طائرة F-16 عراقية على مدرج قاعدة بلد الجوية
طائرة F-16 عراقية على مدرج قاعدة بلد الجوية

على مساحة 25 كيلومتر مربع، تمتد قاعدة بلد الجوية، وهي أكبر قاعدة جوية عسكرية عراقية.

حان الوقت لتصبح هذه القاعدة "موطنا لأكاديمية جديدة للقوات الجوية العراقية، مع أكثر من أربعين طيارا عراقيا تدخل للتدريب على الطيران".

هذا ما يقوله العميد الأميركي أندرو كروفت، نائب قائد العمليات الجوية للتحالف الدولي في العراق، معتبرا في مقابلة مع صحيفة "جيروسليم بوست" أن هذا "الإنجاز سيساعد العراق على ضمان أمنه في المستقبل".

تتألف القاعدة من مدرجين للإقلاع والهبوط، وهي محاطة بسياج أمني يمتد على مسافة 20 كيلومترا، وتضم 39 ملجأ محصن للطائرات.

تقع القاعدة التي أنشئت في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، حيث كانت تعرف سابقا بـ"قاعدة البكر الجوية"، في منطقة بلد التابعة لمحافظة صلاح الدين، وعلى مسافة نحو 80 كلم شمالي العاصمة بغداد.

رمزية القاعدة

فشل تنظيم داعش الذي فرض حصار دام لأسابيع في أواسط عام 2014، في السيطرة على قاعدة بلد، لتلعب الأخيرة بعد ذلك دورا حاسما في هزيمة التنظيم.

وفي 13 تموز/يوليو 2015، دخلت القاعدة في مرحلة عمل جديدة، بعد أن أصبحت مقراً لسرب طائرات إف-16 المستوردة من الولايات المتحدة، حيث استقبلت في ذلك اليوم أول دفعة من هذه الطائرات.

اليوم، تغيرت قدرة القوة الجوية في تعقب ما تبقى من تهديد لداعش بشكل كبير.

فعلى الرغم من أن التنظيم ما زال قادرا على تنفيذ هجمات إرهابية صغيرة، لكنه في الغالب قد تحول إلى خلايا مختبئة في المناطق الريفية.

يبحث التحالف والعراقيون عن تلك الأهداف، ويقومون بالمراقبة.

كما أن المهمة تغيرت، فالبحث الآن أصبح عبر الحدود في الداخل السوري.

في منتصف نيسان/أبريل الماضي، تم إطلاع طياري القوات الجوية العراقية على مهمة خاصة، قيل لهم أن مجموعة من طائراتهم من طراز F-16  ستعبر إلى سورية لضرب داعش، مستخدمة ذخائر دقيقة التوجيه.

يعتبر كروفت أن "هذا أمر مهم لأنه يدل على قدرة العراق على الدفاع عن حدوده وملاحقة تنظيم الدولة الإسلامية عبر الحدود، كأي عضو آخر في التحالف الدولي".

المهمة تكررت بعد نحو ثلاثة أسابيع.

وفي بيان رسمي، يقول رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة إن سلاح القوة الجوية وجه "ضربة موجعة" ضد موقع "لقيادات الإرهاب" داخل الأراضي السورية.

الضربة استهدفت مقرا لعناصر التنظيم جنوب دشيشة، وهي منطقة صحراوية في محافظة الحسكة، وتشهد حاليا عملية عسكرية ضد داعش، تنفذها قوات سورية الديموقراطية.

يقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول الزبيدي "بتوجيه من القائد العام ومن خلال معلومات استخباراتية دقيقة تم توجيه طائرات (F-16) حيث وجهت ضربة لمنطقة الدشيشة التي تبعد 8 كيلومترات عن الحدود العراقية".

تم تدمير المقر بشكل كامل، هذا ما يظهره مقطع مصور من الجو للضربة، بثته وزارة الدفاع العراقية.

ويضيف الزبيدي في حديث لموقع (ارفع صوتك) "المعلومات الاستخبارية كانت عراقية، وأيضا بالتنسيق مع التحالف الدولي في موضوع تبادل المعلومات الاستخبارية".

مرحلة التدريب

تدريب العراقيين لدعم قواتهم البرية جوا، سيكون أمرا أساسيا في المرحلة المقبلة، لا سيما وأن العمليات القتالية الرئيسية ضد داعش قد انتهت.

ويركز التحالف الدولي الآن على الانتقال من العمليات القتالية ضد داعش، إلى تأمين العراق واستقراره من خلال تدريب الأمن العراقية التي أصبحت أكثر قدرة.

يقول الزبيدي "الجانب المستمر لنا مع التحالف الدولي هو التدريب والتسليح والتجهيز".

تم فتح أكاديمية للطيران في قاعدة بلد، وهناك تعاون مع التحالف الدولي فيما يخص بناء قدرات القوة الجوية العراقية، وفقا للمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، الذي يشير إلى أن العراق "يطمح أن تكون أكاديمية الطيران قادرة في وقت قريب على القيام بتدريب وتهيئة طيارين شباب، يقومون بحماية سماء البلاد بالمستقبل".

فيما يعلق كروفت "سيكون لدينا عراق آمن يمكنه الدفاع عن نفسه".

ويتابع "من خلال هذا الترتيب الأمني سيأتي الحكم الرشيد والاستقرار وتحسين الاقتصاد".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.