عقب ظهوره عام 2014، كان تنظيم داعش يمتلك مواقع ومنابر إعلامية كثيرة، فضلا عن آلاف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"واتس آب" و"إنستغرام".
لكن مؤشرات كثيرة تؤكد أن منظومة داعش الإعلامية وصلت إلى مرحلة الانهيار والتحلل الآن.
ولعل أحد عوامل انهيار آلة داعش الإلكترونية، هو تراجع أعداد العاملين في منظومته الإعلامية، بعد استهداف ضربات التحالف الدولي الجوية لعدد كبير من مسؤولين رفيعي المستوى في تلك المنظومة، على رأسهم أبو محمد العدناني المتحدث باسم التنظيم وأبو محمد الفرقان الذي أطلق عليه وزير إعلام التنظيم، وأخيرا أبو براء الشامي الذي قضى في الضربة الجوية الأخيرة التي نفذتها الطائرات العراقية في سورية.
يضاف إلى تلك الأسماء المصورين والمحررين والمنتجين الذين تم قتلهم في العمليات العسكرية.
وكان لهذه الخسائر المتزايدة في الطاقم الإعلامي، أثر بالغ على العملية الإعلامية برمتها.
ويعتبر عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد هاشم حسن أن المرتكزات الأساسية لأي إعلام سواء الرسمي أو الجماعات يعتمد على الكفاءة والتقنيات والتمويل.
وبما أن داعش فقد مرتكزاته، بعد تلقيه ضربات قضت على قياداته السياسية والجهادية وخلاياه الإعلامية، فإنه "فقد تأثير الاتصال المباشر".
الحرب الإلكترونية
أما على صعيد العالم الافتراضي، فلم يعد الإنترنت فضاء آمنا للتنظيم، بعد الضغوط والقيود التي فرضتها شركات الإنترنت الكبرى ومسؤولو مواقع التواصل لتعليق وحذف الحسابات المؤيدة للتنظيم والداعمة له.
ففي الربع الأول من العام الجاري، أزال موقع فيسبوك نحو مليوني محتوى لتنظيمي داعش والقاعدة، استجابة لضغوط من الاتحاد الأوروبي لإزالة المحتويات المتطرفة على وجه السرعة.
وفي الفترة ذاتها، حذف موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" 1.2 مليون حساب شجع على الإرهاب منذ 2015 وحتى نهاية 2017.
يقول عميد كلية الإعلام "هذا انعكس على الجانب النفسي، فهذه الانكسارات خلقت رهبة نفسية لدى عدد كبير من الذين كان بالإمكان أن يجندوا".
ووفقا لدراسة مصرية أعدها مرصد دار الإفتاء في مصر، "لم يعد بإمكان داعش استخدام منصات وسائل الإعلام الاجتماعية الكبرى مثلما كان يفعل، وهو ما جعله يتجه إلى منصات التراسل التي توفر خدمات تشفير".
وهذا أدى إلى "انخفاض كبير في نشاط الحسابات بين مؤيديه والمتعاطفين معه".
كما تأثر سلوك مؤيديه أيضا بتحول التنظيم النوعي من وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة إلى منصات التراسل المشفرة.
للإعلام وليس للتجنيد
ويعتبر الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن الغواية الإعلامية التي كان يمارسها التنظيم قد فقدت قوة الجذب لكنها لم تفقد قوة المهنية والوصول.
ويقول الهاشمي في حديث لموقع (ارفع صوتك) "وصل إعلام داعش إلى نقطة مهمة، لن يتمكن من التعويل على آلته الإعلامية في صناعة أكثرية من الأنصار أو المؤمنين به".
وهذا ما دفع بالتنظيم إلى زيادة بث رسائله، بعد "التململ والاضطراب في صفوف عناصره ومناصريه، وتراجع ثقتهم فيما يسمونه بالخليفة والأمراء"، وفقا لدراسة دار الإفتاء المصرية.
لكن تحليلا سريعا لتلك الرسائل يؤكد أن التنظيم "تسوده الصراعات، ويتعاظم إدراكه بتراجعه على الأرض وفي الإعلام".
ويرى الهاشمي أن تلك الرسائل "لا تشكل خطرا، لأنها لا تمتلك الغواية التي فيها مرتكز داعش في تجنيد وجذب العناصر جديدة".
لكن التنظيم سيستخدمها كوسيلة لإثبات إنه أكثر مهنية في صناعة المادة الإعلامية من بين كل الجماعات المسلحة الإرهابية، خصوصا وأنه "يستطيع استخدام إعلام الأسطر في الدفاع عن رسالته، وفقا للهاشمي.
فيما يرى عميد كلية الإعلام هاشم حسن أنه رغم التشديد الذي يشهده العالم لأول مرة، والملاحقة للمواقع الإلكترونية بين فترة، لكننا الآن بحاجة إلى "معالجة الآثار الفكرية والإعلامية لداعش".
وهذا يعتمد كيف نضع إعلام بديل وتعليم بديل لنشر فكر التسامح، وفقا لحسن.