معظم المصابات بسرطان الثدي مررن بالمراحل التالية: الشعور بالألم، مراجعة الطبيب، التأكد من الإصابة، مساندة الأهل لاستئصال الورم والخضوع للعلاج طويل ومؤلم.
ولكن بالنسبة لسعاد ناجي (التي فضلت استخدام هذا الاسم عدم الكشف عن اسمها الحقيقي)، التجربة كانت مختلفة لأنه كان عليها مواجهة الموقف بمفردها في الولايات المتحدة حيث تعيش منذ أربعة سنوات ومواجهة المواقف المحرجة في العمل ومع الأهل في مصر.
في مواجهة الحقيقة
"كان مجرد ألم في صدري. فلم أعره اهتماماً حقيقياً في البداية. فلا تكتلات أو نتوءات غربية لتنذر بالسوء"، قالت سعاد لـ(ارفع صوتك).
أمر آخر جعلها غير مكترثة بالألم التي شعرت به يتعلق بمصداقية الأطباء.
في الولايات المتحدة، غالباً ما يكون المريض مشمولاً ببوليصة تأمين صحي توفرها له الشركة التي يعمل بها. بواسطتها يتمكن زيارة الأطباء على اختلاف اختصاصاتهم مجاناً أو بأجر زهيد بينما تتكفل شركة التأمين بسد نفقات العلاج. ومع زيادة الزيارات، يزداد دخل الطبيب.
وعندما كان الأطباء يطلبون من سعاد أن تستشير أكثر من اختصاصي، اعتقدت أن الأمر ما هو إلا أسلوب من العيادات للحصول على الأموال التي تسدها شركة التأمين المسؤولة عن علاجها.
ولقطع الشك باليقين، زارت الاختصاصيين حتى ثبت في واحدة من المعاينات أنها مصابة بسرطان الثدي لم يمكن الكشف عنه إلا بعض فحوص دقيقة.
مريضة ووحيدة
تعيش سعاد في العاصمة الأميركية واشنطن. أتت إليها للدراسة ثم حصلت على عمل في شركة إعلامية. وبذلت السيدة الأربعينية جهداً ليس بقليل للتأقلم مع نمط الحياة غير العربي، فيما بعد كان عليها مضاعفة الجهد للتعايش مع مصابها الجلل.
"لم يكن بالإمكان إخطار أهلي في مصر، لأنني أخشى على صحة والدتي المسنة من الصدمة. فشكلت شبكة من الأصدقاء خلال إقامتي هنا قاموا بمساندتي معنوياً خلال فترة العلاج بالكيميائي".
أما الزملاء في العمل فكانت مواجهتهم أمراً محرجاً آخر. ذلك لأن شكلها بات يتغير بشكل ملفت للانتباه والتساؤلات. فقد قام الأطباء بانتزاع جزء كبير من الصدر، تلاها جلسات العلاج الكيماوي المؤلم، ثم تساقط شعر الرأس التي اضطرت إلى الاستعاضة عنه بشعر مستعار.
تقول سعاد: "كان يتوجب علّي إخبار المدير وبعض الزملاء في المكتب وإلا فكيف أبرر غيابي لفترات طويلة؟".
قد تكون "الأعمال بالنيات".. ولكن ليس مع السرطان
"المرض جعلني أفكر بمفاهيم العقاب والثواب والمفاهيم السائدة في مجتمعاتنا وأن الشرور تصيب من أذنب في حياته أو السيدة التي لم تضع الحجاب. ولكن المرض لا علاقة له بذلك"، تقول سعاد.
وتضيف سعاد أنه لولا الكشف المبكر لكان وضعها أسوأ بكثير هي التي تواجه الموقف بمفردها بعيداً عن دعم العائلة والأصدقاء.
وتنصح النساء الأخريات بضرورة الكشف المبكر والابتعاد عن الأفكار المجتمعية التي قد تتسبب بتأخر فترة العلاج والتحلي بالإيجابية لمواجهة المرض والتغلب عليه.