رغم أن تأثير الإرهاب على الاقتصاد العالمي انخفض بعد 2014، إلا أنه ما زال مكلفا جدا: 84 مليار دولار سنة 2016.
رغم أن تأثير الإرهاب على الاقتصاد العالمي انخفض بعد 2014، إلا أنه ما زال مكلفا جدا: 84 مليار دولار سنة 2016.

من جنوب شرق آسيا إلى آسيا الوسطى مرورا بالشرق الأوسط، أحد أكبر البؤر سخونة في العالم إلى أوروبا الغربية وأميركا، يخوض العالم حربا مكلفة ضد الإرهاب الذي يخلف يوميا عشرات الضحايا وخسائر بملايين الدولارات.

في كانون الثاني/يناير الماضي، كشفت دراسة أعدها "معهد واتسون" للشؤون الدولية بجامعة براون الأميركية (ولاية رود أيلاند) أن كلفة الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأميركية ضد الإرهاب، بعد 11 أيلول/سبتمبر، في أفغانستان والعراق وباقي بقع التوتر في العالم، كلفت الخزينة الأميركية 5.6 تريليون دولار.

وخلال العقد الأخير، انتقل متوسط تكاليف الإٍرهاب في العالم من 15 مليار دولار سنويا إلى 70 مليار بسبب اتساع رقعة العمليات الإرهابية خصوصا في الشرق الأوسط، يقول تقرير شاركت في إعداده مؤسسات دولية بينها وزارة الامن الأميركية وجامعة ميرلاند.

في عام 2000، كبد الإرهاب الاقتصاد العالمي خسائر بثماني مليارات دولار. أما في عام في 2014، الذي شهد أوج تنظيم داعش، فوصلت الخسائر إلى 104 مليارات.

ورغم انخفاض تأثير الإرهاب على الاقتصاد العالمي بعد 2014، إلا أنه ما زال مكلفا جدا: 84 مليار دولار سنة 2016.

وقال التحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب، في تشرين الثاني/نوفمبر2017، أن الهجمات الإرهابية كلفت خسائر بلغت 348 مليار دولار خلال خمس سنوات (بين 2012 و2016).

وقدر معهد الدراسات الاقتصادية والسلام التكلفة العالمية للحروب والصراعات ومشاكل عدم الاستقرار والإرهاب عام 2015 بأزيد من 13.6 تريليون دولار، أي ما يعادل 13 بالمئة من الناتج العالمي الإجمالي. معظم هذه الأموال صرفت على التسلح والأمن.

عربيا، كشف مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2017 أن الصراعات كبدت الدول العربية خسائر ناهزت 800 مليار دولار.

وعادلت تكاليف الإرهاب على مستوى العالم القيمة الإجمالية للصادرات الغذائية العالمية خلال عام 2014، و10 أضعاف قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية العالمية.

سورية والعراق!

استحوذت الحرب ضد التنظيمات الإرهابية على نصيب مهم من الإنفاق العالمي.

في نيسان/أبريل 2016 كشفت وزارة الدفاع الأمريكية أن اليوم الواحد من الحرب ضد داعش يكلف 11,5 مليون دولار.

واستحوذ العنف على أزيد من نصف الناتج المحلي الإجمالي في كل من سورية (54 بالمائة) والعراق (53 بالمئة)، يقول مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2016.

وقال البنك الدولي إن الحرب في سورية أثرت على بلدان الجوار (تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر) حيث قدرت الخسائر بنحو 35 مليار دولار.

وفي العراق، يقول معهد الاقتصاد والسلام أن صعود داعش، وانطلاق الحرب ضد التنظيم، أثر بشكل كبير على الاقتصاد بـ185 بالمئة بين 2009 و2015، فقد تضررت موارد الدولة وبنياتها التحتية وزادت نفقاتها العسكرية.

في نونبر/نشرين الثاني، صرح رئيس الوزراء العراقي بأن العراق تكبد خسائر تفوق 100 مليار دولار بسبب داعش خلال ثلاث سنوات.

ويحتاج العراق إلى أزيد من 88 مليار دولار لإعادة الإعمار. وتذهب إحصائيات أخرى إلى أن الحاجة أكبر من ذلك بكثير.

أما في سورية، فقدرت خسائر الاقتصاد السوري منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2016 بنحو 226 مليار دولار، حسب البنك الدولي. وهو ما يعادل أربعة أضعاف إجمالي الناتج المحلي السوري عام 2010.

ويقول البنك الدولي أن كلفة إعادة إعمار سورية تقدر بنحو 200 إلى 300 مليار دولار.

وفي اليمن، ما تزال الحرب مستمرة منذ سنوات متسببة في أضرار مهولة لاقتصاد البلاد.

وتشير تقديرات مشتركة بين البنك الدولي والأمم  المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية والاتحاد الأوروبي إلى أن خسائر الحرب في اليمن كلفت البلاد حوالي 17 مليار دولار منذ بداية الصراع إلى 2016.

وفقد الاقتصاد المصري ملايين الدولارات جراء العمليات التي استهدفت مختلف قطاعات البلاد خلال الأعوام الأخيرة.

وأوردت تقارير صحافية أن تكلفة الحرب على الإرهاب قاربت خمسة مليارات دولار منذ 2013.

وعانت تونس هي الأخرى خلال السنوات الماضية من تأثير الإرهاب على اقتصادها، الذي فقد قرابة 2 بالمائة من ناتجه الإجمالي.

وفي ليبيا، التي تشهد صراعات مستمرة منذ 2011، قدر البنك الدولي عام 2016 حجم إعادة إعمار البلد بنحو 200 مليار دولار.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.