الأردن / Shutterstock
الأردن | Source: Courtesy Image

مؤخرا، نُحي التيار الإسلامي عن سدة الحكم في نقابة المهندسين الأردنيين، عقب سيطرته عليها لمدة تجاوزت ربع قرن؛ برزت خلال السنوات الأخيرة منه احتجاجات من قبل مهندسين ينتمون للنقابة، انتقدوا خلالها سلوك التيار الإسلامي، المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، لإقحامه أمورا دينية في شؤون نقابتهم المهنية.

صوّت معظم المقترعين في انتخابات النقابة لصالح قائمة "نمو" المدنية، التي تشكلت من رحم الاحتجاجات على إدارة التيار الإسلامي، على أيدي مهندسين ينتمون لطوائف وأعراق ومعتقدات مختلفة، منهم إسلاميين لم يلق أداء التيار الإسلامي استحسانهم؛ جمعتهم مواطنتهم في الأردن، إلى جانب مهنتهم التي أسست النقابة من أجلها.

عقب إعلان فوز "نمو"، خرج النائب سعود أبو محفوظ الذي يمثل الإخوان المسلمين بتصريحات نشرها عبر صفحته على فيسبوك، ادعى فيها أن فوز قائمة "نمو" أتى بدعم وحشد من عدة فئات، منها "العلمانيين والليبراليين وأبناء الطوائف"، بالإضافة إلى "اللادينيين والمثليين"، وغيرهم ممن اعتبرهم سببا في إقصاء الإسلاميين.

لم تمر تصريحات النائب مرور الكرام، فقد أثارت ضجة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وردودا من روادها.

​​​​وتؤكد المهندسة ريم صياغ، الناشطة في تيار نمو، أن ما دفع المهندسين للتحرك أمام التيار الإسلامي يتمثل في أسباب عدة، أهمها "إقصاء" كل من هو مختلف عن التيار عقائديا وفكريا.

هذا بالإضافة إلى "انهيار صندوق التقاعد.. وجدنا خللا كبيرا في صندوق التقاعد واستثماره بالبورصة.. شركات تابعة لشركات، وأخرى لأشخاص أو فئات محددة..".

وأوضحت أن تلك الشركات أقيمت بأموال المهندسين المدفوعة للنقابة.

كما أشارت المهندسة إلى وجود وثائق رسمية تظهر تجاوزات بمبلغ "المليون وربع المليون دينارا.. تحت بند مكافئات وبدل تنقلات.."، استخدمت بمبرر الالتحاق باجتماعات تعقدها شركات تعتبر النقابة من المساهمين بها.

وشددت على أن مجلس النقابة يصرف للمندوب 50 دينارا (70 دولارا) كحد أقصى للالتحاق باجتماع من هذا النوع.

"المندوب كان يحضر ستة أو سبعة اجتماعات (في السنة)، كلها داخل عمان.. هل من المعقل أن يتقاضى بدل تنقلات في سنة تصل 49 ألف دينار (70 ألف دولار)؟"، قالت.

أما إيهاب محمد، فهو مهندس منتسب للنقابة منذ تخرجه قبل خمسة أعوام، لم ير النقابة يوما قبل الانتخابات الأخيرة سوى تحت سيطرة التيار الإسلامي.

يقول إيهاب "ما حصل خلال حقبة التحاقي بهم هو تغول لجماعتهم على كل ما يحدث بالنقابة. مثلا، إذا كانت هناك منافع للمهندسين فالإخوان وجماعتهم ومعارفهم هم من يأخذها..".

وعلى حد قوله، فهناك "نفقات مالية لا يعرف عنها أحد باسم المهندسين، ففي 2012 تبرعوا بمبالغ طائلة لما يسمى إغاثة.. يرسلون لنا رسائل تقول: تبرعوا لبورما وتبرعوا لغزة وتبرعوا للصومال.. أي أن النقابة تعمل كأنها ليست نقابة مهنية، بل كفرع من الإخوان المسلمين".

وانتقد إيهاب تصرف مجلس النقابة الفائت، وحديثه باسم المهندسين بشؤون قد لا يوافق البعض منهم عليها. "لديهم آراء بالثورات ويتحدثون باسم المهندسين، عندما يقولون النقابة تتخوف من ضرب الغوطة مثلا.. نصبوا أنفسهم كمنبر إعلامي لنا وباسمنا".

