المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
منذ انطلاق "انتفاضة الربيع العربي" في عدد من البلدان العربية، رفع المحتجون شعار "إسقاط النظام السياسي" القائم كأوّل مطلب. غير أنّ الوضع في المغرب كان مختلفاً، إذ طالب الحراك المغربي بإسقاط الفساد الذي استشرى في الحياة السياسية والاقتصادية في المملكة.
شريحة كبيرة من المغاربة لا زالت تعاني من استشراء الفساد، خاصّة في المرافق الإدارية والصحيّة التي تشكّل عصب الحياة اليومية، حتى أصبح عادة ميؤوس من معالجتها. إذ أنّ كل من يبلغ عن واقعة فساد يكون عرضة للتحقيقات. وإن عجز عن إثبات الواقعة، يكون مصيره السجن. ومثال ذلك يتجسد في حالة موظف كشف حالة فساد في وزارة المالية المغربية أبطالها وزير حالي في الحكومة وموظف في خزينة الدولة، ذلك أنّه عوضاً عن محاكمة المتهمين المباشرين في القضية، تمّت ملاحقة "كاشف الفضيحة" أمام القانون.
ويرتبط الفساد الإداري لدى عامة الناس في المغرب بالموظف أو المسؤول الإداري الذي لا يحترم أوقات ومواعيد العمل، والذي يتهاون في أداء مهامه ولا يتحمل مسؤولياته. هذا إضافةً إلى التزوير وتمضية الوقت في استقبال الزوار، فضلاً عن استغلال السلطة للابتزاز وطلب الرشوة بشكل مباشر أو غير مباشر، ناهيك عن الواسطة والمحسوبية...
رشيدة.. ضحية فساد إداري
رشيدة حامدي، مواطنة مغربية ضحية الفساد، تحكي قصتها لموقع (إرفع صوتك) وتقول "اشتريت شقة سكنية من مقاول بمدينة سلا المغربية. غير أنّي اكتشفت فيما بعد أنّ ما اشتريته على الأوراق ليس كما الواقع، حيث اختلف التصميم الورقي عن البناء الحقيقي وكذلك التصميم المصادق عليه من طرف الجهة المسؤولة. كما أنّ المقاول تلاعب بمساحة الشقة الحقيقية، وطريقة بنائها".
وتقول السيّدة إنّها تقدمت للسلطات المعنية بشكوى، فتمّت الاستجابة لمطالبها. غير أنّها وجّهت اتّهاماً للجهات المسؤولة بـ"التواطؤ مع المقاول". وتضيف "بعد مسلسل ماراثوني ضد السلطات، أوصلت الملف إلى القضاء الذي أنصفني، لكن لم تنفذ الأحكام القضائية لصالحي".
و استغربت رشيدة حصول المقاول على رخصة إدارية للسكن في الشقة المذكورة، وهو ما اعتبرته تزويراً طال الوثائق الإدارية الرسمية، لتطول حكاية معاناتها التي انطلقت منذ سنة 2010.
جهود بحاجة إلى تفعيل
استجابت الحكومة المغربية التي أعقبت الحراك الشبابي المغربي ستة 2011، لمطالب المحتجين، حيث بادرت إلى إصدار قوانين وإجراءات لمحاربة كافة أشكال الفساد واقتصاد الريع، بالإضافة إلى اهتمامها بنشر قيم النزاهة والشفافية في الحياة العامّة وربط المسؤولية بالمحاسبة. غير أنّ كل هذه الجهود لا تزال غير واضحة النتائج بسبب صعوبة محاربة الفساد نظراً لقوة مقاومته وتوغله، بحسب ما اعترف به رئيس الحكومة المغربية عبد الاله بنكيران في تصريحات سابقة.
غياب الوعي والرقابة
ويرى كثير من الشباب المغاربة، الذين نقل موقع (إرفع صوتك) آراءهم، أنّ الفساد الإداري متوغّل في الإدارة المغربية، بسبب غياب الأجهزة الرقابية ومحاسبة الفاسدين.
*الصورة: "أوصلت الملف إلى القضاء الذي أنصفي لكن لم تنفذ الأحكام القضائية لصالحي"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659