داهم الحوثيون محلات تجارية وسط صنعاء وأزالوا لوحات تظهر وجوه نساء وغطوا أخرى
داهم الحوثيون محلات تجارية وسط صنعاء وأزالوا لوحات تظهر وجوه نساء وغطوا أخرى

داهم مسلحون ببزات مدنية وعسكرية محله التجاري وسط العاصمة صنعاء. أزالوا لوحات تظهر وجوه نساء وغطوا أخرى.

لم يستوعب علي الشرعبي (29 عاما)، وهو شاب يمني يملك متجرا لبيع فساتين الأعراس، السبب. قبل أن يبادره أحد المسلحين: “لماذا لا تغطي صور البنات في اللوحات أمام محلك؟”.

يقول علي، وهو اسم مستعار للشاب الذي طلب عدم ذكر اسمه حفاظا على أمنه، “سألتهم لماذا أغطيها. رد أحدهم: تكلم بأدب! غطها أو سنغلق المحل". وأضاف "هذا حرام!”.

 "المعاصي تؤخر النصر الإلهي"!

شنت جماعة الحوثيين الشيعية المدعومة من إيران، خلال الأسابيع الأخيرة، حملة أمنية في العاصمة صنعاء لإزالة وتغطية وجوه النساء في اللوحات الإعلانية التي تتصدر واجهات محلات الحلاقة والملابس، بذريعة أنها “خليعة ومخلة بالأدب".

صحف ومواقع محلية قالت إن مثل هذه "المظاهر" يعتبرها الحوثيون سببا في تأخر "النصر الإلهي”، في إشارة إلى الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات بين الجماعة والتحالف الذي تقوده السعودية.

عدد من العمال في المحلات التجارية قالوا لـ(ارفع صوتك) أيضا إن المسلحين الحوثيين أخبروهم "بأن تلك الصور حرام وسبب في تأخر النصر"، لأنها "معاص" و "منكرات".

عبدالله الراعي، وهو رجل دين يمني بارز ينتمي لجماعة الحوثيين، يؤيد بشدة إجراءات جماعته، قائلا إن الصور “بوابة للولوج إلى المعاصي”.

أحد النواب في البرلمان اليمني كتب ساخرا، قبل ثلاثة أسابيع، أن الحوثيين قدموا للحكومة (حكومة صنعاء) مشروع قانون لإلغاء الدين العام بحجة أنه "ربا يؤخر النصر".

​​​

علي الشرعبي يقول ضاحكا “لم يكن هناك ما يستحق. كانت مجرد صورة، صورة امرأة ترتدي فستانا”.

ويوضح الشاب اليمني، الذي يعمل منذ 10 سنوات في المحل الذي يملكه والده، أنه فقد أكثر من ثلاثة أرباع دخله في السنوات الأخيرة بسبب الحرب.

 

إشعارات وشتم

على بعد أقل من 20 مترا تقريبا من متجر علي، يقول مدير محل آخر لبيع فساتين الأعراس، افتتح قبل سبعة أشهر فقط، إن سيارات أمنية وأخرى دون أرقام توقفت أمام محله. يقودها مسؤول حوثي كبير في العاصمة. وطلب الأمنيون إزالة صور النساء أو تغطيتها.

وأكد الرجل، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن مندوب مكتب الأشغال بالعاصمة صنعاء سلمه بعد يومين إشعارا رسميا بإزالة الصور بشكل نهائي. لم يتضمن الإشعار أية إشارة إلى "الإخلال بالحياء العام"، بل "مخالفة قانون البناء الذي يمنع وضع لوحات إعلانية على الرصيف العام".

وحدد الإشعار يوما واحد كأقصى مدة لإزالة اللوحات.

"لم نخالف القانون. هذه اللوحة على واجهة المحل مثل كافة المحلات التجارية في اليمن”، يقول صاحب المتجر.

إشعار رسمي بازالة لوحات إعلانية بحجة مخالفة قانون البناء

​​ويقول أحد العمال إنه احتج على رجال الأمن، فرد أحدهم “هذه صور خليعة لا تمثل الشعب اليمني الصامد في وجه العدوان السعودي”.

ويؤكد العامل العشريني، ويدعى صالح، “لم تكن الصور خليعة كما يزعمون". ويشير إلى لوحة كبيرة تغطي واجهة المتجر بالكامل، يزعم أنها كلفت صاحب المحل 500 ألف ريال يمني، أي أكثر من ألف دولار أميركي. على اللوحة، تظهر عروس ترتدي فستانا ووجهها مطموس.

 

صورة امراة تم تغطية وجهها على واجهة محل تجاري بصنعاء

​​وقبل أشهر، داهم مسلحون يزعمون أنهم حوثيون مطاعم ومقاه فاخرة في صنعاء. وأجبروها على توقيف الفتيات عن العمل بذريعة “الاختلاط”.

يقول يمنيون إن هذه الإجراءات لا تختلف عن تلك التي اتخذها تنظيم القاعدة خلال سيطرته على مدن ومناطق واسعة جنوبي وشرق اليمن في العام 2015.

 

المعاناة هي الحرام!

لم تمر إجراءات الحوثيين دون أن تثير امتعاضا في صفوف فئات واسعة من اليمنيين.

يقول زياد عبد الملك (36 عاما)، وهو يغادر محلا تجاريا لبيع الملابس جنوبي صنعاء، "لا أعتقد أنهم (الحوثيين) سينتصرون على السعودية طالما يفكرون بهذا الشكل".

ويقول عادل الحكيمي “هؤلاء يرون وجه المرأة عورة وحراما. ويتناسون أن الحرام هو معاناة الناس بسبب الحرب”.

ومع ذلك، يؤكد عادل “لا نستطيع معارضة سلطة الأمر الواقع. سنلتزم بقراراتها وإجراءاتها مهما كانت مؤلمة”.

وكان عادل يملك محلا تجاريا لبيع قطع غيار السيارات، اضطر لإغلاقه بسبب الحرب.

لوحة إعلانية في أحد شوارع صنعاء وقد تم تغطية وجه المرأة فيها

​​

وتبدي أمل محمد هي الأخرى غضبها الشديد “هذه عنصرية ضد النساء. الجماعات الدينية سواء كانت سنية أو شيعية ملة واحدة".

أما الشيخ عبد الله الراعي فيدافع عن إجراءات جماعته "هناك قاعدة أصولية مهمة: كل مقدمة توصل إلى المحظور أو تكون سبب فساد يلزم ازالتها. هذه الصور مخالفة لثقافة المسلمين ودخيلة على ثقافة العرب خاصة".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.