قبل ثلاثة أسابيع فقط، دعت الحكومة العراقية دول العالم إلى تسلم أطفال مقاتلي داعش الأجانب.
الناطق باسم الخارجية العراقية قال في لقاء خاص مع الصحافيين في بغداد " نحض كل البعثات في العراق.. للمبادرة بتسلم رعاياها من الذين انتهت مدة محكوميتهم أو الأطفال غير المدانين بجرم".
وتشير تصريحات السلطات العراقية إلى أنها تحتجز أزيد من 800 طفل من 14 جنسية، فيما قدر عضو في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، في تصريحات صحافية، عدد أطفال مقاتلي داعش الأجانب والموجودين في مراكز إيواء تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بأكثر من 1120 طفلا.
لكن دول العالم لا تبدو متحمسة لتسلم هؤلاء الأطفال وأمهاتهم. في نهاية العام الماضي، نشرت صحيفة الديلي ميل البريطانية تقريرا قالت فيه إن "المسؤولين العراقيين يعملون جاهدين لإرسال المئات من زوجات مقاتلي الأجانب إلى بلدانهم. لكن الدول الأوروبية ترى هؤلاء الزوجات وأطفالهن قنابل موقوتة"، وترفض استلامهم.
وكشفت الصحيفة وجود 1750 زوجة وطفل أجنبي على الأقل في السجون العراقية حينها.
جيل جديد من المقاتلين
سعى تنظيم داعش خلال فترة سيطرته على مساحات شاسعة في العراق وسورية، بين 2014 و2017، إلى خلق جيل جديد من المقاتلين، ولو بتشجيع مقاتليه على استعباد النساء.
وكان التنظيم يدفع، وفق وثائق داخلية رسمية، 50 دولارا شهريا كتعويض عن كل "أسيرة مستعبدة" (أمة)، و35 دولارا عن كل طفل منها. وهو ما يساوي تماما التعويضات التي تدفع للمقاتلين عن كل زوجة فعلية.
وكان داعش نفذ، في آب/أغسطس 2014، إحدى أكبر عمليات الاستعباد الجماعي عندما سيطر على قضاء سنجار قرب الموصل، شمال العراق. واختطف ما يزيد عن 6400 أيزيدي، أكثر من نصفهم نساء.
وينضاف إلى الأطفال الناتجين عن حمل قسري مئات الأطفال من زيجات عراقية فعلية لمقاتلين ومئات الأطفال من أبناء المقاتلين الأجانب.
ورغم غياب إحصائيات تفصيلية عن كل فئة، يقول تقرير لمؤسسة كويليام البريطانية، حول أطفال داعش، إنه كانت هناك نحو 31 ألف امرأة حامل في "دولة الخلافة" سنة 2016.
تركة ثقيلة
بعد تحرير مدينة الموصل، قبل عام، عملت السلطات العراقية على تجميع أطفال ونساء مقاتلي داعش في مخيمات معزولة أو في دور رعاية.
اعتبرت منظمات حقوقية الأمر عمليات احتجاز بدون "أسس قانونية"، إذ "لم يمثل أي من المحتجزين أمام قاض لتقييم شرعية وضرورة الاحتجاز".
وتقول هيومن رايتس ووتش إن القضاء العراقي يحاكم أطفال مقاتلي داعش، ابتداء من سن التاسعة. "وحكم عليهم في بعض الحالات بالسجن لفترات تصل إلى خمس سنوات بتهمة الانتماء إلى داعش، وإلى 15 سنة بتهمة المشاركة في أعمال عنيفة".
وفي العراق، يعتبر كل طفل بلغ سن التاسعة مسؤولا جنائيا.
وحسب المنظمة الحقوقية، نقلا عن محام مثل العديد من الأطفال الأجانب، حاكمت السلطات العراقية ما بين 400 و500 طفل بتهمة الانتماء لداعش ودخول البلاد بطريقة غير شرعية.
لكن هيومن رايتس ووتش تدعو العراق إلى "التركيز على إعادة التأهيل، وليس الإجراءات العقابية".
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي هو الآخر بدعم برامج إعادة التأهيل والإدماج الموجهة للأطفال.
ويوجد من بين أطفال مقاتلي داعش العشرات بدون هوية. بعضهم عراقيون، وآخرون أجانب لا يعرفون شيئا عن والديهم.
ويواجه كثير منهم خطر تصنيفهم "عديمي الجنسية" لانعدام وثائق تثبت هويتهم.
وناشدت المفوضية العليا للاجئين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حكومات البلدان التي قاتل بعض مواطنيها في صفوف داعش تسجيل هؤلاء الأطفال وضمان حصولهم على الجنسية.