في عام 1995، تعرض الكنيس السامري في مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، لاعتداء من مجهولين، تمكنوا من سرقة مخطوطات تاريخية للتوراة كتبت قبل فترة تتراوح بين 600 و700 عاما.
في عام 2013، عثرت السلطات الإسرائيلية على صفحة تعود لتلك المخطوطات التاريخية السامرية، كانت بحوزة مسافر حاول العبور بها نقطة "جسر اللنبي" الحدودية مع الأردن؛ وخلال التحقيق قال إنه اشتراها من سوق يبيع النوادر في الأردن.
صادرت السلطات الإسرائيلية الصفحة، وأحالتها إلى معهد "وايزمان" للعلوم، الذي أكد على صحة قيمتها التاريخية.
A leaf from an old Samaritan scroll confiscated by Israeli customs officials at the Jordanian border."An ancient sect, a brazen theft and the hunt to bring the stolen manuscripts home"#history #Religion https://t.co/HwuD8jpqzf pic.twitter.com/wrlYp6Tv0x
— Cultural Heritage (@CulturalH) April 30, 2018
طالب الشخص الذي ضبطت الصفحة بحوزته باستعادتها من خلال قضية رفعها أمام محاكم القدس، التي وافقت بدورها على إعادتها، قبل أن تعود عن قرارها وتبطله بسبب استئناف سلطة الآثار للقضية؛ وبقيت مطالبات الطائفة السامرية باستعادة مخطوطاتها المسروقة قائمة.
منطقة فلسطينية
مؤخرا، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية قرارا أصدرته السلطات الإسرائيلية يقتضي عدم إعادة تلك الصفحة للسامريين، وذلك لكونهم مواطني منطقة نابلس وجبل جرزيم، التابعة لسيطرة السلطات الفلسطينية.
يشكل السامريون واحدة من أصغر وأقدم الطوائف الدينية في العالم، بتعدادهم الحالي الذي لا يتجاوز 800 نسمة، يحافظون على هويتهم ولغتهم العبرية القديمة ويعلمونها لأطفالهم، ويعتبرون أنفسهم السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل. "أتينا إلى الأراضي المقدسة مع قائد الشعب الإسرائيلي يوشع بن نون، والكاهن الأكبر أليعازر بن هارون، منذ 3655 سنة". يقول حسني السامري.
ويؤكد حسني واصف السامري، كاهن الطائفة ومدير متحفها، أن بقاء السامريين مرتبط بشكل وثيق بما يمتلكون من وثائق وآثار قديمة، تعود إلى آلاف الأعوام.
"عندما يأتي أحدهم ويقتحم الكنيس ويسرق دون أن يحاسبه أحد، فهناك خطر على وجودنا المستقبلي. لذلك علينا أن نبقى وراء هذا الأمر حتى يظهر"، يقول الكاهن لـ(ارفع صوتك).
تاجر أميركي
ويلفت الكاهن لوجود تاجر آثار أميركي عرض أن يشتري المخطوطات من جهة مجهولة وأن يرسلها للسامريين مرتين في السنة، في عيد الفصح وفي عيد العرش، لكن على أن يوافق الكاهن الأكبر على ذلك، إلا أنه رفض الأمر رفضا تاما.
"لو وافق فسيكون قد وافق على السرقة.. يجب أن ترجع هذه المخطوطات إلى السامريين. لذلك نحن نرفض أي تعاون مع السرقة أو مع المشتري، كيلا تصبح بوابة للسرقات في المستقبل، ومن ثم تصبح حجة أن السامريين وافقوا على هذا الشراء"، يوضح.
من خلال وسطاء وخبراء آثار، طالب من يعرفون مكان المخطوطات المسروقة بمبلغ وصل إلى سبعة ملايين دولار لإعادتها، ثم خفضوا المبلغ إلى أربعة ملايين، وواصلوا تخفيض مطالبتهم حتى وصلت مليون دولار.
لم تأت تلك التنازلات التي قدمها السارق من فراغ، ويوضح الكاهن "لأنه لا يستطيع أي إنسان شراءها دون موافقة السامريين، وهذا ما يجب التركيز عليه، حتى لو بعد 1000 سنة، لا يمكن أن يبقيها أحدهم بحوزته طالما هي بعداد المسروقات والعالم كله يعرف عنها".
وبحسب الكاهن، فقد طالبت الطائفة من الإنتربول أن يتدخل لاستعادة ما سرق منها، "طالما هناك أميركي يريد شراءها، وطالما هناك متخصصين باتوا يعرفون من السارق أو من سيشتري، هذا يعني أنهم يستطيعون الوصول إلى المنبع وأن يرجعوها لنا.. سنبقى وراء هذه السرقة حتى تظهر وتعود إلى قواعدها سالمة إلى السامريين بحرية دون أي مقابل".
النسخة الأقدم سليمة
يعتبر السامريون أنفسهم محظوظين كون النسخة التي يعتقد أنها الأقدم من التوراة لا تزال موجودة لديهم، ويصرون على استعادة حقهم بالمخطوطات التوراتية المسروقة، "لأننا لو سكتنا عن هذه السرقة فستحصل سرقات أكبر.. وذلك خطر على مصير الطائفة".
ويبلغ عمر النسخة الأقدم من التوراة الموجودة لدى الطائفة السامرية 3642 عاما، كتبها أبيشع بن فنحاس بن اليعازر بن هارون.. كما يعتقد أفراد الطائفة.
ويقول الكاهن "نخاف على أقدم توراة موجودة في العالم".
7000 خلاف!
وبحسب الكاهن، فهنالك ما لا يقل عن 7000 خلاف تقريبا بين التوراة السامرية والتوراة اليهودية. ويقول عن النسخة السامرية: "أهم شيء فيها قدسية جبل جرزيم وإبدالها بالقدس. فجبل جرزيم مذكور في هذه النسخة من التوراة 13 مرة، لكن القدس غير مذكورة".
وفي ختام حديثه، يقول الكاهن "هناك أيدٍ خفية من وراء الكواليس، تعمل على طمس حقيقة سرقة هاتين التوراتين"؛ مؤكدا عدم معرفة طائفته إن كانت أسباب السرقة سياسية أم غير ذلك.