زعيم حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.
زعيم حركة حماس ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية.

منذ حرب 1948، عاش قطاع معزولاً عن العالم إلا من إطلالة بحرية صغيرة لا يستفيد بها إلا في أغراض السياحة وأعمال صيد محدودة ومنفذ صغير مع مصر المؤثّر الأكبر في القطاع والتي أدارته بشكلٍ مباشر لعدة سنوات.

من مصر، المنفذ الوحيد للقطاع، دخلت مختلف الأفكار السياسية إلى غزة. فمنها انتشر الفكر الناصري في القطاع ومنها أيضاً وفد الفكر الإسلامي السياسي عبر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي قامت حركة "حماس" على أفكارها الأساسية.

 

جماعة الإخوان.. الظهور الأول

 

منذ عام 1946، اهتمّ مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، بتأسيس أفرعٍ لجماعته في الدول المجاورة ومنها الأراضي الفلسطينية. لاحقاً شارك المتطوعون من الجماعة في حرب عام 1948، ومنحوا تنظيمها أقداماً أولية قوية في قطاع غزة خلال فترة ما بعد الحرب.

ساعد على تثبيت أقدام الإخوان في غزة قيام ثورة يوليو 1952 في مصر. وحينها امتلك الضباط الأحرار علاقة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكان حينها القطاع خاضعاً للإدارة المصرية، فعزل الضباط رشدي الشوا من رئاسة بلدية غزة وعيّنوا الشيخ عمر صوان القيادي في تنظيم الإخوان بدلاً منه، ما سهّل كثيرًا من جهود نشر أفكار الجماعة بين سكان غزة.

يقول حسين أبو النمل في كتابه "قطاع غزة 1948-1967"، إنه خلال هذا الوقت لم تثر مواقف الإخوان الرافضة للديمقراطية وحقوق المرأة والإصلاح السياسي جدلاً في غزة بسبب انشغال الجميع بقضايا التحرر وإقامة الدولة.

ويُضيف أنه خلال تلك الفترة تلقّت الجماعة في غزة دعماً كبيراً من الضباط الأحرار حتى نُظر إليهم باعتبارهم حزبا للسلطة. وكانت احتفالاتهم الرسمية تتم برعاية الحاكم الإداري المصري أو نائبه.

 

الهزيمة والثورة

 

شكّلت هزيمة 1967 دفعة إضافية قوية لنمو التيار الإسلامي في القطاع بعدما أنهت سطوة التيار القومي الناصري بالمنطقة عموما وأفسحت المجال واسعاً لخلايا جماعة الإخوان المسلمين. وفي سبتمبر من عام "النكسة"، استضاف حي الشجاعية بغزة الاجتماعات الأولى لبحث تأسيس كيان لجماعة الإخوان هناك.

في هذه المرحلة، آثرت الجماعة عدم الانخراط في أي نشاط مسّلح ضد إسرائيل مفضلة التركيز على بناء قواعدها التنظيمية بهدوء.

خلال هذه الفترة مرّت المنطقة بأحداثٍ كبيرة كانت في صالح التيار الإسلامي أيضا مثل ارتفاع أسعار البترول بأرقامٍ قياسية. ضاعف هذا من التأثير المالي الناعم لدول الخليج، خاصة السعودية، فزادت هذه الدول من حجم التبرعات لإنشاء الجمعيات الإسلامية وبناء المساجد الأهلية حتى بلغت 600 مبنى في غزة. وما بين عامي 1970 و1988، بُنيت مساجد كثيرة بتمويل خارجي لذا كانت بعيدة عن إشراف ورقابة الحكومة الإسرائيلية التي كانت تسيطر على القطاع، فأصبحت قواعد شعبية مثالية لنشر فكر الإخوان.

في 1982 وقع غزو لبنان الذي أجبر مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية على الانسحاب إلى تونس في وقتٍ بزغت فيه حركة إسلامية هي حزب الله التي قادت عمليات ناجحة ضد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، ما أعطى زخما للتيار الإسلامي بشكل عام.

