"يستتاب.. فإن تاب وإلا قتل"، تتردد هذه العبارة أكثر من مرة في كتب ابن تيمية.
أحيانا، في قضايا هامشية يعتبرها الفقهاء من فروع الدين مثل الجهر بالنية في الصلاة.
وجدت في #مكتبة #أمي مجموعة من مجلدات لفتاوى #ابن_تيمية أخذت أول مجلد قرأت أول فتوى وجدته يفتي بقتل من يصر على الجهر بالنية في بداية #الصلاة
— محمد جبلي (@Jabaliov) April 25, 2014
يقول ابن تيمية في أحد أشهر كتبه (الفتاوى الكبرى) "الجهر بلفظ النية ليس مشروعا.. ومن ادعى أن ذلك دين الله وأنه واجب، يجب تعريفه الشريعة واستتابته من هذا القول. فإن أصر على ذلك قتل".
النية هي نية الصلاة التي تسبق تكبيرة الإحرام.
ما يراه ابن تيمية يستوجب القتل، يقول علماء آخرون إنه "ليس بدعة ولا حراما"، بل هو "مشروع" وحتى "مستحب".
عبد الرحمن الجزيري، الفقيه الأزهري (توفي سنة 1941)، يقول إن التلفظ بالنية جائز باتفاق الشافعية والحنابلة والمالكية، "لأن في ذلك تنبيها للقلب".
علماء السلفية اليوم ما يزالون يعتبرون الأمر "بدعة"، لكن لا أحد منهم يفتي بما قاله ابن تيمية قبل سبعة قرون بقتل المصر على الجهر بالنية.
فتاوى الفروع
توجد في كتب ابن تيمية عشرات الفتاوى أفتى فيها بالقتل في مسائل فقهية جزئية، كان بعضها خلافيا بين الفقهاء أنفسهم.
في إحدى فتاواه، يقول "من أخر الصلاة لصناعة أو صيد أو خدمة أستاذ (..) حتى تغيب الشمس وجب عقوبته بل يجب قتله عند جمهور العلماء بعد أن يستتاب".
وعن التكبير بعد ختم بعض سور القرآن، قال "من ظن أن التكبير من القرآن فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل".
ورغم الخلاف الفقهي الشاسع بين فقهاء المسلمين حول "مكان الله"، أفتى ابن تيمية بقتل من لم يقل بأنه "في السماء".
واستشهد في "مجموع الفتاوى" بقول الفقيه الشافعي ابن خزيمة (القرن الثالث)، واصفا إياه بإمام الأئمة، "من لم يقل: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ثم ألقي على مزبلة".
ويؤمن الأشعرية والماتريدية، وهم في الواقع أغلبية المسلمين، بأن "الله لا يحويه مكان ولا يحده زمان؛ لأن المكان والزمان مخلوقان"، كما أفتت بذلك دار الإفتاء المصرية قبل عامين.
في المقابل، يؤمن السلفية بأنه "لا شك أن الله سبحانه وتعالى في السماء"، كما ورد في فتوى للشيخ الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في السعودية.
ويؤمن كل طرف أن موقفه "من ثوابت العقيدة عند المسلمين"، وأنه حاصل على "إجماع أهل السنة والجماعة".
لكن بغض النظر عن الموقف العقدي للطرفين، يقول الداعية السعودي حسن المالكي إن ابن تيمية أعطي بفتواه الضوء الأخضر لاتباعه بأنه "إذا استقويتم وكانت لكم دولة فاقتلوا جميع علماء الاشاعرة وموافقيهم".
4طبعاً الفتوى تتناول كل الأمة إلا همالأشاعرة والمعتزلة والزيدية والإباضية والإمامية والظاهرية كل هؤلاء يجب قتلهم وإلقاؤهم على المزابل!
— حسن فرحان المالكي (@HsnFrhanALmalki) September 18, 2014
ولم يتردد ابن تيمية في تكفير من قال بخلق القرآن، وهي الفكرة التي دافع عنها المعتزلة في القرن الثاني الهجري وتبناها الخليفة العباسي المأمون، وامتحن بسببها كثيرا من الفقهاء على رأسهم أحمد بن حنبل.
تساهل في التكفير
مع هذا، يعتقد الداعية والمفكر الإسلامي عدنان إبراهيم إن ابن تيمية "كان متساهلا في التكفير".
ويقول الفقيه المغربي إسماعيل المرابط إن ابن تيمية "أصدر أحكامه في المسائل المعروضة عليه، وأغفل الكثير من الحقائق الثابثة في الدين وأبرزها قاعدة عدم الإكراه في الدين، والترغيب ونبذ الترهيب".
وبدوره، يقول أبو القاسم المغاري، وهو فقيه وباحث مغربي في العلوم الشرعية، إن ابن تيمية بالغ في التجزيء والتركيز على فروع الفقه.
ويؤكد المغاري أنه "ليس من العدل أن يحكم شخص على أمة كاملة بالكفر والقتل، إذا ما اعتقدت شيئا يخالف ما يعتقده الفقيه".
وتسببت أراء ابن تيمية في سجنه لمرات عديدة. وجرت عليه انتقادات واسعة من كبار الفقهاء، كتقي الدين السبكي وابن حجر العسقلاني، وابن حجر الهيتمي.