علي عبد الأمير:
يتذكره أيزديون مثالاً على الالتزام العالي بتنفيذ الواجب والموقف الإنساني حيال محنتهم التي بدأت في 3 آب/أغسطس 2014، مع اجتياح مجموعات من تنظيم داعش لمناطقهم.
إنه اللواء الطيار ماجد عبد السلام التميمي، الذي كان يقود طائرته المروحية وصولاً إلى قمة جبل سنجار التي لجأ إليها الآلاف للخلاص من القتل للرجال والسبي للنساء على يد عناصر التنظيم الإرهابي.
أعظم مهمة في حياتي
مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" كانت تستعد للصعود إلى الطائرة "مي 17" الروسية الصنع. تقول "كنت أنتظر طيلة اليوم في قاعدة عسكرية بمنطقة فيشخابور، بشمال العراق، انتظارا للطائرة الهليكوبتر التي تقلنا إلى جبل سنجار. ووصل اللواء ماجد من دورته الأولى فوق الجبل ناقلا معه حمولة كاملة من اللاجئين الأيزيديين، وقد قال له أحد الصحافيين من التلفزيون البريطاني: لماذا تخاطر بإثقال حمولة طائرتك على هذا النحو؟".
أجابه اللواء ماجد قائلا: "لقد راجعت أرقامي، وراجعت الوزن لدي، فوجدت أنه من الممكن القيام بذلك".
كذلك كانت هناك عضوة البرلمان عن الطائفة الأيزيدية، فيان دخيل، التي صعدت إلى الطائرة التي ممتلئة بالخبز للأيزيديين والرصاص لجنود البيشمركة الأكراد على قمة سنجار.
كان اللواء التميمي ابتعد عن وظيفته الأساسية، حيث كان مسؤولاً عن تدريب القوات الجوية العراقية، ليساعد الأيزديين في مهمة اعتبرها "أهم شيء فعله في حياته، وأكثر الواجبات أهمية خلال 35 عاماً من الخدمة في الطيران" كما تنقل عنه المراسلة أليسا روبين.
الأولوية كانت توصيل الغذاء إلى أعلى الجبل. "هبطنا على الأرض وكان الأيزيديون في حالة يُرثى لها. كان بعض من كبار السن بلا أحذية، والأقدام متورمة من كثرة المشي، ونال الآخرين الجفاف تماما، وأصابت حرقة الشمس بشرة الأطفال الذين كانوا يبكون، وخائفين ومرتبكين، وكان بعضهم في صمت عجيب، يغلب عليهم الخوف".
كان الطيار شديد التأثر بكل ما يجري. أراد فعلا مساعدة كل هؤلاء الناس، وخصوصا الأطفال. ثم أقلع اللواء ماجد بطائرته، كانت مقدمة طائرة الهليكوبتر متجهة إلى الأسفل حينما بدأت في الطيران. مساعد الطيار أغلق الوقود حينما فقدوا السيطرة على الطائرة، ربما كانت النيران قد نالتها وانفجرت.
كانت طائرة الهليكوبتر طراز «مي - 17» تقل 25 أيزيديا، مع خمسة من طاقم الطائرة، وخمسة سياسيين أكراد، وأربعة من الصحافيين الغربيين، وهي طائرة روسية الصنع مخصصة لأغراض النقل.
كان الجميع مصابين تقريبا، ولكن ليسوا مثل السيدة روبين والسيدة دخيل التي جرى إخلاؤها إلى إسطنبول، مع كسور في الساقين والأضلاع.
لكن الشخص الوحيد الذي توفي كان الطيار، اللواء ماجد التميمي.
وبلغ التقدير لمأثرة اللواء الطيار درجة عالية فأهداه الكاتب خلدون سالم النيساني، كتابه "الأيزيديون شعب الابادات والخيم" بالعبارة التالية "إلى ابن البصرة الفيحاء الذي ضحى بحياته من أجل إنقاذ أهله الأيزيديين المحاصرين في جبل سنجار. لن ننسى أبدا من وقف معنا في أيام المحن، كما أننا لن ننسى من كان سببا في تلك الإبادة".
وبلغ التقدير العالي للطيار التميمي حدّ وضع تمثال منحوت وضعته إدارة إقليم كردستان وسط "بارك سامي عبد الرحمن" في أربيل.