ركزت التنظيمات الإرهابية على استقدام الشباب من ذوي السوابق جنائية.
تقول دراسة لمركز محاربة التطرف التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية (ويست بوينت) إن نسبة كبيرة من الذين انضموا لجماعات متطرفة مسلحة كانت لديهم سوابق إجرامية موثقة في سجلات مراكز الشرطة.
في سنة 2016، درس الباحثان بيتر نيومان وراجان بصرا خلفيات 79 جهاديا أوروبيا. وكانت النتيجة أن هؤلاء الجهاديين "لم يكونوا فقط مجرمين، بل إن سجلهم الإجرامي كان محددا في تطرفهم، إذ أثر في الكيفية التي تطرفوا بها في اتجاه العنف، وبالكيفية التي نشطوا بها بعد تطرفهم".
يقول الباحثان "أولا، يمنح العمل الجهادي مغفرة من ذنوب الماضي، فضلا عن إضفاء الشرعية للجرائم المقبلة. ثانيا، توفر السجون بيئة ملائمة للتطرف ونسج شبكات بين المجرمين والمتطرفين. ثالثا، يقوم المجرمون بتطوير المهارات التي يمكن أن تكون مفيدة لهم كمتطرفين، مثل الولوج إلى الأسلحة وتزوير الوثائق، فضلا عن امتلاك القدرة النفسية على التطبيع مع العنف. وأخيرا، تستخدم الجرائم المالية والجرائم الصغيرة لتمويل التطرف".
الارتباط بين الجريمة والتطرف ليس حديثا. فمنذ سنوات طويلة، فرضت حركة طالبان الأفغانية ضرائب على إنتاج الهيرويين وترويجه. ويواجه حزب الله اتهامات بالاستثمار في صناعة المخدرات وربط علاقات مع شبكات في أميركا الجنوبية منذ الثمانينيات. وتورطت جماعات أخرى مثل الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) في تهريب البنزين والسجائر وتزييف السلع الاستهلاكية.
وحسب تقرير للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي بجامعة كينغز كوليدج في لندن، أواخر 2017، فإن 60 في المئة من الهولنديين والنرويجيين المنضمين لجماعات متطرفة كان لديهم سوابق إجرامية، وثلثي العناصر الألمانيين لهم ماض جنائي. وتبلغ النسبة النصف في المتطرفين من أصل بلجيكي.
وأكد التقرير على أنه في جميع أنحاء أوروبا، يتم دمج الأوساط الإجرامية والمتطرفة، نظرا لوجود العديد من الجهاديين والمقاتلين الأجانب الذين لديهم ماضٍ إجرامي.
ويعيش الكثير من ذوي السجلات الإجرامية على الهامش في ظروف سيئة إلى درجة تجعلهم قابلين للتحول إلى التطرف بسهولة، والانضمام لمجموعة إرهابية تشرعن العنف والقتل بناء على معتقدات ومبادئ دينية.
وفي السنوات الماضية، تورط ذوو سوابق إجرامية في عدد من أفظع العمليات الإرهابية في أوروبا، آخرهم خالد البكراوي وأنيس العمري وعبد الحميد أبا عود.
وتنوعت سوابق هؤلاء الإجرامية بين العمل في عصابات والضلوع في عمليات سرقة والاتجار بالمخدرات والأسلحة.
خالد البكراوي منفذ هجمات بروكسل، سبق أن حكم عليه بالسجن خمس سنوات في 2011 بعد إدانته بتهمة سرقة سيارات، وقبض عليه وبحوزته أسلحة كلاشينكوف.
عبد الحميد أباعود، مدبر هجمات باريس، حكم عليه سنة 2010 بالسجن بتهمة السطو المسلح.
الشيء نفسه بالنسبة لأنيس العمري منفذ هجوم برلين (في الكريسماس) الذي كان يتاجر بالمخدرات.
ويبقى أبرز مثال على الانتقال من عالم الجريمة إلى التطرف، هو الأردني أبو مصعب الزرقاوي.
فبعد أن تورط في نشاطات إجرامية صغيرة (مخدرات، خصومات)، تحول أبو مصعب الزرقاوي إلى متطرف، وانتقل إلى أفغانستان ومنها إلى العراق، حيث أسس تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
قتل الزرقاوي سنة 2006، لكن التنظيم استمر في العمل بمسميات جديدة قبل أن يستقر عند تنظيم داعش.