عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء منذ سنة 2014
عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء منذ سنة 2014

قنبلة من العيار الثقيل فجرها برلماني يمني منتصف الشهر الماضي بالكشف عن سعي الحوثيين إلى فرض ضريبة “الخُمس”، متهما الجماعة بالسعي إلى "نهب" ثروات البلاد.

وحسب عضو مجلس النواب اليمني أحمد سيف حاشد، قدمت حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا إلى البرلمان مشروع تعديل على قانون الزكاة والرعاية الاجتماعية سيؤدي إلى فرض ضريبة الخمس. وهو ما يتوافق مع المذهب الشيعي الزيدي التي تعتنقه الجماعة.

وقال البرلماني في تدوينة على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "خلاصة الموضوع ... شرعنة نهب 12 في المئة من ثروات البلد، حصة لله والرسول وذوي القربى".

​​والخمس شريعة إسلامية يرى السنة أنها تدفع فقط في غنائم الحرب وأحيانا في المعادن (تسمى زكاة الركاز)، فيما يرى جزء كبير من الشيعة أنها تشمل كل الأموال والمداخيل والممتلكات.

ويفرض القانون الحالي في اليمن أداء 20 في المئة من قيمة "المعادن والكنوز المستخرجة"، ويسميها زكاة على "الركاز والمعادن".

في المقابل، يفرض التعديل الحوثي أداء هذه النسبة كخُمُس وليس زكاة على كافة المعادن حتى لو تم إخراجها بالبحث والتنقيب.

ووسع الحوثيون اللائحة لتشمل "الذهب والفضة.. والنفط والغاز.. وكل ما كان له قيمة من المعادن صح الاستثمار فيه كالمياه المعدنية".

يقول النائب البرلماني "القانون السابق لم يوجب عمليا الخمس على الشركات المستثمرة في المعادن بما فيها النفط والغاز".

تمييز وعنصرية!

يستند الحوثيون إلى تأويلات للقرآن ترى أن الخمس، وهو فرض مالي محدد بنسبة 20 في المئة، يكون تحت تصرف "الإمام" يخصص جزء منه لصالح “آل البيت” الذين يتصلون بالنسب إلى النبي محمد.

وحث زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، الذي يؤمن بأنه من نسل علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد، في خطاب متلفز نهاية الشهر الماضي، أعضاء البرلمان اليمني على سرعة إنجاز مشروع تعديل قانون الزكاة قبل حلول رمضان.

وأثار مشروع التعديل القانوني انتقادات واسعة في أوساط ناشطين وأكاديميين ورجال دين وبرلمانيين يمنيين، رأوا فيه استغلالا للدين وتكريسا للمذهبية والعنصرية والتمايز الاجتماعي.

يقول البرلماني أحمد سيف حاشد “المشروع يتصادم مع الدستور والقوانين اليمنية الأخرى التي تقرر وتحمي المساواة والمواطنة والحقوق، ويتصادم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

سابقة خطيرة

وحال إقرار هذا المشروع، سيكون سابقة في الدول العربية وربما الإسلامية.

يؤكد أكاديمي يمني متخصص في القانون “ستكون اليمن أولى الدول العربية التي تفرض الخُمس. لم يسبق لأي دولة عربية أن فرضت هذا النص في قوانينها، هذه سابقة دينية خطيرة”.

ويضيف الأكاديمي المقيم في صنعاء (فضل عدم ذكر اسمه) "الإشكالية الكبرى ستظهر في تحديد نسب الأموال المخصصة لله والرسول وذي القربى، سيتم التلاعب بهذه الأموال وهي بالمليارات لصالح أغراض شخصية".

من جانبه، يقول محمد الحزمي وهو برلماني مناهض لجماعة الحوثيين، وقيادي بارز في حزب الإصلاح الإسلامي ذي المرجعية السنية، أن "الحوثيين يريدون إيهام المجتمع بأنهم صاروا دولة أمر واقع من خلال تشريع هذه القوانين".

واتهم الحزمي الحوثيين بالسعي إلى تحويل البنية القانونية "لتصير مذهبية"، على حد تعبيره.

لكن إبراهيم العبيدي، وهو رجل دين وقيادي بارز في جماعة الحوثيين، ينفي الاتهامات الموجهة لجماعته بالسعي إلى صياغة القوانين مذهبيا.

وقال في تصريح لموقع (ارفع صوتك) “هذه تسريبات كاذبة ومناكفات إعلامية لا تتوافق مع ما هو مطروح أمام مجلس النواب".

وأكد العبيدي “بأن الموضوع بحاجة إلى كثير من التحري، لأن مصارف الزكاة واضحة. والزكاة غير الخُمُس تماما. الزكاة تتعلق بالأموال. والخُمس يتعلق بالغنيمة، أي الأمور التي تغنم ومنها النفط والغاز.. هذه مسألة أساسية في الشريعة الإسلامية”.

وقلل محام ومستشار قانوني يمني من صنعاء من أهمية القرارات والقوانين التي يصدرها مجلس النواب اليمني في الوقت الراهن.

وقال المحامي، الذي فضل هو الآخر عدم ذكر اسمه، إن البرلمان اليمني انتهت ولايته سنة 2009، وكان يفترض أن تجرى انتخابات برلمانية جديدة في ذلك الحين.

ومنذ 2009، تم التمديد للبرلمان الحالي عدة مرات بموجب تسويات سياسية آخرها المبادرة الخليجية التي أجبرت الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على ترك السلطة لنائبه عبد ربه منصور.

وحل الحوثيون البرلمان في شباط/فبراير 2015، بعد سيطرتهم على صنعاء، لكنهم عدلوا عن هذا القرار لاحقا.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.