يمنيون يتسوقون في أسواق صنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية
يمنيون يتسوقون في أسواق صنعاء/وكالة الصحافة الفرنسية

صنعاء- غمدان الدقيمي:

في سوق شعبي لبيع الملابس المستخدمة شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، جلس عاصف الحمودي (35 عاما)، يتفحص بعناية بنطلونا مستخدما، قائلا لطفل كان يقف بجواره “يبدو هذا جيدا”..!، قبل أن يسأل البائع عن الثمن.

وخلال السنوات الأخيرة، لجأ عاصف الحمودي كثيرا إلى أسواق الملابس المستخدمة، أو ما يسمي بـ ”الحراج” لشراء احتياجات أسرته المكونة من 8 أفراد من الملابس.

سوق شعبية لبيع الملابس المستخدمة شرقي صنعاء

​​

ويعمل الحمودي موظفا حكوميا، لكنه لم يتسلم راتبه منذ 19 شهرا كحال معظم الموظفين اليمنيين الذين فقدوا مصادر دخلهم بسبب تداعيات الحرب التي تعصف بالبلاد منذ ثلاث سنوات. 

“منذ حوالي عامين أشتري ملابسي وأطفالي من سوق الحراج هذا، نجد هنا ملابس ذات قماش جيد، لكن الأهم أنها رخيصة الثمن”، قال عاصف لموقع (ارفع صوتك).

“أنظر هنا توجد ملابس شتوية وصيفية لمختلف الأعمار، قبل الحرب لم أكن أزور هذه الأسواق، كنت أشتري ملابس لأسرتي من مولات شهيرة”، أضاف الرجل النحيل الذي كان إلى جانبه اثنان من أبنائه.

مخاوف

في ذات المكان، كان أحمد إبراهيم (42 عاما)، يفتش أيضا عن ملابس لائقة بأطفاله الستة الذين يبلغ عمر أكبرهم 16 عاما.

“بسبب الفقر نشتري ملابسنا من هنا، هذا القميص بـ 500 ريال (1.0 دولار أميركي) ستجد قيمته في محل لبيع الملابس الجديدة بـ 2000 ريال (4.16 دولار أميركي)”.

سوق شعبية لبيع الملابس المستخدمة شرقي صنعاء

​​

وأشار إبراهيم إلى أنه فقد أكثر من نصف دخله من عمله في ورشة لسمكرة السيارات، حيث كان يجني قبل الحرب أكثر من 100 ألف ريال شهريا (208.33 دولار).

ولم يخف الرجل الأربعيني مخاوفه من انتقال بعض الأمراض الجلدية المعدية إلى أطفاله عبر هذه الملابس، لكنه قال “ماذا أعمل لا يوجد لدي حل آخر”.

وتنتشر في عموم المدن اليمنية محلات وأسواق شعبية لبيع الملابس المستعملة غالبيتها مستوردة من خارج البلاد.

وبسبب الحرب والظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي تعشيها البلاد، باتت هذه التجارة تلقى رواجا كبيرا، حسب باعة ومستهلكين.

وتسببت الحرب المتصاعدة في اليمن منذ العام 2014 بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم حسب توصيف الأمم المتحدة، مع ارتفاع أعداد اليمنيين الذين يحتاجون لمساعدات إنسانية إلى نحو 22 مليون شخص، منهم 11.3 مليونا بحاجة ماسة للغذاء العاجل.

كما ضاعف من تدهور الوضع الانساني على نحو مريع، عجز سلطات الأطراف المتصارعة في اليمن، عن دفع رواتب حوالى مليون و200 ألف موظف حكومي للعام الثالث على التوالي، فضلا عن تسريح عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص بسبب التداعيات الاقتصادية للنزاع.

70 في المئة

يقول يحيى الريمي (45 عاما)، الذي يعمل في بيع هذه الملابس منذ 23 عاما، إن مبيعاته ارتفعت بحوالي 70 في المئة خلال فترة الحرب الحالية مقارنة بما كان عليه الحال قبل الحرب.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “نشتري هذه الملابس من تجار محليين، وبعضها من مواطنين يأتون إلينا لبيع قطع من ملابسهم من أجل توفير لقمة العيش”.

يتابع يحيى الريمي، بينما كان يمسك جاكت للبيع قال إن قيمته جديدا يتجاوز 50 دولارا، "بينما نبيعه نحن بأقل من 5 دولارات".

وفي محل تجاري شهير لبيع الملابس وسط العاصمة صنعاء، قال أحد العاملين إن بعض الملابس التي يبيعونها بأسعار زهيدة مستعملة.

أضاف لموقع (ارفع صوتك) “هذه الملابس نستوردها من الخارج وهي جيدة وأصلية ومن إنتاج ماركات عالمية مشهورة، وقبل عرضها للبيع يتم غسلها وتعقيمها”.

غير آمنه

وتفتقر السلطات المختصة في اليمن إلى أرقام دقيقة حول حجم تجارة الملابس المستعملة في البلاد.

لكن فضل مقبل، وهو رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك (منظمة مدنية محلية)، ومسؤول سابق في وزارة الصناعة والتجارة، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنه “بحسب بيانات مركز التجارة الدولية فإن قيمة واردت اليمن من الملابس المستعملة ارتفعت من 1.73 مليون دولار في العام 2013 إلى حوالي 3 مليون دولار عام 2017”.

ارتفعت واردت اليمن من الملابس المستعملة من 1.73 مليون دولار إلى حوالي 3 مليون دولار

​​

ويؤكد مقبل أن هذه الملابس “لا تخضع إلى الاشتراطات الفنية والصحية من أي جهة وانما متروكة للمستوردين، أيضا لا توجد مواصفات قياسية للملابس الجديدة فما بالك بالمستعملة، ولا أي رقابة صحية عليها. آليات تجارتها لا تقوم على أساس سليم وآمن من حيث النظافة والتعقيم والنقل والتخزين والعرض”.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.