كان على سعاد أن تواجه المرض الخبيث بمفردها بعيداً عن أهلها وبلدها/Shutterstock
كان على سعاد أن تواجه المرض الخبيث بمفردها بعيداً عن أهلها وبلدها/Shutterstock

معظم المصابات بسرطان الثدي مررن بالمراحل التالية: الشعور بالألم، مراجعة الطبيب، التأكد من الإصابة، مساندة الأهل لاستئصال الورم والخضوع للعلاج طويل ومؤلم.

ولكن بالنسبة لسعاد ناجي (التي فضلت استخدام هذا الاسم عدم الكشف عن اسمها الحقيقي)، التجربة كانت مختلفة لأنه كان عليها مواجهة الموقف بمفردها في الولايات المتحدة حيث تعيش منذ أربعة سنوات ومواجهة المواقف المحرجة في العمل ومع الأهل في مصر.

في مواجهة الحقيقة

"كان مجرد ألم في صدري. فلم أعره اهتماماً حقيقياً في البداية. فلا تكتلات أو نتوءات غربية لتنذر بالسوء"، قالت سعاد لـ(ارفع صوتك).

أمر آخر جعلها غير مكترثة بالألم التي شعرت به يتعلق بمصداقية الأطباء.

في الولايات المتحدة، غالباً ما يكون المريض مشمولاً ببوليصة تأمين صحي توفرها له الشركة التي يعمل بها. بواسطتها يتمكن زيارة الأطباء على اختلاف اختصاصاتهم مجاناً أو بأجر زهيد بينما تتكفل شركة التأمين بسد نفقات العلاج. ومع زيادة الزيارات، يزداد دخل الطبيب.

وعندما كان الأطباء يطلبون من سعاد أن تستشير أكثر من اختصاصي، اعتقدت أن الأمر ما هو إلا أسلوب من العيادات للحصول على الأموال التي تسدها شركة التأمين المسؤولة عن علاجها.

ولقطع الشك باليقين، زارت الاختصاصيين حتى ثبت في واحدة من المعاينات أنها مصابة بسرطان الثدي لم يمكن الكشف عنه إلا بعض فحوص دقيقة.

 مريضة ووحيدة

تعيش سعاد في العاصمة الأميركية واشنطن. أتت إليها للدراسة ثم حصلت على عمل في شركة إعلامية. وبذلت السيدة الأربعينية جهداً ليس بقليل للتأقلم مع نمط الحياة غير العربي، فيما بعد كان عليها مضاعفة الجهد للتعايش مع مصابها الجلل.

"لم يكن بالإمكان إخطار أهلي في مصر، لأنني أخشى على صحة والدتي المسنة من الصدمة. فشكلت شبكة من الأصدقاء خلال إقامتي هنا قاموا بمساندتي معنوياً خلال فترة العلاج بالكيميائي".   

أما الزملاء في العمل فكانت مواجهتهم أمراً محرجاً آخر. ذلك لأن شكلها بات يتغير بشكل ملفت للانتباه والتساؤلات. فقد قام الأطباء بانتزاع جزء كبير من الصدر، تلاها جلسات العلاج الكيماوي المؤلم، ثم تساقط شعر الرأس التي اضطرت إلى الاستعاضة عنه بشعر مستعار.

 

باروكة الشعر المستعار التي استخدمتها سعاد أثناء علاجها بالكيماوي/ تنشر بإذن خاص

​​

تقول سعاد: "كان يتوجب علّي إخبار المدير وبعض الزملاء في المكتب وإلا فكيف أبرر غيابي لفترات طويلة؟".

قد تكون "الأعمال بالنيات".. ولكن ليس مع السرطان

"المرض جعلني أفكر بمفاهيم العقاب والثواب والمفاهيم السائدة في مجتمعاتنا وأن الشرور تصيب من أذنب في حياته أو السيدة التي لم تضع الحجاب. ولكن المرض لا علاقة له بذلك"، تقول سعاد.

وتضيف سعاد أنه لولا الكشف المبكر لكان وضعها أسوأ بكثير هي التي تواجه الموقف بمفردها بعيداً عن دعم العائلة والأصدقاء.

وتنصح النساء الأخريات بضرورة الكشف المبكر والابتعاد عن الأفكار المجتمعية التي قد تتسبب بتأخر فترة العلاج والتحلي بالإيجابية لمواجهة المرض والتغلب عليه.

مواضيع ذات صلة:

أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني
أفراد من الطب الشرعي ينقلون رفات ضحايا المقبرة الجماعية ملعب الرشيد/مجلة الرقة المدني

محمد النجار

أكثر من 300 جثة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات في مدينة الرقة السورية تم إخراجها من مقبرة الفخيخة منذ بداية العام الحالي، وذلك بحسب ما ذكره فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقة، وتحدث قائد فريق الاستجابة في الرقّة ياسر الخميس في حديثه لوكالة "هاوار" التابعة لمناطق الإدارة الذاتية قائلاً إن معظم الجثث التي تم إخراجها منذ كانون الثاني الماضي/يناير لغاية آخر شهر آذار تعود لأطفال ونساء تم قتلهم على يد تنظيم داعش الإرهابي وضمن عمليات إعدام ميدانية.

المقبرة التي عثر عليها في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي، بدأ العمل عليها مباشرة بعد طلبات من الأهالي في المنطقة، وتقع منطقة الفخيخة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، وهي أرض زراعية تصل مساحتها إلى 20 دونماً، ولا يزال فريق الاستجابة الأولية في مدينة الرقّة يتابع عملياته لانتشال الجثث المتبقية فيها.

