قنبلة من العيار الثقيل فجرها برلماني يمني منتصف الشهر الماضي بالكشف عن سعي الحوثيين إلى فرض ضريبة “الخُمس”، متهما الجماعة بالسعي إلى "نهب" ثروات البلاد.
وحسب عضو مجلس النواب اليمني أحمد سيف حاشد، قدمت حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا إلى البرلمان مشروع تعديل على قانون الزكاة والرعاية الاجتماعية سيؤدي إلى فرض ضريبة الخمس. وهو ما يتوافق مع المذهب الشيعي الزيدي التي تعتنقه الجماعة.
وقال البرلماني في تدوينة على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك "خلاصة الموضوع ... شرعنة نهب 12 في المئة من ثروات البلد، حصة لله والرسول وذوي القربى".
والخمس شريعة إسلامية يرى السنة أنها تدفع فقط في غنائم الحرب وأحيانا في المعادن (تسمى زكاة الركاز)، فيما يرى جزء كبير من الشيعة أنها تشمل كل الأموال والمداخيل والممتلكات.
ويفرض القانون الحالي في اليمن أداء 20 في المئة من قيمة "المعادن والكنوز المستخرجة"، ويسميها زكاة على "الركاز والمعادن".
في المقابل، يفرض التعديل الحوثي أداء هذه النسبة كخُمُس وليس زكاة على كافة المعادن حتى لو تم إخراجها بالبحث والتنقيب.
ووسع الحوثيون اللائحة لتشمل "الذهب والفضة.. والنفط والغاز.. وكل ما كان له قيمة من المعادن صح الاستثمار فيه كالمياه المعدنية".
يقول النائب البرلماني "القانون السابق لم يوجب عمليا الخمس على الشركات المستثمرة في المعادن بما فيها النفط والغاز".
تمييز وعنصرية!
يستند الحوثيون إلى تأويلات للقرآن ترى أن الخمس، وهو فرض مالي محدد بنسبة 20 في المئة، يكون تحت تصرف "الإمام" يخصص جزء منه لصالح “آل البيت” الذين يتصلون بالنسب إلى النبي محمد.
وحث زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، الذي يؤمن بأنه من نسل علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد، في خطاب متلفز نهاية الشهر الماضي، أعضاء البرلمان اليمني على سرعة إنجاز مشروع تعديل قانون الزكاة قبل حلول رمضان.
وأثار مشروع التعديل القانوني انتقادات واسعة في أوساط ناشطين وأكاديميين ورجال دين وبرلمانيين يمنيين، رأوا فيه استغلالا للدين وتكريسا للمذهبية والعنصرية والتمايز الاجتماعي.
يقول البرلماني أحمد سيف حاشد “المشروع يتصادم مع الدستور والقوانين اليمنية الأخرى التي تقرر وتحمي المساواة والمواطنة والحقوق، ويتصادم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
سابقة خطيرة
وحال إقرار هذا المشروع، سيكون سابقة في الدول العربية وربما الإسلامية.
يؤكد أكاديمي يمني متخصص في القانون “ستكون اليمن أولى الدول العربية التي تفرض الخُمس. لم يسبق لأي دولة عربية أن فرضت هذا النص في قوانينها، هذه سابقة دينية خطيرة”.
ويضيف الأكاديمي المقيم في صنعاء (فضل عدم ذكر اسمه) "الإشكالية الكبرى ستظهر في تحديد نسب الأموال المخصصة لله والرسول وذي القربى، سيتم التلاعب بهذه الأموال وهي بالمليارات لصالح أغراض شخصية".
من جانبه، يقول محمد الحزمي وهو برلماني مناهض لجماعة الحوثيين، وقيادي بارز في حزب الإصلاح الإسلامي ذي المرجعية السنية، أن "الحوثيين يريدون إيهام المجتمع بأنهم صاروا دولة أمر واقع من خلال تشريع هذه القوانين".
واتهم الحزمي الحوثيين بالسعي إلى تحويل البنية القانونية "لتصير مذهبية"، على حد تعبيره.
لكن إبراهيم العبيدي، وهو رجل دين وقيادي بارز في جماعة الحوثيين، ينفي الاتهامات الموجهة لجماعته بالسعي إلى صياغة القوانين مذهبيا.
وقال في تصريح لموقع (ارفع صوتك) “هذه تسريبات كاذبة ومناكفات إعلامية لا تتوافق مع ما هو مطروح أمام مجلس النواب".
وأكد العبيدي “بأن الموضوع بحاجة إلى كثير من التحري، لأن مصارف الزكاة واضحة. والزكاة غير الخُمُس تماما. الزكاة تتعلق بالأموال. والخُمس يتعلق بالغنيمة، أي الأمور التي تغنم ومنها النفط والغاز.. هذه مسألة أساسية في الشريعة الإسلامية”.
وقلل محام ومستشار قانوني يمني من صنعاء من أهمية القرارات والقوانين التي يصدرها مجلس النواب اليمني في الوقت الراهن.
وقال المحامي، الذي فضل هو الآخر عدم ذكر اسمه، إن البرلمان اليمني انتهت ولايته سنة 2009، وكان يفترض أن تجرى انتخابات برلمانية جديدة في ذلك الحين.
ومنذ 2009، تم التمديد للبرلمان الحالي عدة مرات بموجب تسويات سياسية آخرها المبادرة الخليجية التي أجبرت الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح على ترك السلطة لنائبه عبد ربه منصور.
وحل الحوثيون البرلمان في شباط/فبراير 2015، بعد سيطرتهم على صنعاء، لكنهم عدلوا عن هذا القرار لاحقا.