على سرير في بيت داخل حلب، حيّت وعد الخطيب طفلتها سما بقول "صباح الخير عزيزتي، هناك العديد من الضربات الجوية، صحيح؟"، كما تفعل كل صباح، مضافاً إلى خوفها من القذائف والموت والاعتقال، وتفكر بالمستقبل الذي ينتظر ابنتها في عالم الحرب والإرهاب.
هذا أحد مشاهد فيلم "إلى سما" الذي أخرجته الخطيب إلى جانب المخرج إدوارد واتس، وحاز قبل أيام على جائزة لجنة التحكيم الكبرى في مهرجان ومؤتمر "الجنوب والجنوب الغربي SXSW" للأفلام الوثائقية.
ويقام هذا المهرجان سنوياً في مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس الأميركية منذ عام 1987.
وبدأت رحلة الخطيب عام 2012 بعد تركها الدراسة في جامعة حلب والعودة للعيش في أحد الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، لتتعلم بنفسها التصوير وتتجه نحو توثيق حياة الناس اليومية في لحظات الأمل وغيابه، والحزن والفرح، والموت والفراق، في حلب، عبر مدونتها "داخل حلب".
وفي عام 2015 أصبحت مراسلة القناة البريطانية الرابعة، وفازت بجوائز عالمية عن أعمالها، إلا أن اسمها الحقيقي ووجهها ظل مجهولاً.
وكانت أولى تجارب وعد في صناعة الأفلام "قلعة حلب الثانية" الذي سلط الضوء على الحراك الثوري في جامعة حلب عام 2011، ونشرته قناة "أورينت" في حينه.
كما عرض فيلمها "آخر باعة الزهور" في مهرجانات دولية العام الماضي 2018.
ووصفت شبكة CNN الأميركية أفلام الخطيب بـ"أكثر الفيديوهات إقناعا بما حدث في حلب".
وفي حوار ها مع "SXSW" قالت الخطيب إن ما دفعها لصنع هذا الفيلم هو "ما فقدناه كسوريين، مثل التهجير من مدننا، والتشرّد، والشعور بفقدان الأمل."
وتضيف "يتحدث الناس هذه الأيام عن انتصار الأسد، لا أعرف ما هذا الانتصار الذي أتى على دمار المدن وذبح المدنيين واعتقال الآلاف وإجبار الملايين على الهرب، هل هذا انتصار؟ أنا أريد أن أروي القصة كي يرى العالم الحقيقة لا الأكاذيب".
أما المخرج إدوارد واتس، فقال إن دافعه بدأ منذ اندلاع الثورة السلمية ضد النظام، موضحاً "أردت أن أصنع فيلماً يساعد الناس خارج سوريا في البقاء على اتصال مع الأحداث في سوريا، فهذه لحظات فارقة في تاريخ العالم الحرب العالمية الثانية. نواجه مشاكل كبيرة اليوم ابتداء من داعش وكارثة اللجوء وصعود اليمين المتطرف للتغطية على الفشل في مساعدة السوريين في بداية نضالهم من أجل الحرية".
وقال واتس إن " في النهاية قمت بذلك عن طريق حياة وعد، فالناس قد يمرون برحلة ملحمية خلال عملية التغيير من أجل رؤية والوصول إلى الحقيقة بأنفسهم".
ما الذي تريد إيصاله للجمهور؟
تقول الخطيب: "العالم يعلم بالحرب في سوريا، لكن قلة تعرف عن وجود حياة هناك، عن الجمال والحب في سوريا. الكثير من الأحلام تم تدميرها، أريد أن يعرف الناس بأنها لم تكن حرباً أهلية، إنما ثورة. لقد أردنا تغيير حياتنا وقاتلنا غرائب الأمور، فيما العالم ينظر لنا بلا مبالاة".
وعن موضوعة الفيلم، تقول الخطيب "أنا قصّة فيلمي، نضالي من أجل أن أكون امرأة وصحافية وأم في منطقة حرب. شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه توثيق ما يحدث، وفي نفس الوقت أقوم ببناء حياة وعائلة".
وولدت ابنتها سما وهي محور الفيلم عام 2015، لتمنح أمها الأمل، رغم أنهما تعيشان في غرفة شبابيكها محميّة بأكياس الرمل من أجل تفادي أي انفجار قد يقتلهما.