درزيون متجمعون في إحدى المناسبات/ وكالة الصحافة الفرنسية
درزيون متجمعون في إحدى المناسبات/ وكالة الصحافة الفرنسية

من بين 30 رهينة اختطفهم تنظيم داعش خلال سلسلة هجمات طالت محافظة السويداء (جنوب سورية)، أقدم التنظيم على ذبح شاب (19 عاما).

وقد تبنى التنظيم عبر حساباته مسؤولية هذه الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 260 شخصاً، في المحافظة ذات الأغلبية الدرزية.

​​ويرى مراقبون أن التنظيم يسعى الى استنهاض قواه عبر اتباع تكتيكات مروعة، استخدمها على نطاق واسع خلال السنوات الماضية، بما في ذلك استهداف الأقليات بأساليب وحشية.

ويعتبر الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن تنظيما مثل داعش لا يمكن أن يترك ما يعرف بالإرهاب ضد المدنيين، ولا برنامجه القائم على زعزعة الاستقرار في المناطق المحررة.

ويقول في حديث لموقع (ارفع صوتك) "داعش ما زال لديه القدرة على أن يهدد ملف تمكين الاستقرار بمادة الإرهاب التي يجيد استخدامها، كالخطف والكمائن وقطع الطرق الاقتصادية والتواجد في مناطق الفوضى السياسية والدينية".

 

الخطف تكتيك داعش المقبل

وبحسب مصادر محلية في السويداء والمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن تنظيم داعش يفاوض على إطلاق سراح المخطوفين مقابل إفراج الحكومة السورية عن عناصر موقوفين لديها.

​​ويكشف مرجع ديني درزي في السويداء لوكالة الصحافة الفرنسية، أن روسيا وبالتنسيق مع دمشق تتولى التفاوض مع التنظيم لإطلاق سراح المخطوفين البالغ عددهم حالياً 14 سيدة مع 15 من أولادهم.

وتلقت عائلة الشاب الذي أعدم، وهو من قرية الشبكي في ريف السويداء الشرقي تسجيلي فيديو له، يطلب في الأول وهو مربوط اليدين خلف ظهره من القائمين على المفاوضات الاستجابة لمطالب التنظيم.

بينما يوثق الثاني عملية ذبحه.

وشكلت هذه المقاطع حلقة رعب بعد هجمات التنظيم على السويداء، والتي تعد الأكثر دموية ضد الأقلية الدرزية.

ويرى الهاشمي أن التنظيم يحاول تعويض الخسائر البشرية التي مني بها في العمليات العسكرية، عبر خطف الرهائن المدنيين ومن ثم مبادلتهم بعناصره الموقوفين، وهو سياق قديم متبع لديه.

وسبق للتنظيم أن اتبع التكتيك ذاته في شمال شرق سورية عام 2015، عند خطفه 220 مسيحياً أشوريا، وأطلق سراحهم على دفعات مقابل حصوله على مبالغ مالية ضخمة.

​​​مواجهة التنظيم

ويناور تنظيم داعش حاليا لما يعرف بـ"دولة التمكين التي خسرها"، ويحتاج إلى سنوات للعودة إلى قوته ويحتاج إلى تمويل ذاتي وموارد بشرية.

يقول الهاشمي "سوف يصنع عمليات إرهابية شديدة يتجاوز فيها على السجون لصناعة أكثرية ويحاول أن يوجد فوضى مبنية على الهوية الدينية".

وينقسم التنظيم حاليا إلى نوعين من الجماعات.

- الفلول التي خسرت أرض التمكين وتعيش في المناطق المفتوحة والقرى المهجورة.

- والجماعات التي تعيش في الولايات والمناطق المستقرة.

ويحتاج موضوع القضاء على الجماعتين إلى جهد كبير من أجهزة الاستخبارات وأموال كثيرة لاختراقها.

وعدا ذلك "ستكون حرب صعبة وطويلة وتستنزف الكثير من القدرات"، وفقا للخبير الهاشمي.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.