقة الهلال النفطي.

 

  • مجلس شورى مجاهدي درنة

مجلس شورى مجاهدي درنة عبارة عن تحالف بين قوات إسلامية مسلحة ظهر في نهاية 2014. وهو يضم كتيبة أنصار الشريعة بدرنة وكتيبة شهداء أبو سليم وكتيبة جيش الإسلام. وفي تموز/يوليو 2015، أعلن التنظيم في بيان رسمي له عن عدم انتمائه لأية جماعة أو تنظيم داخل البلاد أو خارجها.

وعمل مع قوات حفتر على طرد مجلس شورى شباب الإسلام من مدينة درنة بعد مبايعته تنظيم داعش في تشرين الأول/أكتوبر 2014. استطاع بعد ذلك السيطرة على مدينة درنة، إلا أن الهدنة مع حفتر لم تستمر فقد فرضت قواته حصارا متقطعا على درنة منذ شباط/فبراير 2015 إلى الآن.

يمتلك هذا التنظيم معدات مضادة للدبابات والطائرات، وهو متهم بتنفيذ عمليات إعدام وبانتهاكات لحقوق الإنسان داخل درنة.  

 

  • جماعة نصرة الإسلام والمسلمين

جماعة إسلامية مسلحة ظهرت في آذار/مارس 2017 وهي تتكون من مجموعة فصائل مسلحة منتشرة في ليبيا منذ 2011، وهي جماعة أنصار الدين - فرع الصحراء ضمن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي - والمرابطون وجبهة تحرير ماسينا.

لا ينتشر هذا التنظيم في الأراضي الليبية فقط، بل في مالي أيضا. ورغم أنه يستغل مناطق انتشاره غرب ليبيا للتدريب والإعداد، إلا أن كل العمليات التي شارك فيها وقعت خارج الحدود الليبية. من أهم قادته إياد أغ غالي، وهو من مالي ومختار بن مختار (جزائري)

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.