يحملن أطفالهن وبعضهن يمسكن بأيدي أبنائهن الصغار، وهن يقفن خلف قفص الاتهام في المحكمة.
المحكمة الجنائية المركزية العراقية، تحقق وتصدق وتحاكم 29 امرأة من جنسيات مختلفة، معظمهن من دول شمال ووسط آسيا.
يوجه القاضي أسئلته التي تتعلق بكيفية دخولهن إلى العراق، وإذا كانت الواحدة منهن تتسلم كفالة من عناصر تنظيم داعش بعد مقتل أزواجهن.
تجمع أغلبهن على أنهن "لم يعلمن بوجودهن داخل العراق إلا بعد فترة زمنية".
من بين المتهمات ماريانا وهي من جنسية روسية، وكانت تحمل طفلا صغيرا.
تقول إنها مسيحية اعتنقت الإسلام مع زوجها الذي قتل بغارة شنتها طائرات التحالف الدولي في الموصل.
ذهبت ماريانا إلى تركيا للعيش هناك، لكن زوجها قال لها إن "المعيشة مكلفة في تركيا.. فانتقلنا لكنني لم أعرف أننا في العراق"، وفقا لما يرويه القاضي.
وصدرت في العراق خلال الأشهر القليلة الماضية أحكاما مختلفة بينها الإعدام، طالت نساء أجنبيات أدن بالانتماء إلى تنظيم داعش وتوفير الدعم اللوجستي له، كان آخرها في 26 نيسان/أبريل الماضي، حيث أصدرت المحكمة الجنائية المركزية في بغداد أحكاماً "بالإعدام شنقاً حتى الموت بحق خمس مدانات، تحمل اثنتان منهن الجنسية الآذرية، وثلاث أخريات من دولة قرغيزستان، لانتمائهن لتنظيم داعش الإرهابي، عن قيامهن بالاشتراك في عمليات إجرامية ضد القوات العراقية".
وأضاف بيان للمتحدث باسم المحكمة، القاضي عبد الستار البيرقدار، أن "أحكاماً بالسجن المؤبد صدرت بحق خمس مدانات بالإرهاب تحمل اثنتان منهن الجنسية الروسية فضلا عن مدانتين تحملان الجنسية الآذرية وواحدة فرنسية الجنسية".
وأشار بيرقدار إلى أن "الأحكام صدرت وفقاً للمادة الرابعة/1 من قانون مكافحة الإرهاب العراقي".
الموقف من الأطفال
وبصدور قرارات المحكمة، حسم موضوع الأمهات، لكن ماذا عن أطفالهن؟
قانون "أصول المحاكمات الجنائية" رقم (23) لعام 1971، تعامل مع هذا الجانب.
وتنص المادة "287"، من هذا القانون في فقرتيها:
آ – إذا وجدت المحكوم عليها حاملاً عند ورود الأمر بالتنفيذ فعلى إدارة السجن إخبار رئيس الادعاء العام ليقدم مطالعته إلى وزير العدل، بتأجيل تنفيذ الحكم أو تخفيفه، ويقوم وزير العدل برفع هذه المطالعة إلى رئيس الجمهورية. ويؤخر تنفيذ الحكم حتى يصدر أمر مجددا من الوزير استناداً إلى ما يقرره رئيس الجمهورية. وإذا كان الأمر المجدد يقضي بتنفيذ عقوبة الإعدام فلا تنفيذ إلا بعد مضي أربعة أشهر على تاريخ وضع حملها سواء وضعت قبل ورود هذا الأمر أم بعده.
ب – يطبق حكم الفقرة (آ) على المحكوم عليها التي وضعت حملها قبل ورود الأمر بالتنفيذ ولم تمض أربعة أشهر على تاريخ وضعها. ولا تنفذ العقوبة قبل مضي أربعة أشهر على تاريخ وضعها ولو ورد الأمر المجدد بالتنفيذ.
وتوضح أستاذة القانون الجنائي في جامعة بغداد بشرى العبيدي أن النظام القضائي يتعامل مع الأطفال وفق التالي:
-إذا كان الطفل عراقيا ومن أب معروف، فيسلم إلى من تبقى من ذويه، أو إلى شخص ترشحه المحكومة (والدته).
-إذا ولد الطفل في العراق وهو مجهول الوالد، يسلم إلى دور رعاية دولة ويمنح الجنسية العراقية، ويعامل معاملة الأطفال "الكرماء".
-إذا كان الطفل من أبوين أجنبيين معروفين، فيسلم إلى حكومة دولة أحد الوالدين، وتتكفل وزارة الخارجية بذلك.
-إذا كانت الأم حاملا، أو مرضعا، فصدور الحكم يؤجل حتى يصبح عمر الطفل ثلاث سنوات.
مجلس الأمن
أما عن الوضع القانوني الدولي للأحكام الصادرة في العراق، فقد اعتمد مجلس الأمن الدولي في أيلول/سبتمبر العام الماضي وبالإجماع، القرار رقم (2379) حول محاسبة تنظيم داعش عن الجرائم التي ارتكبها في العراق بما في ذلك التي قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
موقف الحكومات
وتحاول حكومات دول المحكومين الأجانب، وخصوصا النساء اللاتي برفقتهن أطفال، التواصل معهن في السجون لغرض التحقق، ومن ثم اتخاذ الإجراءات.
وذكر مصدر حكومي لموقع (ارفع صوتك) أن "سفارات بعض الدول، وخصوصا في دول المحيط الروسي، بعثوا بلجان للتعرف على هؤلاء، وإذا تم إثبات مرجعية الأطفال لدولهم وفق وثائق رسمية، يتم تسليمهم".
وأضاف أن "جميع الأطفال ما زالوا تحت وصاية الحكومة العراقية".
ووفقا لوكالة نوفوستي الروسية، فإن معطيات مفوضية حقوق الأطفال في روسيا، تفيد أن "نحو 350 طفلا روسيا، معظمهم من الشيشان وداغستان، سبق أن أخرجهم ذووهم في السنوات الأخيرة إلى مناطق ساخنة في الشرق الأوسط".