تسبب وقوف مقاتلين من بعض العشائر مع داعش في نزاعات حادة مع العشائر الأخرى/إرفع صوتك
تسبب وقوف مقاتلين من بعض العشائر مع داعش في نزاعات حادة مع العشائر الأخرى/إرفع صوتك

تنظيم داعش سيدخل طور السرية من جديد. ما كان "دولة" لثلاث سنوات، سيتحول مرة أخرى إلى حركة سرية تعمل تحت الأرض، تماما مثلما كان عليه الوضع بين 2006 و2013، عندما كان التنظيم مجرد "دولة العراق الإسلامية".

"كان جنود الخلافة بالأمس.. ترونهم ويرونكم. أما اليوم.. نراكم ولا تروننا"، يقول أحد مقاتلي التنظيم في الشريط الدعائي الأخير الذي صدر الأربعاء.

الباحث الفرنسي، والجهادي السابق، رومان كاييه يقول إن هذا التصريح يشير إلى "العودة إلى تكتيكات ما قبل سنة 2014، والتي تعتمد على حرب العصابات والخطف".

بالنسبة لكاييه، "هذا هو التهديد الجديد الذي تمثله داعش وهي تعمل تحت السرية".

 

​صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقول بدورها إن التنظيم يخطط "لانسحاب منظم".

في تقرير نشرته الأسبوع الماضي، نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن البغدادي "يشرف على إدارة استراتيجية طويلة المدى لمن تبقى من مقاتلي التنظيم في معاقله المتبقية في شرق سورية".

ويؤكد التوجه الجديد المعلومات المخابراتية التي تم جمعها واعترافات المعتقلين من قيادات داعش وكذا تصريحات بعض نشطاء التنظيم.

"حتى عندما كانوا يفقدون الموصل والرقة، كنا نرى مؤشرات على أنهم يخططون للعمل من جديد، كمنظمة سرية"، يقول نيكولاس راسموسين الذي شغل منصب مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، حتى نهاية العام الماضي.

ويجمع المركز ممثلين عن وكالة المخابرات المركزية الأميركية CIA، ومكتب التحقيق الفيدرالي FBI، ووزارة الدفاع.

"في الوقت الذي كانوا يطردون فيه من هذه الأماكن (الموصل والرقة)، كانوا يتركون خلفهم نوعا من نظام الخلية"، يقول راسموسين لواشنطن بوست.

وكتب حينها كولين كلارك من مؤسسة "راند"، قائلا إن داعش ستستمر في العمل تحت الأرض في المناطق الصحراوية في شرق سورية وغرب العراق.. معتمدة على تكتيكات العصابات الكلاسيكية مثل القنص والكمائن، عمليات الكر والفر، والضرب والسيارات المفخخة والاغتيالات.

وتقول واشنطن بوست إن مصادر من داخل داعش نفسه، تم الاتصال بها بوسيلة تبادل رسائل مشفرة، تؤكد التوجه الجديد للتنظيم.

وحسب تصريحات مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه، يدير البغدادي تنظيمه من أحد معاقله في سورية. "أفضل تخمين لدينا هو أنه لا يزال في سورية، في أحد الأجزاء من البلاد التي لا تزال تحت سيطرة داعش"، يقول المتحدث.

ولم يظهر أبو بكر البغدادي منذ آخر شريط صوتي في نهاية أيلول/سبتمبر 2017، أي أسبوعين فقط قبل سقوط الرقة.

وطوال الفترة الماضية، وجه نظره نحو تقوية الأرضية الإيديولوجية للتنظيم تمهيدا للمرحلة المقبلة.

تقول الصحيفة إن البغدادي كان وراء سلسلة من الرسائل في الأشهر الأخيرة لتسوية الخلافات الأيديولوجية بين مقاتليه.

أكثر من هذا، دعا في واقعة غريبة إلى اجتماع عاجل لتدارس المناهج التعليمية للتنظيم، ومقاتلوه حينها في عز حصار الرقة.

حضر الاجتماع الذي نظم منتصف العام الماضي في دير الزور كبار قادة التنظيم، ودعا له البغدادي شخصيا.

كشف عن هذه المعلومات القيادي في داعش إسماعيل العيثاوي المعروف بأبي زيد العراقي الذي اعتقلته الشرطة التركية في شباط/فبراير الماضي وسلمته للمخابرات العراقية.

وقالت خلية الصقور الاستخباراتية العراقية على صفحتها في فيسبوك إن "العملية جرت بعد أن تمكنت الخلية من اختراق قيادات الصف الأول" في داعش.

​​

شريط داعش الأخير يؤكد أيضا استراتيجية السرية التي بات ينهجها التنظيم.

وأظهر الشريط كمائن ضد القوات الأمنية العراقية، وقوات الحشد الشعبي، وعمليات اختطاف بحق أفراد قال التنظيم إنهم من الشرطة الاتحادية.

يقول محمد بنحمو، الخبير المغربي في الجماعات الإسلامية والشؤون الاستراتيجية، إن داعش يحاول التغطية عن الخسائر التي مني بها بإظهار نفسه قادرا على العودة من جديد.

ويوضح "التكتيكات القديمة المتمثلة في حرب العصابات والعمل السري التي يهدد بالعودة إليها تدخل ضمن استراتيجيته الجديدة، فهو يعمل حاليا على إعادة بث الحماس في خلاياه السرية النائمة بعد خيبة الأمل التي أصيب بها عند تبخر حلم الخلافة".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.