من الأرشيف- شرطة البصرة تلقي القبض على مشتبه بهم بقضايا إرهاب/وكالة الصحافة الفرنسية
من الأرشيف- شرطة البصرة تلقي القبض على مشتبه بهم بقضايا إرهاب/وكالة الصحافة الفرنسية

بغداد - دعاء يوسف: 

"ليس بمقدور الحكومة العراقية وحدها تمويل الجهاز الأمني، لهذا يجب تقليصه".

هذا ما يقوله رئيس بعثة الشرطة الأوروبية في العراق، الألماني ماركوس ريتر في تصريح سابق.

وبحسب ريتر الذي يعمل مع بعثة الاتحاد الأوروبي على دعم العراق في إصلاح القطاع الأمني، فإن "الشرطة العراقية مؤسسة إلى حد كبير الآن على نحو شبه عسكري، لأن عملها مركز بالكامل على مكافحة تنظيم "داعش"،

يقود ريتر 35 خبيراً من دول أوروبية مختلفة يقدمون المشورة لوزارة الداخلية العراقية ومكتب مستشار الأمن القومي. وهو يقول إن من "الضرورة أن يتأقلم الجهاز الأمني المسلح في العراق على أوقات السلم"، فيما دعا إلى تقليص الجهاز الأمني وإصلاح قطاعه، أو إعادة هيكليته، وتحديدا في مسألة التزايد الكبير في الأسلحة.

تبدو مخاوف ريتر واقعية. في عام 2003، تم حل الجيش العراقي السابق، وفق قانون أصدره الحاكم المدني بول بريمر على حل القوات الأمنية العراقية.

ولجأت الولايات المتحدة منذ عام 2005 إلى تدريب وتوظيف الضباط والجنود العراقيين، بمعدل وصل إلى تجنيد (14) ألف رجل كل خمسة أسابيع.

وخلال ست سنوات وصل عدد الجيش إلى 200 ألف مقاتل تقريبا، كانت فترة تدريبهم تستغرق ما بين (3-5) أسابيع فقط لكل دفعة، حسب دراسة لمعهد "كارنيغي".

في عام 2008، أي بعد تولي نوري المالكي رئاسة الوزراء، صارت وزارتي الدفاع الوطني والداخلية والأجهزة الأمنية كافة تحت إشرافه وسيطرته المباشرة. كما قام خلال فترتي حكمه بتجنيد الأفراد في هذه المؤسسات بدوافع الانتماءات السياسية والتبعية الدينية، وكان يطلق عليهم آنذاك ضباط الدمج.

يقول الخبير الأمني جابر الزيدي إن "مشكلة العراق وخاصة الاجهزة الأمنية، منذ العام ٢٠٠٣، تتمحور أساساً بالفساد".

الفساد المستشري في الأجهزة الأمنية، حسب الخبير، مقسم على اتجاهين، الأولى تتمثل بالتجنيد وفق التبعيات الطائفية والدينية بعيداً عن الانتماءات الوطنية.

أما الاتجاه الثاني بالفساد فقد مثلته صفقات الأسلحة المشكوك فيها، وكذلك تسرب الأسلحة من المخازن العسكرية الى الشارع.

في عام 2014، عمّد رئيس الوزراء حيدر العبادي في محاولة لتأهيل عمل القوات المسلحة والجيش العراقي، إلى تسريح مئات العسكريين من الخدمة، وكذلك الكشف عن وجود (50) ألف من الجنود المتسربين، أو (الفضائيين) كما يحلو للعراقيين تسميتهم.

يستلم هؤلاء رواتبا شهرية دون الالتحاق بالخدمة مقابل نسبة تدفع لقادتهم، كما تم الكشف عن آلاف الجنود الوهميين الذين فسحوا المجال لسيطرة داعش.

ويضيف جابر أن داعش استولى على بعض المدن العراقية بمساندة الأسلحة التي تركها الجنود العراقيين وفروا من تلك المدن، 

عضو لجنة النزاهة العراقية، ريبوار طه، قال في تصريحات سابقة إن وزارة الدفاع اعترفت بوجود 18 عقداً فاسداً لشراء أسلحة.

ويعتقد الخبير جابر، أنّ مسألة هيئة الحشد الشعبي وأفرادها الذين انتسبوا إليها بعد صدور فتوى المرجعية الدينية (الجهاد الكفائي) لمحاربة داعش الإرهابي ستحد من إمكانية فكرة تقليص الجهاز الأمني في الوقت الحالي على الأقل.

ويضيف أن "هناك مساع لضم منتسبي هيئة الحشد لوزارة الداخلية وهو الأمر الذي يستبعد تقليص هذه الأجهزة بل قد يزيد من منسبيها".

ويتابع " الآلاف من الشباب انتسبوا لهذه الهيئة وكذلك للأجهزة الأمنية لأنهم لم يجدوا فرص عمل مناسبة لهم بسبب البطالة، لذا لا يمكن تقليص هذه الاجهزة بوجود مثل هذه التحديات".

وتنفي وزارة الداخلية العراقية وجود خطط لتقليص الأجهزة الأمنية حالياً، لكن حجم القوات الأمنية كبير جدا، وربما يسبب هذا الحجم مشكلة ليست اقتصادية فحسب، بل أمنية أيضا.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.