صبي يقف أمام محل سوري في العاصمة العاصمة التركية أنقرة
صبي يقف أمام محل سوري في العاصمة العاصمة التركية أنقرة

يعمل في تركيا نحو 21 ألف سوري بتصاريح عمل رسمية. ومئات الآلاف بدونها. يساهمون بقوة في دفع عجلة الاقتصاد التركي.

يسيطر السوريون على 14 في المئة من الاستثمارات الأجنبية بتركيا، ويملكون أكثر من 6000 شركة حتى تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي.

ويتوقع أن يكون هذا الرقم ارتفع بشكل أكبر في الوقت الحالي. ففي الأشهر السبعة الأولى من عام 2017 وحدها، تأسست 760 شركة.

توفر هذه الشركات وظائف عمل لأكثر من 100 ألف شخص.

وتمثل الفئة العمرية بين 18 و59 سنة، أي القادرون على العمل، أكثر من نصف اللاجئين السوريين في تركيا البالغ عددهم ثلاثة ملايين شخص. وهي يد عاملة رخيصة عموما.

مصطفى شاب سوري يبلغ من العمر 27 عاما. درس اللغة الإنجليزية في الجامعة، لكنه لم يجد عملا يناسب تخصصه الدراسي. يعمل الآن في متجر للجملة في مدينة إسطنبول مقابل أجر بسيط يكفي ليومه.

يقول مصطفى "الشركات والمعامل التركية استفادت من السوريين بشكل كبير. الكثير من الأعمال والخبرات بيد سوريين يتقاضون رواتب بين 600 ليرة و3000 ليرة، أي ما يعادل بحجمها الأقصى 650 دولارا أميركيا".

ويتابع الشاب السوري "تشغيل السوريين بدون إذن عمل يخلصهم (الشركات) من دفع التأمين الصحي الشهري للعامل".

شركات سورية

ساهمت الشركات السورية المنشأة في تركيا في تحريك الاقتصاد التركي. وتبلغ المساهمة السنوية للسوريين في الاقتصاد التركي مليارا و260 مليون ليرة تركية، أي ما يعادل 371 مليون دولار.

وتتركز أغلب الشركات السورية في المدن الجنوبية على الحدود التركية السورية أو القريبة منها، مثل غازي عنتاب ومرسين، لكن أيضا في إسطنبول. وتنتج هذه الشركات النسيج والأحذية والمواد الغذائية.

يقول سامر حجازي، وهو مدير شركة للمواد الغذائية في مدينة غازي عينتاب "ساهم السوريون في تركيا في فتح أسواق جديدة، وبنوا جسوراً بين تجار الوطن العربي وتركيا. وهذا بحد ذاته استثمار ضخم".

يقول سامر إن التجار السوريين تعلموا اللغة التركية وصاروا وسطاء بين العرب والأتراك.

"تهتم تركيا بإقامة المعارض للمساهمة في تسويق المنتجات التركية في العديد من الدول. هذا الشيء فعله السوريون دون تكلفة"، يؤكد التاجر السوري.

وأدخل السوريون منتجات جديدة إلى الأسواق التركية، مثل صابون الغار الحلبي المعروف. وضخوا أموالا ضخمة في سوق الأحذية والجلديات في غازي عنتاب، وفق ما أكده حجازي.

ويشارك ممثلون عن الشركات السورية في المعارض العربية والأجنبية التي تشارك فيها تركيا.

ومنذ 2013، تستحوذ الشركات السورية على أكثر من 25 بالمئة من الشركات الأجنبية المسجلة في تركيا.

عوامل وظروف

ساهمت الشركة السورية في توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل جديدة في الأسواق التركية، حسب ما صرحت به مؤسسة التنمية البشرية التركية، أواخر السنة الماضية.

وتوظف الشركات السورية في المتوسط قرابة 10 أشخاص، سواء من الأتراك أو السوريين (بالضبط 9.4).

يقول أحمد العلي، وهو لاجئ سوري مقيم في جنوب تركيا بولاية أنطاكيا، "استفاد الأتراك من الجهد والخبرة التي حملها السوريون معهم".

ويتابع اللاجئ السوري "في بادئ الأمر، تشجع السوريون على افتتاح مشاريع اقتصادية في أنحاء تركيا، وكانت الحكومة التركية تغض الطرف عنهم فيما يتعلق بالأمور القانونية كالتراخيص والضرائب، ومع الوقت بدأت بتنظيم أعمالهم أكثر".

وتلتزم الشركات المقامة في تركيا بدفع ضرائب سنوية تتراوح بين 15 إلى 35 في المئة من عائداتها.

فوق هذا، تحصل تركيا على ملايين الدولارات من أجل دعم عمالة اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.

في أواخر السنة الفائتة، خصصت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين 700 مليون دولار أميركي من أجل دعم مشاريع خاصة بالسوريين في تركيا.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.