شارك المراسل الصحافي فراس كيلاني في تغطية عشرات المعارك التي شنت ضد التنظيمات المسلحة وداعش، في ليبيا والعراق وسورية منذ بدايتها، لكن معركة تحرير الموصل كادت أن تكون الأخيرة التي يشارك فراس في تغطيتها.
"كنا نرافق قوة من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي في الموصل، حينما انفجرت سيارة مفخخة علينا" يقول فراس.
السيارة استهدفت فريق "بي بي سي" الذي يرأسه فراس، وفريقا خاصة من قوة مكافحة الإرهاب، قبل أن تنفجر السيارة، يظهر شريط فيديو نشرته القناة البريطانية الجنود مسترخين نوعا ما. أدى الانفجار إلى مقتل عدد من الجنود.
يقول فراس إنه "خلال الثلاث السنوات الماضية لم أتعرض إلى تهديد الموت المباشر، رغم خطر المناطق التي كان يعمل فيها قصصه الإخبارية، باستثناء مرة واحدة" وكانت هذه المرة في الموصل.
خلال الإثني عشر شهرا الأخيرة، قتل تسعة صحفيين، وجرح 16 آخرون. غالبيتهم العظمى من العراقيين، بحسب مرصد الحريات الصحفية العراقي.
وخلال معارك التحرير التي خاضتها القوات العراقية ضد داعش، لقي عشرات الصحفيين العراقيين مصرعهم، بنيران داعش أو بمفخخات او ألغام.
السبب لايعود إلى أن الصحفيين العراقيين أكثر من أقرانهم الأجانب في ساحات المعركة، فالأعداد متقاربة (لاتوجد إحصاءات رسمية).
التدريب الصحفي
تقدم المؤسسات الصحفية الكبيرة تدريبات مكثفة لصحفييها، خاصة العاملين في مناطق خطرة.
يقول كيلاني أنه يحرص قبل التوجه لأي مكان على دراسة مداخله وخارجه، حتى يتمكن "من الهرب في حال الخطر، وكذلك ديمغرافية المكان وكيف يفكر المجتمع هناك وتقاليده".
"الكثير من الصحفيين قتلوا بسبب سوء تقديراتهم الشخصية، لم يهتموا ببديهيات تلافي الخطر وهذا يضع المؤسسات الإعلامية العراقية والعربية أمام مسؤولية فقدان صحافييها، لأنها لا تقدم دورات تدريبية لهم، على عكس ما هو موجود في المؤسسات الغربية".
يؤيد مرصد الحريات الصحفية العراقي رأي فراس، إذ يقول في بيانه الأخير أن "زجّ الصحفيين في تغطية المعارك دون توفير مستلزمات الحماية أو التدريب على الوقاية من الاستهداف، تسبب بتعريض حياة عدد كبير منهم إلى الخطر".
لكن مدير قناة السومرية العراقية عمار طلال يقول إنه "بسبب أن المعركة تجري في بلدهم، فإن حماس الصحفيين يدفعهم للتقدم مع القوات الأمنية، وهذا يجعلهم في موضع خطر".
يرى عمار إن إدارات المؤسسات الإعلامية تقوم بما يكفي "نهتم دائما وننبه عاملينا للابتعاد عن مناطق الخطر التي يكون فيها احتمال القتل كبيرا".
فقدت قناة السومرية مصورها علي ريسان أثناء تغطية عمليات تحرير الموصل، كما أصيب مصورها خليل إسماعيل في محافظة الأنبار.
يؤكد طلال "نقدم دورات للصحفيين، لكنها دورات داخل القناة وليست دولية".
تكون "دورات داخل القناة" عادة اجتماعا يوصي فيه مدراء التحرير مراسليهم بالابتعاد عن مناطق الخطر، لكن من دون تقديم تدريبات سلامة فعلية، أو اسعافات أولية، أو تقييم مخاطر.