للمرة الأولى في رمضان، لم ترفع شعائر صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت في مساجد العاصمة صنعاء.
للمرة الأولى في رمضان، لم ترفع شعائر صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت في مساجد العاصمة صنعاء.

على مدى أكثر من 20 عاما، ظل عمار (49 عاما) يواظب على أداء صلاة التراويح في مسجد مجاور لمنزله في مدينة عمران، 50 كيلومترا شمالي العاصمة اليمنية صنعاء.

لكن منذ سيطرة جماعة الحوثيين على المدينة سنة 2014، بدأ عمار (اسم مستعار) في تأدية التراويح في منزله. حسب الرجل الخمسيني، الجماعة الشيعية هي السبب.

“صلاة التراويح لم تعد تقام سوى في جوامع محدودة. فشل الحوثيون في منعها بسبب الاحتجاجات الشعبية. لكنهم اشترطوا عدم تشغيل مكبرات الصوت”، يقول عمار الذي اشتكى من "تضييق مذهبي" في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة شمالي اليمن.

يقول عمار إن الخلاف بين الشيعة والسنة حول جواز صلاة التراويح يجب ألا يمنع المعتقدين بها من تأديتها. "الدين للجميع"، يعلق.

تراويح بدون مكبرات

للمرة الأولى في رمضان، لم ترفع شعائر صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت في مساجد العاصمة صنعاء.

ويقول السنة إن صلاة التراويح "سنة"، بينما يقول الشيعة، ومنهم الزيدية التي ينتمي إليها الحوثيون، إنها "بدعة" استحدثها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.

وأصدرت وزارة الأوقاف الخاضعة للحوثيين في صنعاء تعميما لكافة أئمة المساجد بمنع رفع شعائر صلاة التراويح وقيام الليل عبر مكبرات الصوت الخارجية، لأن ذلك “يشكل ضررا على المرضى والمسنين في المجتمع”.

يقول الشيخ صلاح الكبودي، إمام وخطيب جامع الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر شمالي صنعاء، “نعم وصلتنا هذه التوجيهات. لكن لم يصلنا توجيه بمنع إقامة صلاة التراويح” نهائيا.

مسألة تنظيمية؟

يعتبر عبد الحكيم هلال، وهو صحافي وباحث يمني في شؤون الجماعات الإسلامية، أن هذا الاجراء يمثل “خطوة تمهيدية لمنع صلاة التراويح في رمضان العام القادم”.

ويقول إنه "تأتي ضمن إجراءات كثيرة اتخذها الحوثيين للتضييق" على السنة.

لكن يحيى النهاري، وهو نائب مدير عام المساجد في وزارة الأوقاف والإرشاد الخاضعة للحوثيين، ينفي هذه الاتهامات. ويقول إنها “مجرد ادعاءات”.

يشدد النهاري أن وزارته لا تتعامل على أساس “أن هذا زيدي وهذا شافعي”. وينتمي أغلب سنة اليمن إلى المذهب الشافعي.

“منع استخدام مكبرات الصوت في المساجد خلال التراويح عملية تنظيمية، وليست من باب فرض قيود لأن العبادة لا قيود فيها”، يقول نائب مدير عام المساجد في وزارة الأوقاف الحوثية.

لكن مسؤول رفيعا في الوزارة نفسها لم ينكر في حديث سابق لموقع (ارفع صوتك) تصاعد وتيرة ما سماه "الإقصاء والتحريض المذهبي في اليمن بشكل عام"، قائلا إن “الوضع السياسي القائم انعكس سلبا على الخطاب الديني”.

وحسب أئمة مساجد في صنعاء، شمل التعميم الوزاري الحوثي ضرورة “الدعاء بعد كل صلاة للمقاتلين الحوثيين وحلفائهم بالنصر والتأييد والتمكين على خصومهم في التحالف الذي تقوده السعودية”.

دوافع مذهبية!

يقول همام شكري (35 عاما)، وهو شاب يمني ينتمي إلى حزب "تجمع الإصلاح" القريب من جماعة الإخوان المسلمين، “هناك مساجد توقف فيها أداء صلاة التراويح".

ويوضح "الدافع لا شك سياسي مذهبي، في إطار التضييق والمناكفات الجارية”.

لكن مهران علي، وهو مواطن يمني أربعيني، يبدي ارتياحه من قرار إغلاق مكبرات الصوت الخارجية في صلاة التراويح، “لأنها تزعج كثير من الناس خاصة المرضى”.

ومنذ اجتياح جماعة الحوثيين للعاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014، عمدت إلى استبدال أئمة وخطباء مساجد كثيرة بآخرين موالين لها.

ويوجد في اليمن أكثر من 80 ألف مسجد، يخضع حوالي 70 في المئة منها لإشراف وزارة الأوقاف.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.