تسعى إيران إلى خلق تنظيمات على طراز حزب الله عمادها مقاتلوها من سورية والعراق وأفغانستان وباكستان/وكالة الصحافة الفرنسية
"قراره من إيران".. جدل لبناني حول تدخل حزب الله في حرب "غلاف غزة"
في ظل المساعي الدولية المكثفة من أجل التهدئة والتخوف الدولي من توسع رقعة حرب "غلاف غزة" منذ إطلاق حركة حماس الفلسطينية عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الجاري،  تفاوتت المواقف في الشارع اللبناني بين مؤيد لتدخل حزب الله، وبين معارض لما قام به خلال الأيام الفائنة من إطلاق صواريخ بأوقات متفرقة نحو مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، خصوصاً أن البلد يعيش أزمات متعددة ومركبة، منذ أربع سنوات.

وتزامن هذا المد مع تراخي القبضة الإسرائيلية، فسُمح للكثير من المنظمات المرتبطة بالإخوان بالعمل بحرية في القطاع حتى إن بعض المحللين اعتبروا أن إسرائيل تعمّدت ذلك لتسمح بانتشار تيار سياسي يُضعف نفوذ منظمة التحرير.

تظافرت كل هذه العوامل مع ظهور أحمد ياسين الذي اعتاد إلقاء دروس في مسجد العباس بحي الرمال وفي مسجد المخيم الشمالي نجح عبرها في استقطاب أعداد ضخمة من الشباب. هنا انتبهت إسرائيل وفرضت حصاراً عسكرياً على عددٍ من مساجد غزة واعتقلت ياسين بتهمة "تشكيل تنظيم عسكري والتحريض ضد الدولة اليهودية".

وفي 1984 شهدت الجامعة الإسلامية في غزة انتخابات طلابية تصارعت فتح فيها مع التيار الإسلامي وانتهت باكتساح طلاب الإخوان وفوزهم بجميع المقاعد. وفي العام نفسه، بدأت المناوشات بين الجماعتين عقب اغتيال عناصر من "فتح" القيادي الإسلامي إسماعيل الخطيب لتكون شرارة الخلاف الأولى بين القطبين الكبيرين في الساحة السياسية الفلسطينية.

في العام التالي، أفرجت إسرائيل عن أحمد ياسين بموجب صفقة تبادل أسرى عقدتها مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. سريعاً عاد الشيخ المقعد لنشاطه واستغل مهاراته الخطابية في جذب المزيد من الأتباع. وحين اندلعت "انتفاضة" عام 1987، وجدها أحمد ياسين فرصة مثالية لإعلان تأسيس حركة "حماس". 

 

الظهور الرسمي لـ"حماس"

 

في أواخر 1987 ظهرت حركة جديدة على الساحة الفلسطينية هي "حماس" (اختصار لعبارة "حركة المقاومة الإسلامية") التي اعتمدت على كثيرٍ من مبادئ الإخوان المسلمين في تكوين عقيدتها السياسية والفكرية، وسريعاً تصاعدت أهميتها حتى باتت الشريك الرئيسي لـ"فتح" في إدارة المشهد السياسي.

في 1994، أقيمت السُلطة الفلسطينية كإحدى نتائج اتفاقية أوسلو التي منحت الفلسطينيين نوعاً من الحُكم الذاتي داخل بعض مناطق الضفة الغربية، وهو ما قسم المشهد السياسي إلى قسمين: واحد تزعمته "فتح" وآمَن بالتخلي عن العمل المسلح ضد إسرائيل وقبل بالوسائل السلمية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وآخر بقيادة حماس رفض كل هذا وتمسّك بعدم الاعتراف بإسرائيل وبالعمل المسلح.

وتنفذ حماس عملياتها عن طريق جناحها المسلح كتائب عز الدين القسام. وتصنف عدد من الدول مثل الولايات المتحدة الأميركية الحركة بالكامل منظمة إرهابية، فيما تصنف دول أخرى جناحها العسكري فقط.

