الأردن – بقلم صالح قشطة:

تشهد الجامعات في الأردن حالات متزايدة من أعمال العنف التي تندلع بين طلابها، وهو ما بات يعرف بمصطلح "العنف الجامعي"، وبحسب دراسات أكاديمية فإن ذروة تلك الحالات كانت بين عامي 2010-2013، شهدت وقوع عشرات الإصابات بين الطلبة، وبعض حالات الوفاة.

مشاجرات جماعية

وبحسب أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية د. مجد الدين خمش، فإن العنف في الجامعات كان يأخذ شكل المشاجرات الطلابية الجماعية، وكان يصل أحياناً إلى حد تحطيم ممتلكات الجامعة.

"لو عدنا عدة أعوام إلى الوراء لوجدنا حالات أكثر حدة من العنف الجامعي، ثم بدأنا نشهد تراجعاً فيها"، ما يفسره خمش بأن البرامج والسياسات التي اتبعتها الجامعات كان لها نتيجة إيجابية، خصوصاً ما قاموا به من برامج توعوية وإرشادية، وتغليظ للعقوبات الإدارية، وعدم قبول أي وساطات للتراجع عنها "وأي شخص تثبت مشاركته في تلك الحالات يتم تحويله إلى الجهات الأمنية ويخضع للتحقيق، ليتم تنفيذ العقوبة بحقه"، ورغم تراجع العنف إلّا أنه يرى أن الجامعات لا تزال بحاجة إلى المزيد من البرامج والسياسات لزيادة الانضباط لدى الطلبة.

الشحن العاطفي

ويرى الأستاذ الجامعي أن السبب الرئيسي للمشاجرات الطلابية الجماعية هو الشحن العاطفي المرافق للانتخابات الطلابية، والحشد العشائري والتنافس الشديد الذي تشهده تلك الفترة، والذي يتحول إلى صراع في بعض الأحيان. ويشير إلى أن بعض الجامعات بدأت بالتفكير جدياً بإجراء الانتخابات عن طريق شبكة الإنترنت، بدلاً من حضور الطلبة إلى صناديق الكليات، مما يسبب ازدحاماً وتوتراً يزيد من فرصة نشوب أي نزاعات.

كما يشير خمش إلى أن معظم المتسببين بحالات العنف الجامعي هم طلبة غير منضبطين أكاديمياً، يتغيبون كثيراً عن المحاضرات، لا يتابعون دروسهم، ويقضون وقتهم بالتسكع في الحرم الجامعي، وعادةً ما يشكون من الإحباط والفراغ وفقدان الهدف، ويتسببون في كثير من المشاجرات الطلابية رغم أنهم فئة قليلة مقارنة بباقي الطلبة.

وعلى حد تعبيره فإن "هذا العنف له تأثير سلبي على مناخ الحياة الجامعية، ويجعل الجامعة من الأماكن التي تشعرك أنه من الخطر الدخول إليها"، ليشير إلى أنهم إذا استمروا بهذا السلوك بلا معالجة فسينقلون العنف إلى المجتمع بعد تخرجهم.

أسباب أخرى

وبعيداً عن الأسباب المذكورة، تروي (رؤى ر.) لموقع (إرفع صوتك) أنها كانت –من دون أن تدري– سبباً في نشوب إحدى المشاجرات في جامعتها، حيث كان لها زميل يحاول التقرب منها. وفي إحدى المرات سمعه أحد طلاب الجامعة يتحدث عنها، ما أدى لاشتعال حالة من العنف، لتضيف بقصتها سبباً آخر للعنف الجامعي في بعض حالاته.

التعصب العشائري

بينما يعود المحامي سامر عريقات، وهو عضو مجلس طلبة سابق في الجامعة الأردنية لعام 2011، ليؤكد أن السبب الرئيسي للعنف هو التعصب العشائري والإقليمي والتعصب الديني، وأن معظم المشاكل كانت تظهر في فترة الانتخابات، وفي كثير من الأحيان لم يكن هناك تقبل للآخر ولرأيه، ما زاد من حدتها.

ويصف عريقات أحداث العنف بأنها كانت تصل في بعض الأحيان إلى مرحلة دموية، بعضها عراك بالأيدي أو بالأدوات الحادة، وكان هناك إطلاق للنار في بعض الحالات بهدف إظهار القوة وتخويف المنافس.

ويعطي عريقات مثالاً على إحدى المشاكل حيث كانت بقيام إحدى المجموعات المنتمية لأحد الأقاليم الداخلية بشتم واستفزاز مجموعة أخرى، ونجحوا باستفزازهم ما أدى إلى اشتباكهم ووقوع بعض الإصابات بين المتعاركين.

وفي حالة أخرى قامت مجموعة بمحاولة إغلاق الأبواب المؤدية إلى صناديق الاقتراع، بهدف منع وصول الأصوات إلى المرشح المنافس، ما جعل القائمين على حملة المرشح المنافس يتصدون لهم، واشتد الصراع بينهم وتم استخدام السكاكين فيه.

كما يشير المحامي إلى تجربته في فترة الانتخابات، التي لم تمر بسلاسة كبيرة "أنا شخصياً تعرضت للتهديد وتعرضت لمحاولة تخويف بإطلاق النار، ووصلتني رسائل تحمل تهديدات بإيذائي في حال لم أنسحب من الانتخابات".

ويتابع أنّه في إحدى المرات استدرجه أحد الزملاء للبقاء في الجامعة حتى المساء، وفوجئ بظهور مجموعة قامت بتهديده بالقتل وحاولوا استدراجه للاشتباك معهم، ما سيحيله إلى لجنة تحقيق، "وفي حال تم تحويلي إلى لجنة تحقيق في الجامعة فسيكون هذا كفيل بأن يتم حذف اسمي من قوائم المرشحين، ولحسن الحظ استطعت الخروج من الموقف بمساعدة الأمن الجامعي الذي أمن لي طريق خروجي من الحرم الجامعي".

