مقهى ملتقى الكتاب في الموصل/ارفع صوتك
مقهى ملتقى الكتاب في الموصل/ارفع صوتك

الموصل ـ صالح عامر:

في زاوية من زوايا أحد مقاهي الموصل، يجلس مصطفى غانم (34 عاما)، وهو مهندس موصلي، يوميا لتسيير أعماله ولقاء شركائه، متخذا منها مقرا لإدارة عمله، فقد باتت المقاهي المكان الذي تجتمع فيه غالبية فئات المجتمع الموصلي بعد داعش.

يقول غانم لموقع (ارفع صوتك) إن المقاهي اليوم ليست فقط أماكن لتقديم المشروبات بل أصبحت مركزا يحتضن جميع الموصليين بمختلف مكوناتهم.

"أنا أستفاد من هذه المقاهي لعقد اجتماعات العمل ولقاء أصحاب المهن فليس لدي مكتبي الخاص".

لم يستطع غانم طيلة الأعوام الماضية التي سبقت سيطرة داعش على الموصل من فتح مكتب لإدارة عمله خوفاً من أن يتعرض للابتزاز والتهديد والقتل من قبل الجماعات المسلحة، وتعمقت مخاوفه في ظل داعش أكثر مما كانت عليه، فالتنظيم كان يبتز أصحاب العمل ومن يمتلك المال في الموصل ويأخذ منهم الإتاوات.

مقاهي تحارب التطرف والارهاب

على مدى أكثر من ثلاثة أعوام من سيطرة داعش على الموصل، فقدت المدينة كافة مظاهرها الثقافية والترفيهية. وكانت المقاهي واحدة من المظاهر التي منعها التنظيم، ولم تبدأ بالظهور مجددا إلا بعد تحرير المدينة في تموز/يوليو من عام 2017.

لكن مقاهي الموصل التي افتتحت بعد تحرير المدينة لا تشبه المقاهي التقليدية التي كانت تشتهر بها المدينة منذ القدم وحتى قبل سيطرة التنظيم، بل أصبحت مراكز ثقافية وأدبية تشهد عقد ندوات وحلقات نقاشية، تناقش غالبيتها كيفية محاربة التطرف والإرهاب فكريا، إضافة إلى تخصيص جانب منها للكتب والمطالعة.

يحرص الموصلي إسماعيل إبراهيم (28 عاما) على الالتقاء بأصدقائه في أحد مقاهي الجانب الأيسر يوميا، لتبادل الحديث وارتشاف الشاي.

يقول إبراهيم لموقع (ارفع صوتك) "داعش أرهبنا باسم الدين من خلال تحريم كل مظاهر الثقافة والتمدن، لكننا اليوم وبعد التحرير عزمنا على محاربة فكره المتطرف من خلال عدة طرق أبرزها المقاهي التي أصبحت مراكزا لفضح الفكر الداعشي، وكيفية مواجهته فكرياً".

مراكز تحتضن جميع مكونات الموصل

(عمر كافيه) كان أول مقهى يفتح أبوابه بعد تحرير الموصل مباشرة، أصبح اليوم مركزا تجتمع فيه كافة مكونات الموصل الدينية والقومية والمذهبية معا، إضافة إلى الأجانب الذين يزورون المدينة.

يؤكد صاحبه عمر فهد لموقع (ارفع صوتك) "مقاهي الموصل تُظهر للعالم أن الحياة التي أراد داعش تحطيمها في الموصل عادت وأن الموصليين أقوياء رغم المأساة التي مروا بها".

أما مقهى (ملتقى الكتاب) الذي تغطي رفوف الكتب كافة جدرانه ما عدا جدار واحد خصص لعرض صور شخصيات أدبية وثقافية وتاريخية عراقية وعربية، فيعج بعشرات الرجال والنساء والشباب والأطفال الذين يقبلون عليه لحضور الجلسات الثقافية وقراءة الكتب.

ويشير فهد صباح، أحد مؤسسي الملتقى، إلى أن فكرة تأسيس هذا المقهى ترسخت في مخيلته أثناء فترة داعش.

ويقول لموقع (ارفع صوتك) "الفكرة كانت عبارة عن عقد جلسات مطالعة، لكنها تطورت بعد عدة جلسات وأصبحت ملتقى ثقافي يجمع بين المقهى والقراءة وتنظيم جلسات ثقافية وفنية وشعرية".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.