مقاتل في الحشد الشعبي في الموصل/ وكالة الصحافة الفرنسية
مقاتل في الحشد الشعبي في الموصل/ وكالة الصحافة الفرنسية

يزداد الحديث في الموصل (شمال العراق) عن أخطاء وخروقات أمنية تهدد الانتصارات التي تحققت في الحرب على داعش.

تتمثل هذه الخروقات بفرض الإتاوات على المواطنين وأصحاب المشاريع الاستثمارية أو تهديد أمنهم، ما يتسبب بعدم تحقيق شعورهم بالاستقرار الأمني. وبحسب مصادر رسمية، ضمّت الخروقات عمليات سلب وتجاوز على أموال الدولة والمواطنين على حد سواء.

يقول نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الموصل هاشم بريفكان إن "هناك عناصر مسيئة في الأجهزة الأمنية وتحديدا في فصائل الحشد الشعبي، تقوم بأعمال التهديد والضغط على مدراء الدوائر وأصحاب المحلات لتمشية أمورهم الخاصة".

​​لكن هذه الحالات لا تنطبق على جميع منتسبي هيئة الحشد في الموصل. يوضح بريفكان في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هذا لا يعني أن هيئة الحشد راضية على هذه التصرفات، ولا يمكن تناسي التضحيات التي قدمها مقاتلو الحشد"، معتبرا أن "أي منطقة تكون خارجة من عمليات عسكرية تحدث فيها أخطاء أمنية وإدارية".

وتحاول الحكومة بعد تحرير الموصل إعادة بناء الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية، بعد أن أدت السياسات الخاطئة لتلك الأجهزة إلى سقوط المدينة في 2014.

السيئون في كل العراق

لا تزال الموصل تستعيد عافيتها مما مرّت به خلال سيطرة داعش على المدينة. ويعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة أياد العنبر "بالتأكيد هناك سوء إدارة للملف الأمني، ليس في الموصل فقط وإنما جميع محافظات العراق".

لكن في مدينة الموصل سوء إدارة الملف الأمني نتيجة تعدد العناوين والجهات الأمنية، بحسب ما يرى العنبر.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "هذا الموضوع يمكن أن يكون بوابة لبعض الشخصيات الفاسدة والمفسدة في المؤسسات الأمنية".

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية أن انتشار حالات الفساد بين الأجهزة الأمنية يجعل المنجز الأمني الذي تحقق في الموصل بالانتصار على تنظيم داعش "مهددا بالضياع لأنه يمكن أن يساهم بعودة عدم الثقة بين الأجهزة الأمنية والمواطن في الموصل".

موقف هيئة الحشد

وهو ما يؤيده القيادي في هيئة الحشد الشعبي كريم النوري، مضيفا أن "نحن في الهيئة نرفض أي تجاوز من أي جهة، ويجب أن يكون هناك ضبط ومحاسبة لكل مسيء سواء حشد أو جيش أو شرطة".

ويعتبر النوري أن التصرفات الفردية السيئة تضر بسمعة الحشد الذي قدم تضحيات كبيرة في معارك التحرير، لذلك "يجب محاسبتهم بشدة".

وتختص مديرية الأمن والانضباط في هيئة الحشد الشعبي بمتابعة ومحاسبة الأفراد المسيئين سواء المنتمين إلى الهيئة أو من يدعون الانتماء.

​​ويلفت نائب رئيس اللجنة الأمنية في حكومة نينوى المحلية هاشم بريفكان إلى وجود تنسيق بين الأجهزة الأمنية الماسكة للملف الأمني في المحافظة وإدارة الحشد "لكنه ليس بالمستوى المطلوب".

ويضيف "سواء كانت الخروقات قليلة أو كثيرة يجب معالجتها، على قيادة الحشد والأجهزة الأمنية القضاء على هذه التصرفات للعناصر المسيئة".

بالمقابل، كشف مصدر أمني رفيع لقناة الحرة أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد صدور أوامر عليا بإغلاق جميع مقرات فصائل الحشد الشعبي في المدينة، بعد تكرار حوادث "الاعتداء على رجال أمن، وفرض إتاوات على المواطنين".

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.