وعثرت قوات سوريا الديمقراطية على المقبرة التي وصفت بأنها أكبر مقبرة جماعية تضم رفات من قام داعش بقتلهم خلال سيطرته على المدينة آنذاك، كما توقع "فريق الاستجابة" وجود أكثر من 1200 جثة في هذه المقبرة، والتي كانت أرضاً زراعية لأهالي المدينة قبل تحويلها لمقبرة من قبل عناصر التنظيم.

 

 

في الحدائق والملاعب

تسيطر قوات سوريا الديمقراطية حاليا على الرقّة بعد طرد داعش منها خريف 2017. وتشترك لجان تابعة لها مع الطب الشرعي في عمليات الكشف عن مقابر جماعية.

مجلس الرقّة المدني أعلن في عدة مناسبات عن الكشف عن عدد من المقابر الجماعية داخل المدينة وفي ريفها، وكانت أغلب هذه المقابر في الحدائق الشعبية وملاعب كرة القدم والساحات العامة، وبعد اكتشاف المجلس لوجود هذا الكم الهائل من المقابر، أخذ فريق الاستجابة الأولية على عاتقه مهمة البحث عن هذه المقابر، وانتشال الجثث والتعرف عليها.

وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى من المدنيين خلال معارك تحرير الرقة وصل إلى أكثر من 2323 مدنياً، بينهم 543 طفلاً، ومعظمهم تم دفنهم في مقابر جماعية أثناء المعارك.

يقول طارق الأحمد وهو مسؤول في لجنة إعادة الإعمال في المجلس المحلي للرقة، إن "معظم الإعدامات الميدانية جرت قبل فترة قصيرة من بدء حملة "غضب الفرات" التي قادتها قوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة الرقة".

وحسب أحمد، نقل داعش جزءا من معتقليه خارج العراق، وقام بتصفية آخرين ودفنهم في مقابر جماعية. وامتدت هذه المقابر إلى الحدائق العامة، مثل حديقة الجامع القديم وحديقة الرشيد المعروفة وسط الرقة.

وخصص التنظيم المتطرف مقبرة لمقاتليه أطلق عليها اسم مقبرة "شهداء الدولة" بمعزل عن باقي مقابر المدينة.

 

 

مقابر أخرى

في الأشهر الماضية كانت أبرز المقابر التي تم الكشف عنها في الرقّة مقبرة البانوراما، وتجاوز عدد الجثث فيها 150 جثة. وكذلك مقبرة الجامع العتيق التي تم الانتهاء من عمليات البحث فيها في أيلول سبتمبر 2018، ومقبرة حديقة الأطفال ومقبرة حدقة بناء الجميلي، ومقبرة معمل القرميد.

مقبرة الرشيد أيضاً من أوائل المقابر التي عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية وتم اكتشافها في ملعب الرشيد، وضمت رفات 300 قتيل أعدموا بشكل جماعي على يد تنظيم داعش خلال سيطرته على الرقة بين 2014 و2017.

وفي الفترة التي أحكم فيها التنظيم قبضته على المدينة وريفها، تحولت الملاعب والحدائق والميادين إلى مقابر تحتضن رفات المئات ممن تم إعدامهم.

في شباط/فبراير 2018، قالت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري إن قوات النظام عثرت على مقبرة جماعية غربي مدينة الرقة قرب بلدة رمثان، ونقلت الجثث إلى المشفى العسكري في حلب.

وقالت الوكالة أيضا إن القوات السورية عثرت، في أواخر كانون الأول/ديسمبر، على رفات 115 عسكريا ومدنيا في مقبرة قرب بلدة الواوي في ريف الرقة الغربي، كان داعش أعدمهم.

وبدورها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال عمليات تحرير المدينة، إنها عثرت على مقبرة جماعية تضم عشرات الجثث قرب مدينة الطبقة بريف الرقة الشمالي.

ومنذ 2014، تحدثت وسائل الإعلام عن رمي عناصر داعش جثث القتلى في حفرة الهوتة بريف الرقّة الشمالي قرب بلدة سلوك. وباتت هذه الحفرة رمزا للمجازر التي ارتكبها التنظيم، وكان بين من قام برميهم "معتقلين على قيد الحياة"، يقول عبد الله (طالب جامعي) من مدينة الرّقة لموقع (ارفع صوتك).

 

 

آلاف الحالات من الاختفاء القسري

في تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان نشر في 28 آذار/ الماضي، تم توثيق 4247 حالة اختفاء قسري في الرقّة منذ عام 2011 وحتى يومنا هذا. وقالت الشبكة في تقريرها إن بين المختفيين 219 طفلاً و81 امرأة.

وتوزعت حصيلة المختفيين بين النظام السوري بمسؤوليته عن اختفاء 1712 شخصاً وتنظيم داعش 2125 شخصاً، إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن اختفاء 288 شخصًا وفصائل معارضة أخرى عن اختفاء 122 شخصًا.

ووثقت الشبكة، في تقريرها، مقتل 4823 مدنيًا في الرقة خلال السنوات الماضية على يد أطراف النزاع، بينهم 922 طفلًا و679 امرأة.

وبحسب تقرير الشبكة فإن 97% من جثث المقابر في المدينة تعود لمدنيين، في حين تشكل جثث مقاتلي تنظيم داعش نسبة 3%.