معارك درنة تدخل مراحلها الأخيرة.
المدينة التي خرجت عن سيطرة الدولة الليبية منذ سبع سنوات، صارت تحت سيطرة قوات "الجيش الوطني الليبي" التابعة "للمشير" خليفة حفتر.
بسطت القوات يدها على مختلف أحياء المدينة بعد أشهر طويلة من المعارك مع جماعات إسلامية مسلحة.
مدينة الكتائب
خضعت مدينة درنة الساحلية (تبعد بـ1000 كيلومتر عن العاصمة طرابلس) خلال السنوات الثلاث الأخيرة لسيطرة "مجلس شورى مجاهدي درنة"، ويضم ميليشيات إسلامية متشددة.
قبل "المجلس"، كان سكان المدينة البالغ عددهم 150 ألفا تحت رحمة فصائل متناحرة متوزعة الولاء بين القاعدة وداعش.
تقع درنة في شرق ليبيا، واعتبرت تاريخيا معقلا للمتشددين.
ظهرت الجماعات الإسلامية المسلحة في المدينة مبكرا، في العام الأول "للثورة الليبية".
في سنة 2011، تشكلت كتيبة "شهداء أبو سليم"، في إشارة إلى سجن محلي، وضمت أغلب أبناء التيار الجهادي في درنة.
كانت الكتيبة قريبة من فكر القاعدة قادها مقاتلون سابقون في الجماعة الليبية المقاتلة، مثل عبد الحكيم الحصادي وسالم دربي (قتل في حزيران/يونيو 2015).
في الأشهر الموالية، تتابع ظهور الكتائب: طلائع الخلافة، كتيبة الموت، كتيبة البراء بن مالك...إلخ.
في تلك الأثناء، كانت تنظيم "أنصار الشريعة"، الممثل شبه الرسمي للقاعدة"، يحاول هو الآخر إيجاد مكان له في المدينة.
وُضع التنظيم على لوائح مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية في تشرين الأول/نوفمبر 2014.
داعش على الخط
خلال سنتي 2013 و2014، ارتفعت عمليات القتل والتفجير وسط درنة، واستهدفت رجال أمن وقضاة وصحافيين، إضافة إلى مقاتلي الفصائل.
أعلنت الفصائل، في آذار/مارس 2014، تشكيل "مجلس شورى شباب الإسلام" لإدارة المدينة والتصدي للانفلات الأمني.
ضم المجلس "أنصار الشريعة" والمجموعات الجهادية الصغيرة. لكن كتيبة "شهداء أبو سليم" ظلت خارجه.
بعد أشهر قليلة فقط، أعلن المجلس الجديد بيعته لتنظيم داعش. حدث ذلك في تشرين الأول/أكتوبر 2014.
أدى هذا الإعلان إلى انقسامات بين الفصائل المشاركة في "شورى شباب الإسلام".
وأعلن الرافضون مبايعة داعش تشكيل هيئة جديدة في نهاية 2014: "مجلس شورى مجاهدي درنة". ويضم كتيبة أنصار الشريعة بدرنة وكتيبة شهداء أبو سليم وكتيبة جيش الإسلام.
دخل "مجلس شورى مجاهدي درنة" في حرب دامية مع تنظيم داعش، انتهت بإخراجه من المدينة في تموز/يوليو 2015.
عوض داعش خسارته لدرنة بالسيطرة على سرت لأكثر من سنة.
أما "مجلس شورى مجاهدي درنة"، فظل مسيطرا على درنة حتى قبل أيام ليخسرها لها أمام قوات خليفة حفتر.
قوات حفتر نفسها تدعم حكومة موازية في شرق ليبيا، في مواجهة حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس.