طفل منتمي لداعش نفذ عملية أعدام لرهائن ألمانيين لدى التنظيم/لقطة عن يوتيوب
طفل منتمي لداعش نفذ عملية أعدام لرهائن ألمانيين لدى التنظيم/لقطة عن يوتيوب

قبل ثلاثة أسابيع فقط، دعت الحكومة العراقية دول العالم إلى تسلم أطفال مقاتلي داعش الأجانب.

الناطق باسم الخارجية العراقية قال في لقاء خاص مع الصحافيين في بغداد " نحض كل البعثات في العراق.. للمبادرة بتسلم رعاياها من الذين انتهت مدة محكوميتهم أو الأطفال غير المدانين بجرم".

وتشير تصريحات السلطات العراقية إلى أنها تحتجز أزيد من 800 طفل من 14 جنسية، فيما قدر عضو في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، في تصريحات صحافية، عدد أطفال مقاتلي داعش الأجانب والموجودين في مراكز إيواء تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأكثر من 1120 طفلا.

لكن دول العالم لا تبدو متحمسة لتسلم هؤلاء الأطفال وأمهاتهم. في نهاية العام الماضي، نشرت صحيفة الديلي ميل البريطانية تقريرا قالت فيه إن "المسؤولين العراقيين يعملون جاهدين لإرسال المئات من زوجات مقاتلي الأجانب إلى بلدانهم. لكن الدول الأوروبية ترى هؤلاء الزوجات وأطفالهن قنابل موقوتة"، وترفض استلامهم.

وكشفت الصحيفة وجود 1750 زوجة وطفل أجنبي على الأقل في السجون العراقية حينها.

جيل جديد من المقاتلين

سعى تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على مساحات شاسعة في العراق وسورية، بين 2014 و2017، إلى خلق جيل جديد من المقاتلين، ولو بتشجيع مقاتليه على استعباد النساء.

وكان التنظيم يدفع، وفق وثائق داخلية رسمية، 50 دولارا شهريا كتعويض عن كل "أسيرة مستعبدة" (أمة)، و35 دولارا عن كل طفل منها. وهو ما يساوي تماما التعويضات التي تدفع للمقاتلين عن كل زوجة فعلية.

وكان داعش نفذ، في آب/أغسطس 2014، إحدى أكبر عمليات الاستعباد الجماعي عندما سيطر على قضاء سنجار قرب الموصل، شمال العراق. واختطف ما يزيد عن 6400 أيزيدي، أكثر من نصفهم نساء.

وينضاف إلى الأطفال الناتجين عن حمل قسري مئات الأطفال من زيجات عراقية فعلية لمقاتلين ومئات الأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب.

ورغم غياب إحصائيات تفصيلية عن كل فئة، يقول تقرير لمؤسسة كويليام البريطانية، حول أطفال داعش، إنه كانت هناك نحو 31 ألف امرأة حامل في "دولة الخلافة" سنة 2016.

تركة ثقيلة

بعد تحرير مدينة الموصل، قبل عام، عملت السلطات العراقية على تجميع أطفال ونساء مقاتلي داعش في مخيمات معزولة أو في دور رعاية.

اعتبرت منظمات حقوقية الأمر عمليات احتجاز بدون "أسس قانونية"، إذ "لم يمثل أي من المحتجزين أمام قاض لتقييم شرعية وضرورة الاحتجاز".

وتقول هيومن رايتس ووتش إن القضاء العراقي يحاكم أطفال مقاتلي داعش، ابتداء من سن التاسعة. "وحكم عليهم في بعض الحالات بالسجن لفترات تصل إلى خمس سنوات بتهمة الانتماء إلى داعش، وإلى 15 سنة بتهمة المشاركة في أعمال عنيفة".

وفي العراق، يعتبر كل طفل بلغ سن التاسعة مسؤولا جنائيا.

وحسب المنظمة الحقوقية، نقلا عن محام مثل العديد من الأطفال الأجانب، حاكمت السلطات العراقية ما بين 400 و500 طفل بتهمة الانتماء لداعش ودخول البلاد بطريقة غير شرعية.

لكن هيومن رايتس ووتش تدعو العراق إلى "التركيز على إعادة التأهيل، وليس الإجراءات العقابية".

وطالبت المنظمة المجتمع الدولي هو الآخر بدعم برامج إعادة التأهيل والإدماج الموجهة للأطفال.

ويوجد من بين أطفال مقاتلي داعش العشرات بدون هوية. بعضهم عراقيون، وآخرون أجانب لا يعرفون شيئا عن والديهم.

ويواجه كثير منهم خطر تصنيفهم "عديمي الجنسية" لانعدام وثائق تثبت هويتهم.

وناشدت المفوضية العليا للاجئين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حكومات البلدان التي قاتل بعض مواطنيها في صفوف داعش تسجيل هؤلاء الأطفال وضمان حصولهم على الجنسية.

 

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.