أياما قليلة قبل بداية السنة الجديدة، 2019، أطل رئيس "دار الإفتاء العراقية" بفتوى يحرم فيها الاحتفال برأس السنة وتهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد.
أثارت الفتوى الجديدة موجة غضب عارمة في العراق، لكنها سرعان ما خمدت.
بعدها بيومين، أظهرت لقطات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي النائبة في البرلمان وحدة الجميلي وهي تطلق النار في الهواء وهو عمل يخالف القوانين العراقية.
وتتسبب إطلاقات النار العشوائية في العراق خلال الاحتفالات في مقتل وإصابة الكثيرين.
وفي العام الماضي، أعلن مستشفى واحد لجراحة الأعصاب في العاصمة بغداد أنه استقبل 54 إصابة بالرأس نتيجة الرماية العشوائية، خلال تسعة أشهر.
ومجددا، عبر العراقيون عن غضبهم دون جدوى.
فتوى كراهية؟
قال مهدي الصميدعي في فتواه إنه "لا يجوز الاحتفال برأس السنة ولا التهنئة لها ولا المشاركة فيها"، وذلك في معرض تعليقه على إعلان الحكومة العراقية يوم 25 كانون الأول/ديسمبر من كل عام عطلة رسمية بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح.
وتسببت الفتوى في غضب الكنيسة الكلدانية في العراق التي حذر رئيسها من أن مثل هذه التصريحات "تهدد التماسك الاجتماعي".
وقال الكاردينال لويس روفائيل ساكو إن من يتبنى خطابا كهذا شخصية "غير مكتملة"، وطالب بمقاضاته.
وبالتزامن مع فتوى الصميدعي، ألقى رئيس ديوان الوقف الشيعي في العراق علاء الموسوي خطبة عن "زيف يوم الميلاد"، استنكر مشاركة المسلمين في الاحتفالات.
لكن ديوان الوقف الشيعي رد بأن تصريحات رئيسه مجتزأة وتم التلاعب بها.
ولم يكتف مهدي الصميدعي بالفتوى، التي نشرها الموقع الإلكتروني لدار الإفتاء وصفحتها الفيسبوك، بل أكد ما قاله عبر لقاءات إعلامية أجراها مع وسائل إعلام عراقية.
ورغم تشديده في مختلف اللقاءات أنه يتحدث في خطابه إلى المسلمين في أمر يتعلق بدينهم دون المساس بدين آخر، إلا أن صفحة دار الإفتاء في فيسبوك نشرت تصريحات زائفة منسوبة للبابا فرنسيس يصف فيها الاحتفال بعيد الميلاد بـ"الجاهلية" وبأنه "صورة زائفة تصور حكاية خرافية مائعة لا وجود لها في الإنجيل".
وانتشرت هذه التصريحات الملفقة منذ سنة 2013، ويعاد تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مع اقتراب أعياد الميلاد كل سنة.
وبرر الصميدعي فتواه بتحريم مشاركة المسلمين في عيد الميلاد أو تهنئتهم للمسيحيين، في خطبته في مسجد "أم الطبول"، بأن ذلك يعد موافقة ضمنية على أسس العقيدة المسيحية التي تخالف ما جاء به الإسلام.
وانتقد الصميدعي الوقف السني الذي تبرّع بـ120 مليون دينار عراقي للمسيحيين بمناسبة الأعياد.
المفتي العراقي ينتقد التبرع بأموال للمسيحيين من أجل الاحتفال بأعياد الميلاد https://t.co/e1LZwaUXCv
— قناة الحرة (@alhurranews) January 2, 2019
ورد الوقف السنّي ببيان شديد اللهجة ضد الصميدعي.
وقال البيان "مثل هذه التصريحات الهوجاء غير الموزونة ولا المقفّاة ولا المنضبطة تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر. ولا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم وقومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم".
وفي خطوة إضافية، زار رئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم البطريركية الكلدانية للتهنئة بالأعياد.
رصاص الجميلي
تلقت النائبة العراقية عن حزب المشروع العربي انتقادات حادة، مباشرة عقب انتشار صور فيديو لها وهي تطلق النار في الهواء.
وأرغمت الانتقادات السياسية العراقية على تقديم اعتذار قالت فيه إن مقطع الفيديو الذي انتشر هو خلال حفل زفاف لأحد الأشخاص الأعزاء في مدينة الرمادي وبمنطقة ريفية.
لكن هذا التوضيح حذف لاحقا.
وجاء الحادث بالتزامن مع إعلان وزارة الصحة العراقية وفاة طفلة وإصابة 77 آخرين نتيجة الألعاب والعيارات النارية العشوائية التي رافقت الاحتفال برأس السنة الميلادية في العراق.
ونشرت مواقع عراقية نسخة من دعوى قضائية قدمها سبعة محامين ضد الجميلي.
وانتقدت رئيس حركة إرادة و عضو البرلمان العراقي حنان الفتلاوي تصرف زميلتها حرة الجميلي.
برلمانية حالية عمرها أكثر من 50 سنة تطلق العيارات النارية في الشارع!! وأب يجعل طفله بعمر اقل من سنتين يشرب الكحول ويقوم بتصويره وسط تجمع للشباب!!هل هو انفتاح ومدنية أم انحلال وتسيّب؟؟وهل سالت دماء الشهداء لأجل هذا؟الاحتفال برأس السنة لايعني القيام بهذه التصرفات المشينة..
— د. حنان الفتلاوي (@hanansmohsin) January 1, 2019
ويعرف العراق انتشارا واسعا للسلاح والميليشيات المسلحة، رغم وجود قانون يمنع حيازة الأسلحة بدون رخصة.