رفْضُ "حماس" للعملية السياسية دفعها لعدم خوض الانتخابات وترك السُلطة لـ"فتح" التي أصبحت لاعبا وحيدا تقريبا في الساحة، ففازت بالانتخابات البرلمانية وبمنصبي الرئاسة والحكومة. لكن وجود "فتح" في السُلطة أثقل كاهلها وأضعف من شعبيتها بسبب سوء الإدارة وتفشي الفساد الأمر الذي صب في صالح "حماس".

 

شهدت هذه الرقعة الجغرافية الضيقة العديد من الأحداث الجِسام في السنوات الأخيرة خلّفت آثاراً سياسية واجتماعية عميقة...

Posted by ‎Irfaa Sawtak - ارفع صوتك‎ on Tuesday, October 24, 2023

وحين اندلعت "انتفاضة الأقصى" في 2000، بلغت شعبية "حماس" ذروتها القصوى بسبب نجاحها الملحوظ في قيادة المظاهرات الضخمة التي اجتاحت غزة والضفة الغربية احتجاجاً على زيارة أرئيل شارون زعيم المعارضة الإسرائيلية حينها لساحة المسجد الأقصى.

عقب وفاة ياسر عرفات 2004، فقدت "فتح" المزيد من قوتها بعد رحيل زعيمها التاريخي وتولّى محمود عباس الرئاسة بدلاً منه.

هنا دخلت "حماس" دخول الملعب السياسي بعد تعديل بعض مواقفها السابقة مثل المطالبة بالرجوع إلى "فلسطين الانتدابية"، وشاركت في الانتخابات البرلمانية وفازت لها ليتم تكليفها بتشكيل الحكومة، وهي الخطوة التي لم تستمر طويلاً إذ اشتعال الصراع بين "فتح" و"حماس".

تحول الخلاف بين فتح وحماس إلى حرب مسلحة بين الطرفين، انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة وتأسيس حكومة موازية غير معترف بها.

وفي عام 2007، اندلعت الحرب بين حماس وإسرائيل، لتفرض الأخيرة حصارا خانقا على قطاع غزة ما زال مستمرا إلى اليوم.

ومنذ السابع من أكتوبر الجاري تخوض حماس وإسرائيل حرب جديدة، أسقطت لحد الآن أكثر من 1300 إسرائيلي وأكثر من 6500  فلسطيني، أغلبهم من المدنيين.

مواضيع ذات صلة:

صورة أرشيفية للشيخ محمد محمود الصوّاف مؤسس فرع الإخوان المسلمين في العراق
صورة أرشيفية للشيخ محمد محمود الصوّاف مؤسس فرع الإخوان المسلمين في العراق

حفّز الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، قِوى إسلامية عراقية ترتبط عقائدياً بحركة الإخوان المسلمين، في محاولة للعودة إلى الواجهة من جديد.

أبرز هذه القِوى، هو الحزب الإسلامي العراقي، الذي يعتبر ذراعا سياسيا للإخوان المسلمين في العراق، وكانت تتبعه حركة "حماس العراق" التي قاومت القوات الأميركية بعد عام 2003.

خلال مقابلة له على قناة السومرية الفضائية في 31 من أكتوبر الماضي، ظهر الأمين العام للحزب الإسلامي رشيد العزاوي للتعبير عن مواقفه تجاه حرب غزة، وأبدى استعداده للقتال في فلسطين. ومثل العزاوي، تحركت قِوى إسلامية في إقليم كردستان العراق، لها ارتباطات عقائدية مع الإخوان المسلمين، لاستثمار أحداث غزة وتعبئة جماهيرها.

يرى المفكر والباحث العراقي رحيم ابو رغيف أن "إخوان العراق يحاولون العودة إلى الواجهة من خلال ما يحدث في غزة، وأن الحزب الإسلامي العراقي إخوان مسلمين قولاً واحداً".

وقال لـ"ارفع صوتك" إن "جذور الإخوان المسلمين في العراق متشعبة، حتى حزب الدعوة ولد من رحم حزب التحرير المولود بدوره من رحم الإخوان، وبالتالي، فإنهم حاضرون في العراق، ولكن لكل بلد خصوصيته، وكل تنظيم تابع للإخوان يتخذ الشكل الذي يناسب البلد الموجود فيه".

