قضى عبد العزيز قرابة 13 سنة وراء القضبان بعد إدانته بتهم تتعلق بالإرهاب/ Shutterstock
متطرف/ متشدد/ إرهابي

ركزت التنظيمات الإرهابية على استقدام الشباب من ذوي السوابق جنائية.

تقول دراسة لمركز محاربة التطرف التابع للأكاديمية العسكرية الأميركية (ويست بوينت) إن نسبة كبيرة من الذين انضموا لجماعات متطرفة مسلحة كانت لديهم سوابق إجرامية موثقة في سجلات مراكز الشرطة.

في سنة 2016، درس الباحثان بيتر نيومان وراجان بصرا خلفيات 79 جهاديا أوروبيا. وكانت النتيجة أن هؤلاء الجهاديين "لم يكونوا فقط مجرمين، بل إن سجلهم الإجرامي كان محددا في تطرفهم، إذ أثر في الكيفية التي تطرفوا بها في اتجاه العنف، وبالكيفية التي نشطوا بها بعد تطرفهم".

يقول الباحثان "أولا، يمنح العمل الجهادي مغفرة من ذنوب الماضي، فضلا عن إضفاء الشرعية للجرائم المقبلة. ثانيا، توفر السجون بيئة ملائمة للتطرف ونسج شبكات بين المجرمين والمتطرفين. ثالثا، يقوم المجرمون بتطوير المهارات التي يمكن أن تكون مفيدة لهم كمتطرفين، مثل الولوج إلى الأسلحة وتزوير الوثائق، فضلا عن امتلاك القدرة النفسية على التطبيع مع العنف. وأخيرا، تستخدم الجرائم المالية والجرائم الصغيرة لتمويل التطرف".

الارتباط بين الجريمة والتطرف ليس حديثا. فمنذ سنوات طويلة، فرضت حركة طالبان الأفغانية ضرائب على إنتاج الهيرويين وترويجه. ويواجه حزب الله اتهامات بالاستثمار في صناعة المخدرات وربط علاقات مع شبكات في أميركا الجنوبية منذ الثمانينيات. وتورطت جماعات أخرى مثل الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) في تهريب البنزين والسجائر وتزييف السلع الاستهلاكية.

وحسب تقرير للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي بجامعة كينغز كوليدج في لندن، أواخر 2017، فإن 60 في المئة من الهولنديين والنرويجيين المنضمين لجماعات متطرفة كان لديهم سوابق إجرامية، وثلثي العناصر الألمانيين لهم ماض جنائي. وتبلغ النسبة النصف في المتطرفين من أصل بلجيكي.

وأكد التقرير على أنه في جميع أنحاء أوروبا، يتم دمج الأوساط الإجرامية والمتطرفة، نظرا لوجود العديد من الجهاديين والمقاتلين الأجانب الذين لديهم ماضٍ إجرامي.

ويعيش الكثير من ذوي السجلات الإجرامية على الهامش في ظروف سيئة إلى درجة تجعلهم قابلين للتحول إلى التطرف بسهولة، والانضمام لمجموعة إرهابية تشرعن العنف والقتل بناء على معتقدات ومبادئ دينية.

وفي السنوات الماضية، تورط ذوو سوابق إجرامية في عدد من أفظع العمليات الإرهابية في أوروبا، آخرهم خالد البكراوي وأنيس العمري وعبد الحميد أبا عود.

وتنوعت سوابق هؤلاء الإجرامية بين العمل في عصابات والضلوع في عمليات سرقة والاتجار بالمخدرات والأسلحة.

خالد البكراوي منفذ هجمات بروكسل، سبق أن حكم عليه بالسجن خمس سنوات في 2011 بعد إدانته بتهمة سرقة سيارات، وقبض عليه وبحوزته أسلحة كلاشينكوف.

عبد الحميد أباعود، مدبر هجمات باريس، حكم عليه سنة 2010 بالسجن بتهمة السطو المسلح.

الشيء نفسه بالنسبة لأنيس العمري منفذ هجوم برلين (في الكريسماس) الذي كان يتاجر بالمخدرات.

ويبقى أبرز مثال على الانتقال من عالم الجريمة إلى التطرف، هو الأردني أبو مصعب الزرقاوي.

فبعد أن تورط في نشاطات إجرامية صغيرة (مخدرات، خصومات)، تحول أبو مصعب الزرقاوي إلى متطرف، وانتقل إلى أفغانستان ومنها إلى العراق، حيث أسس تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

قتل الزرقاوي سنة 2006، لكن التنظيم استمر في العمل بمسميات جديدة قبل أن يستقر عند تنظيم داعش.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.