فتاوى عشوائية وأحكام شرعية لا إسناد لها يجدها الفرد جميعها منتشرة على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، يقع ضحيتها أحياناً أشخاص بسطاء قد لا يتمكنون من التمييز بين ما هو منطقي، وما هو عكس ذلك.
حكم لبس القبعة
يسأل سائل: "ما حكم لبس القبعة بقسميها، ذات المظلة، والتي لا مظلة لها كما على رؤوسنا؟"
يجيب الشيخ: "أما التي ليس بها رفرف (مظلة)، ما فيها شي. وأما ذات الرفرف، ففيها شي، من الناحية الطبية فيها أن العين إذا لم يكن لديها منعة لاستقبال شعاع الشمس، فإنها يضرها هذا.."، وعندما أطل عليه أحدهم بطاقية ذات مظلة، قال الشيخ "لازم تقصونها غداً".
تقطيع الخبز بالسكين مكروه
يقول الشيخ: "من إكرام الخبز أن لا يقطع بالسكين، قصه بإيدك شيل منه قطعة قطعة.."، مشيراً إلى أن الأمر أصبح عادة دارجة اليوم، خصوصاً بعض أنواع الخبز التي يتم تقطيعها بالسكين لتصبح على شكل "مثلثات ومربعات". ويشدد "الواحد يقصها بإيده الخبزة وياكل. تقطيع الخبز بالسكين مكروه".
الأرض ثابتة
أما هذا الشيخ، فورده سؤال يقول "هل الأرض ثابتة أم تتحرك؟". فأجابه مستشهداً بمن وصفهم بأنهم "علماء" يقولون إن "الأرض ثابتة لا تتحرك"، ويتابع "هذا هو مقتضى النصوص ومقتضى العقل أصلاً". ويضيف مدعياً أن الله أخبر بأن الأرض ثابتة، وأن الشمس هي التي تدور، مستشهدا بالنص القرآني "الشمس تجري لمستقر لها".
كما أشار الشيخ إلى أدلة وصفها بـ"العقلية"، موضحاً "نذهب إلى مطار الشارقة، نريد أن نذهب إلى الصين بالطيارة.. هذه الأرض إذا قلتم أنها تدور، إذا خرجنا من مطار الشارقة برحلة دولية إلى الصين.. لو وقفت الطائرة في السماء، أليست الصين تأتي؟".
العريفي، وغدة نسي اسمها!
ويشير العريفي في ظهور تلفزيوني له إلى غدة في الرأس، خلال تساؤله "لماذا اشترط الله تعالى أن تكون امرأتان؟"، في سياق حديثه عن أسباب اشتراط الشرع وجود امرأتين لدى إدلاء شهادة في المحكمة، بينما يكفي رجل واحد ليحل محلهما.
للأسف، نسي العريفي اسم الغدة، التي تساعد الرجل على الكلام والتذكر معاً في آن، بينما لا تتيح تلك الغدة للمرأة سوى استخدام واحدة من وظائفها، إما التذكر أو الكلام، ما يفسد شهادتها إن كانت وحدها، فلا بد من وجود واحدة لتتذكر بينما تتحدث الأخرى.
سمكة مكروهة لأن أخلاقها سيئة
وهذا رجل دين آخر، يلقي بمحاضرة شعارها "الكلام في حيوانات البحر".
يستهل محاضرته ببيان تحريم أطعمة البحر ما لم تحوي قشوراً، بالإضافة إلى جواز تناول الجمبري.
الغرابة لا تكمن هنا، بل بنوع من السمك اسمه "الكنعد" يدعي الشيخ أنه مكروه، كون السمكة من تلك النوع تتمتع بـ “أخلاق سيئة".
ويقول عن سمكة الكنعد "عندما نصطادها لا نرى قشوراً عليها.."، ويوضح سبب حرمتها بقول يدعي نسبه لعلي بن أبي طالب، "هذه السمكة سيئة الخلق"، كونها تحتك بكل شيء في البحر، ما يسبب تساقط قشورها.
أما رجل الدين هذا، فيدّعي وفاة إبليس الشيطان قريباً!
قاعدة جماهيرية
تكمن خطورة هذا النوع من المنشورات في تصديقها من قبل البعض، بل والعمل على نشرها من قبل مصدقيها على نطاق أوسع بين أصدقائهم وشبكاتهم الشخصية، ما يرى فيه العلماء خطراً على الجمهور، لا بد من التوعية منه.
رأي الشرع
من جهته، يوضح محمد علي الحسيني، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان، وجود ضوابط وأصول يقتضيها إصدار الفتاوى أو التفوه بأي من الأحكام الشرعية "الأصل أن للفتوى الشرعية شرطها وشروطها وأهلها ونظرا لخطورتها ورد التحريم والتحذير من التصدي لها من غير أهلها ".
ويعتبر الحسيني أن مواقع التواصل الاجتماعي شكلت بيئة لكثيرين "للإفتاء بعلم وبغير علم دون احترام لأي ضوابط"، ما كان سبباً في انتشار "ظاهرة فوضى الفتوى في كل المذاهب الإسلامية"، ما صعب على العامة التمييز ما بين الداعية كخطيب ناصح ومذكر والمفتي كفقيه وعلى الجانب الآخر من وصفهم "المتلبسين بالعلم أصحاب النفوس المريضة وبهدف الشهرة وحب الجاه والمناصب ولعقدة نقص فيهم ولخبث سرائرهم".