ميسان- حيدر الساعدي:
يمتلك العراق أكثر من 30 منفذاً على حدود مع كل من دول سوريا، الأردن، إيران، تركيا، السعودية وتدرّ مليارات الدنانير سنوياً عبر الجمارك المتحصلة من مرور البضائع والمنتجات إلى داخل البلاد التي باتت تستورد كل شيء تقريباً، فضلا عن الزيارات الدينية لشيعة من جميع دول العالم، وإيران على وجه الخصوص، دون أن تنجو تلك المنافذ من آفة الفساد.
وقال الخبير الاقتصادي سلام المالكي لموقع "إرفع صوتك" أن واردات المنافذ الحدودية تشكّل 10% من موارد خزينة الدولة سنوياً، مستدركاً "غير إن الفساد المالي والإداري وسيطرة جهات متنفذة وعشائر على الحركة التجارية ودخول الشاحنات وتخليص البضائع جمركياً، عاملان خطيران جعلا العراق يخسر موردا اقتصاديا كبيرا بعد الثروة النفطية".
ساحات قتال "شعبية"
ويشير المالكي إلى تحول هذه المنافذ إلى "ساحات قتال في كثير من الأحيان بين هذه الأطراف (الجهات المتنفذة والعشائر) لفرض هيمنتها الكاملة على ما يوفّر لها مبالغ طائلة وعائدات مالية كبيرة جدا"، مبيّناً ضرورة اعتماد الحكومة العراقية مبدأ الاستثمار للخلاص من هيمنة الجهات الفاسدة والاستفادة الكاملة من تلك العائدات.
وفي الوقت الذي يسجل فيه منفذ الشيب الحدودي 70 كم شرق ميسان، تدفق عشرات الآلاف من الوافدين الأجانب (الإيرانيين) للمشاركة في "زيارة الأربعين"، والتي يحيي طقوسها الملايين من المسلمين الشيعة في مدينة كربلاء كمناسبة دينية سنوية، ما يزال يعاني من نقص البنى التحتية وغياب المرافق الصحية الملائمة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المسافرين، فضلاً عن غياب وسائل النقل الحديثة أو خدمات نقل المسافرين وحقائبهم من داخل المنفذ باتجاه الجانب الايراني.
منفذ الشيب، أفتتح عام 2010، حيث تدخل المئات من الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع إلى ميسان يومياً عبر هذا المنفذ من إيران، اضافة إلى آلاف القادمين لزيارة العتبات المقدسة في العراق.
وفي أحاديث مع موقعنا، عبّر مواطنون عن أسفهم لـ "عدم الاهتمام بواجهة البلاد مقابل دولة إيران، والذي يعكس مدى عدم جدية الجهات المعنية من وزارة الداخلية والحكومة المحلية في تطوير المنفذ طيلة السنوات التي مرت على افتتاحه، وعلى الرغم من الواردات المالية الكبيرة التي يحققها المنفذ عبر فرض الرسوم الجمركية على مئات المركبات المحملة بالمواد الغذائية والإنشائية القادمة من إيران باتجاه العراق".
من العربة إلى الستوتة؟
وتقول السيدة سميرة جبار ( 50 ) عاماً، إنها تسافر سنويا إلى ايران عبر منفذ الشيب الحدودي لإجراء العلاج والفحوصات الطبية، وطيلة السنوات الماضية "لم أر جديدا في بناية المنفذ، فهي ما تزال نفس البوابة وصالة الانتظار الوحيدة الفقيرة بأثاثها وتصميمها، ولعل الأمر الوحيد الذي شهد تطوراً داخل المنفذ تغيير وسيلة نقل الحقائب، من عربة دفع حديدية محلية الصنع إلى "الستوتة"، ناهيك عن المرافق الصحية التي لم أفكر يوما بالدخول لها لقذارتها. فوضى المنفذ في الجانب العراقي تقابله خدمات حسنة وأجواء لطيفة في الجانب الإيراني، مع إن الفارق بين المكانين ليس سوى أمتار، وهنا يقول المواطن كريم محمد (35 عاماً)، "مستوى الفرق في العمران والخدمات بمجرد الانتقال من الجانب العراقي إلى الجانب الايراني كبير جدا، مع دخول صالة المسافرين وما تشهده من نظافة وترتيب ومختلف الخدمات".
بينما يحمّل عضو مجلس محافظة ميسان محمد جاسم السوداني، الحكومة الاتحادية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في منفذ الشيب من تردي الخدمات ونقص البنى التحتية بسبب "فرضها قرارات منعت بموجبها الحكومة المحلية من التدخل بعمل المنافذ الحدودية وممارسة دورها الرقابي في متابعة الشؤون المالية وحركة المسافرين والتجارة".