كما أشار المهندس إلى استضافة النقابة لشخصيات "إسلامية"، لا شأن لها بعمل النقابة المهني، ولا تعني المهندسين بشكل عام. "يستضيفون أشخاصا كزغلول النجار.. وآخرين يتحدثون بالدين وما شابه ذلك، تاركين المهنة الأساسية دون تطوير.. هناك تغول واحتكار.. نحن في نقابة مهنية ولسنا في حزب سياسي".

وتعود المهندسة صياغ لتوضيح ما حصل حين اعتراضهم على استضافة النجار. "كُفّرنا.. واعتبروا أن هناك تدخلات خارجية بالنقابة.. وعندما بدأنا نضج بالموضوع.. قلنا لهم مكانه (زغلول النجار) ليس نقابة المهندسين.. نحن نقابة مهنية وعلمية ولا ننظر إلى مسائل كهذه.. قامت قيامة الدنيا وعملوا ضجة".

وتتطرق صياغ إلى الاشتراك السنوي في النقابة، الذي تم رفعه من 40 إلى 60 دينارا في السنة، ثم أضيف له دينار أخر ليصبح المجموع 61. وتقول "أين الدينار؟ سابقا كانت هناك انتفاضة، وانتهت الانتفاضة فقالوا طوارئ، بعد الطوارئ قالوا مسؤولية اجتماعية. المسؤولية الاجتماعية موجودة بالتقارير وتصرف من الوارد. وهذا المبلغ لا يورد (140دينار من كل مهندس أي ألف دينار).. على مدى 10 أو 15 عاما، أين يذهب هذا المبلغ؟ ولمن؟".

وتتابع حديثها حول نقاط أخرى زادت من استيائها وأعضاء التيار الذي تنتمي إليه، كعدم إتاحة الإدارة السابقة المساحة للشباب لإبداء الرأي والحديث حول ما يخصهم من جانب. "كثير من الشباب كانوا يتصلون معنا ليشتكوا شجارهم مع الأمين العام لأنه لم يفتح لهم الباب أو لم يرد عليهم".

ومن جانب آخر، تشجب مقاضاة من يبدي رأيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتشير إلى دعاوى رأي رفعتها النقابة في المحاكم، منها قضية تخص زميلها عصام أبو فرحة، الذي كتب على صفحته منتقدا مشروع "قرطبة" الذي لعبت النقابة دورا كبيرا فيه. "قرطبة لم تبوح بأسرارها. والنقيب يملك مكتبا اسمه (الباحة). فاعتبر لم تبوح تقصد الباحة فقام بمقاضاته"، تقول.

وتشير إلى رسالة صدرت عن مسؤول رفيع سابق في النقابة، يقول بها "هؤلاء نصارى ملحدين كفار أمثال ناهض حتر.."، ما دفعها لمقاضاته. "هذا مثبت لدى المدعي العام".

بدوره، يعلق المحلل السياسي عامر سبايلة على المشهد الأوسع لدور الإخوان المسلمين والتيارات المحسوبة على التنظيم في الأردن. ومن وجهة نظره "لا تستطيع أن لا ترى حجم الأزمة التي يعيشها تنظيم الإخوان في كل مكان".

ويعتبر أن ما ساهم في تفاقم تلك الأزمة يكمن في "هزات داخلية" يتعرض لها، وضعته في تحدٍ وجودي فعليا. "وبالتالي هو اليوم يفقد الكثير من قدرته ومن حضوره بلا شك في الساحات المختلفة".

ويردف المحلل "في الأردن فعليا، الإخوان المسلمون باعتقادي بلا سلطة ليس لهم أي وجود أو حضور حقيقي سيكون. هم دائما يتقنون المعارضة تحت المظلات (الحكومات)". ويؤكد أن التكهن بالجديد الذي سيقدمونه غير ممكن في الوقت الراهن.

وبحسب المحلل، فهناك مشاكل في سلوك التنظيم، تبرز بـ “نوع الخطاب وقدرته على استيعاب التحولات التي تحدث في المنطقة، فكرة معاداة الآخر، واستقطاب الجموع. كلها بدأت تظهر أنها مشاكل حقيقية في هذا التنظيم".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.