عجائب الحرب في العراق لا تنتهي.
المليشيات الشيعية تجند مقاتلين من داعش.
مجلة فورين بوليسي الأميركية تقول إن الحشد الشعبي يعتمد على مقاتلين سابقين من داعش في عدد من المناطق، خاصة في محافظة ديالى شرق العاصمة بغداد.
"قد تبدو فكرة الشراكة بين هؤلاء الأعداء السابقين غريبة، لكن توجد فوائد حقيقية للطرفين"، تقول المجلة في مقالها المنشور مساء أمس.
ويسعى الحشد الشعبي، وأغلبه من فصائل شيعية، إلى إيجاد موطئ قدم له في المناطق السنية، فيما يبحث المقاتلون السابقون عن وسيلة للنجاة بأنفسهم.
في رأي المجلة، "مهما كانت النتيجة النهائية، فعلى الأرجح ستكون سيئة للعراق".
لكن قياديا في الحشد الشعبي نفى هذه المعلومات.
وقال علي الحسيني لموقع شفق نيوز العراقي إن "المعلومات التي نشرها تقرير أميركي غير صحيحة. لم نفتح الباب للتطوع أو الانضمام لأي شخص متورط في الإرهاب".
وينقل الكاتبان فيرا ميرونوفا من جامعة هارفارد ومحمد حسين من الجامعة الأميركية في السليمانية عن مسؤولين حكوميين عراقيين ونشطاء محليين تأكيدهم أن منظمة بدر، إحدى أقوى فصائل الحشد الشعبي، جندت 30 مقاتلا سابقا من داعش في ناحية جلولاء (قضاء خانقين) في محافظة ديالى وحدها.
وإلى جانبها، جند الفصيل الأكثر تشددا، مليشيا عصائب أهل الحق، 40 مقاتلا في المنطقة نفسها.
وتتنازع كل من الحكومة المركزية في بغداد والأكراد السيطرة على ناحية جلولاء.
"بعد هزيمة داعش هناك، نهاية سنة 2014، لم يستطع المقاتلون المحليون في التنظيم العودة إلى جلولاء"، يقول خليل خوداد، وهو ضابظ كردي محلي. ويضيف "ذهبوا إلى مدن أخرى. هناك انضموا إلى الحشد الشعبي، والآن عادوا بزيهم الجديد".
لكن قوائم المنضمين إلى الحشد الشعبي لا تقتصر على مقاتلين صغار فقط، بل على قياديين في التنظيم أيضا.
وتنقل فورين بوليسي عن مصادر في قوات الأمن الداخلي الكردية، الأسايش، قولها إن قياديا في داعش مثل مطشر التركي، الذي سبق له أن قاد معركة جلولاء ضد قوات البشمركة صيف 2014، يوجد ضمن قائمة المنضمين للحشد الشعبي.
قيادي آخر ضمن القائمة هو زيد مولان الذي سبق له أن أقنع أفرادا من أحد فيالق شرطة الطوارئ العراقية بإلقاء أسلحتهم وتسلميها لداعش.
داخل الحشد الشعبي، تختلف الآراء. ففيما نفى بعض ضباطه الأمر نهائيا، قال بعضهم إنه تم التخلص من كل من تبين انتماؤه لداعش.
في المقابل، قال آخرون إن هناك حاجة لهؤلاء المجندين الجدد لاستمرار الحرب ضد داعش. مطشر التركي نفسه، يقول ضابط في الحشد الشعبي، ""تبين أنه رجل جيد بعد أن غير ولاءه. وهو الآن يؤمن مدينة داقوق (محافظة كركوك) ضد متمردي داعش".
بالنسبة لكثير من مقاتلي داعش، يعني تغيير الولاء مصدرا للبحث عن وسيلة عيش جديدة. وبما أنه من الصعب الانضمام إلى القوات الأمنية العراقية، يمثل الارتماء في أحضان قوات "أقل رسمية" الحل المناسب.
تقول المجلة إن بعض المقاتلين السابقين حاولوا بداية الانضمام إلى قوات الحشد العشائري (سنية).
لكن قليلا نجحوا، لتكون الخطوة التالية هي الانضمام إلى الحشد الشعبي.
ويمثل الزي الجديد فرصة لمقاتلي داعش لتبييض تاريخهم، والإفلات من المحاكمة والعقاب.
أما بالنسبة للحشد الشعبي، فيشكل هؤلاء المقاتلون السابقون فرصة لتدعيم نفوذه في المناطق السنية.
وكان الحشد لاعبا أساسيا في الحرب على داعش بعد سنة 2014، إلا أن ارتباطاته الإيرانية وتورط فصائل فيه في الحرب الطائفية (2006-2007)، جعله محط تحفظ من قبل شركاء الحكومة العراقية الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ومنبوذا داخل المناطق السنية.
ويحتمل أن يحتاج الحشد الشعبي أيضا إلى خبرة هؤلاء المقاتلين العسكرية، ومعرفتهم بخبايا تنظيم والكشف عن أعضائه المتخفين.
وتشير المجلة الأميركية أيضا إلى إمكانية حصول مقاتلين سابقين في داعش على بطائق عضوية في الحشد عن طريق رشاوى.
وحسب مصادر محلية من الموصل، تتراوح أسعار بطاقة هوية تابعة للحشد الشعبي بين 500 دولار، للبطاقة فقط، وعدة آلاف دولار للبطاقة والتسجيل في قوائم عضوية إحدى فصائله، كمنظمة بدر مثلا.