يعتقد أبو رغيف، أن "ما يحدث في غزة ليس قادراً على إعادة إحياء الإخوان المسلمين، ولا ملئ الفراغ في الحضور السني في العراق، لكن رغبة الشيعية السياسية في العراق تصب في هذا السياق، بدعم من ولاية الفقيه".

وأشار إلى أن "من ينتشل الإخوان هي ولاية الفقيه الإيرانية، والولي الفقيه في إيران علي خامنئي يهتم بإدامة زخم وجود الإخوان. وكتب سيد قطب لا تزال تطبع حتى اليوم على نفقة المكتب الخاص للسيد خامنئي".

 

الجذور الأولى

 

ليس في العراق اليوم أي ظهور علني لأحزاب تتبع بشكل تنظيمي صريح لحركة الإخوان المسلمين. حتى الحزب الإسلامي العراقي ينكر في مواضع كثيرة ارتباطه التنظيمي بالحركة.

وبحسب دراسة أعدّها الباحث مهنّد سلوم لمعهد "كارنيغي" ونشرت في ديسمبر 201٨: "يُنظر إلى الحزب الإسلامي العراقي عموماً على أنه واجهة لتنظيم الإخوان المسلمين، على الرغم من أن المسؤولين في الحزب دأبوا على إنكار ذلك".

ويمكن، بحسب سلّوم، "رؤية تشابه الحزب الإسلامي مع الإخوان المسلمين من خلال المقاربة المشتركة بينهما في انموذج نظام الحكم الإسلامي".

شهد تاريخ العراق ولادة تجربة واضحة لهذا التنظيم في أربعينات القرن الماضي، مع الشيخ محمد محمود الصوّاف. في الثلاثينات، ظهر الصوّاف في الموصل داخل الوسط السني، وحصل على منحة من الأوقاف للدراسة في الأزهر، وهناك في مصر، كما يروي كتاب "دراسات في الحركات الإسلامية المعاصرة في العراق" الذي أعدته مجموعة من المؤلفين، التقى الصوّاف بالشيخ حسن البنا وتأثر به.

عاد الصواف إلى العراق عام 1946 بعد مرور حوالي عقدين على نشأة الإخوان المسلمين في مصر، ونقل التجربة إلى العراق، فأسّس فرع الإخوان في بغداد، وألحق به مجموعات وجمعيات دينية أخرى مثل جمعية الأمر بالمعروف، وفقاً كتاب دراسات في الحركات الإسلامية المعاصرة في العراق.

ويرى الباحثون المشاركون في الكتاب، أن "ظهور الإخوان المسلمين في فترة الأربعينات في العراق جاء كرد فعل على ظهور الأحزاب الشيوعية والابتعاد عن الدين". وقد استفاد النظام الملكي القائم في العراق آنذاك من ظهور الحركة التي "كان يعدّها قطباً مضاداً للشيوعية التي أصبحت حركة جماهيرية مقلقة".

كان الإخوان المسلمون يستثمرون المناسبات الدينية لتوجيه الرأي العام لمبادئهم ونشر أفكارهم واستفادوا من بعض الجرائد العلنية في محاولة لـ"أسلمة" المجتمع العراقي وتحقيق أهداف الإسلام بقيام الدولة الإسلامية وحكومتها "الصالحة التي تطبق وتلبي الحقوق المشروعة للأمة في تحرير الوطن من المستعمر والتخلص من أعوانه وأذنابه" بحسب آرائهم وعقائدهم.

خالد الجبوري، وهو سياسي عراقي انتمى سابقاً إلى الحزب الإسلامي العراقي واستقال منه وتحوّل "إلى الفكر العلماني والليبرالي"، كما يقول لـ"ارفع صوتك"، فإن "الإخوان المسلمين اضطروا مع سقوط النظام البعثي في العراق وظهور الديمقراطية والفكر الليبرالي في البلاد، إلى الظهور العلني".