*الصورة: "لو عدنا عدة أعوام إلى الوراء لوجدنا حالات أكثر حدة من العنف الجامعي"/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

حين افتتحت المدينة السياحية في الحبانية في نيسان/أبريل 1979، كانت السياحة في العراق قد شهدت انتقالة واسعة تمثلت بالاستعانة بخبرات شركة فرنسية عريقة في مجال الخدمات السياحية؛ بدءا من المعمار وصولا إلى التجهيزات الراقية واعتماد إدارة متقدمة، مما جعلها قبلة عراقيين كثر بدأوا يتعرفون على مستويات ترفيه راقية في بلادهم. وقد حصلت المدينة السياحية على كأس منظمة السياحة الدولية كأفضل مرفق سياحي في الشرق الأوسط عام 1986.

هذا المرفق السياحي بدأ بالانهيار تدريجياً بعد العام 2003، نظراً للأحداث الأمنية في البلاد. وساء الوضع بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الفلوجة، التي تقع الحبانية السياحية جنوب غربها، وباتت وجهة للنازحين.

الفراغ الأمني

ويقول الخبير الأمني منعم الموسوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن وجود قاعدة عسكرية وجوية على بعد 18 كيلومتراً غرب مدينة الفلوجة أثّر بشكل ملحوظ على إقبال السياح.

اقرأ أيضاً:

تعرّف على قصبة الجزائر وقسنطينة

الحرب في اليمن تدمر التاريخ العريق

ويشير الموسوي إلى أن أوضاع مدينة الحبانية ساءت أكثر "عندما منح الفراغ الأمني في العام 2004 فرصة للمتمردين في مدينة الفلوجة إلى اقتناء السلاح فتزايدت معها عمليات القتل والاختطاف والسلب".

ويضيف أنّ هذه الأوضاع وخاصة مع انطلاق العمليات العسكرية في الفلوجة أدت إلى فرار وهجرة الكثير من العوائل إلى مدينة الحبانية. "لكن الأمر لم يكن بسيطاً، إذ أثر على خدمات هذه المدينة وبنيتها التحتية بشكل سلبي كبير".

الصراع الطائفي

تمتدّ المدينة السياحية في الحبانية على مساحة مليون متر مربع، وكانت تعتبر في الثمانينيات من أكبر وأبرز المرافق السياحية في منطقة الشرق الأوسط. وضمّت فندقا كبيرا فيه 300 غرفة ومئات الشاليهات وصالة سينما وملاعب رياضية ومطاعم. وسجّلت ذاكرة جميلة لأجيال متعاقبة من العراقيين.

وأثّر وضع الاقتتال الطائفي في البلاد كثيراً على مدينة الحبانية السياحية. فمع تصاعد حدة الصراع الطائفي في العام 2007، كان هناك الكثير ممن اختار هذه المدينة كمأوى له للاحتماء من الجماعات المسلحة التي كانت تخطف وتذبح الناس في الشوارع والطرق السريعة، يقول الخبير الأمني أحمد جاسم في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ويضيف أن مدينة الحبانية السياحية كانت عبارة عن مخيمات لهؤلاء الناس الذين تجاوزت أعدادهم طاقتها الاستيعابية والخدماتية. "وبالمقابل لم تظهر إجراءات حكومية تهتم بداخل أو في محيط هذه المدينة ما يعكس انهيار كل مرافقها وحدائقها ومبانيها".

استقرار الأوضاع الأمنية

وفي العام 2009 بدأت الجهات الحكومية بإعادة إعمار مدينة الحبانية وترميمها وإصلاح الدمار الذي لحق بها، وتحديداً بعدما استقرت الأوضاع الأمنية وبدأت العوائل المهجرة بمغادرتها. ويقول الحاج خليل الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد إنّه  كان يحاول إيصال مجموعة من العوائل في رحلة ليوم واحد لمدينة الحبانية في العام 2010 بعد أن فتحت أبوابها للزوار مرة أخرى.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) “لم تكن الخدمات المقدمة بالمستوى المطلوب. كان شاطئ بحيرة الحبانية يعج بأكوام القمامة وأغلب المرافق الترفيهية مغلقة. أيضا كان أكثر ما يقلقنا في وقتها هو الخروج من المدينة والعودة إلى ديارنا قبل حلول الظلام".

العمليات العسكرية

وبعد أنّ سيطر تنظيم داعش على بعض المدن العراقية منها الفلوجة والرمادي في العام 2014، حاول التنظيم التوسع إلى مدينة الحبانية ومناطق أخرى، وبدأت القوات الأمنية والعشائر بصد هجمات التنظيم حتى انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدن من سيطرة داعش، حسب حديث العراقي فارس رشيد لموقع (إرفع صوتك)، وهو خبير في الشأن السياحي.

ويضيف فارس "وهكذا عادت الحبانية مرة أخرى مليئة بالنازحين القادمين من المدن التي دارت وتدور فيها معارك التحرير".

ويشير إلى أن هذه المدينة واحدة من أكثر المدن السياحية تضرراً. "فهي أما أن تكون ملاذا للفارين والمهاجرين والنازحين إبان الأزمات السياسية والأمنية، وأما أن تفتقر للخدمات السياحية والترفيهية عند هدوء وتيرة هذه الأزمات. في كل الحالات تبدو هذه المدينة غير مؤهلة لاستقبال السائحين"، على حد قوله.

*الصورة: جانب من مدينة الحبانية السياحية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659