 

وأضاف أن "حضورهم محظوراً في فترة حكم البعث، فقدموا أنفسهم في البدء كنموذج مسلح مقاوم للاحتلال الأميركي، ثم تحولوا إلى العمل السياسي تحت راية الحزب الإسلامي العراقي".

ويعتبر الحزب الإسلامي العراقي أول الأحزاب العراقية السنية التي وافقت على المشاركة في العملية السياسية في فترة ما بعد سقوط النظام البعثي. كما يعتبر من الأحزاب ذات النفوذ في الساحة السنية العراقية.

 

في كردستان أيضاً

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سامان نوح لـ"ارفع صوتك" أن "الإتحاد الإسلامي الكردستاني هو ذراع يمثل الإخوان المسلمين بشكل أو بآخر، وتوجهاته وأفكاره تصب في هذا السياق".

ويشير نوح إلى أن "الإتحاد من أشدّ المؤيدين لحماس في حرب غزة، ودعا إلى تظاهرات في أكثر من مناسبة، وجمهوره متعاطف جداً مع الحركة".

أفرزت حرب غزة نوعاً من الاستقطاب في الشارع الكردي، وخصوصاً على مواقع التواصل الإجتماعي، كما يقول نوح، بين أحزاب سلفية مقربة من السعودية من جهة والاتحاد الإسلامي والأحزاب المقربة من الفكر الإخواني من جهة أخرى.

فالسلفيون، ويشكّلون أقلية، كان موقفهم الصمت أو انتقاد ما فعلته حماس في غزة، على عكس الإخوان المسلمين الذين يعتبرون أن ما قامت به حماس عمل بطولي يؤيدونه ويدعمونه.

يرى الصحافي والباحث العراقي ياسين طه، أن "حضور فكر وثقافة الإخوان المسلمين في العراق وفي إقليم كردستان أيضاً، أصبح قوياً بعد حرب غزة، وأن الفروع المتأثرة بالإخوان في العراق وكردستان لم تكن تتبنى سابقاً الخيارات المسلحة والعسكرية والجهادية، وكانت تعارضها".

لكن حرب غزة، كما يلاحظ طه، غيّرت من خطاب هذه الأحزاب، التي بدأت تتبنى العمليات الجهادية وتدعمها بكل ما أوتيت من قوة، عبر المنابر والخطب والحملات المنظمة في مواقع التواصل الاجتماعي".

واليوم، يبدو الحزب الإسلامي العراقي منغمساً في التحشيد لدعم حركة "حماس" في غزة انطلاقاً من "طبيعته الفكرية والفلسفية والدينية والأيديولوجية" المستمدة من حركة الإخوان المسلمين، كما يؤكد خالد الجبّوري.

ويشير إلى أن "هناك تحديات ستواجه الحزب الإسلامي العراقي، خصوصاً أن الشارع السنّي يتعاطف مع الضحايا المدنيين في غزة، وقد يتعاطف مع حماس كحركة مقاومة".

ويشكّك الجبّوري بحسب تقديره، في تعاطف الشارع السني العراقي مع حركة الإخوان المسلمين، ويرى عكس ذلك، لأن الحرب في غزّة تكشف يوماً بعد يوم أن حماس ترتبط بإيران أكثر من ارتباطها بالقضايا السنية، على حد تعبيره.

وفي ذلك يتفق الجبّوري مع رحيم أبو رغيف الذي يرى أن العراق "ليس أرضية صالحة لا فكرياً ولا ثقافياً للتيارات الدينية، ولم تقدم التيارات الإسلامية مشروع دولة في العراق". وبرأيه فإن "الإخواني يبقى يحاول الوصول إلى السلطة. تحصل هذه الحركة على قوتها في العراق من السياسيين الشيعة".

ويعتقد أبو رغيف أن "أدبيات المفاهيم العامة للإخوان ولولاية الفقيه متشابهة، مثل موقع المرشد غير الموجود إلا في هاتين الحركتين، ومفهوم الشورى مشترك بينهما، والإخوان المسلمون في العراق لا يحيدون عن هذه القاعدة، لكن يتوارون، ويمارسون التقية بشتّى أنواعها".