بقلم علي عبد الأمير:

تذهب سريعا إلى عنوان حول جريمة شهدها الأردن "حرق العائلة"، وما قاله خبراء عن جريمة حرق أب لأطفاله وزوجته بكونها تكرّس ضعف منظومة الوقاية من العنف الأسري.

تصل إلى تغريدة

عن الموضوع  ذاته في السعودية، ومفاده: "بلاغان كل دقيقة عن العنف الأسري"، حتى تتوقف عند قراءة من قبل الناشط الحقوقي سرود محمود لـ"مسودة قانون العنف الأسري في العراق"، وفيها أن القانون لم يعتبر الإكراه في الزواج وزواج الصغار والتزويج بدلاً عن الدية والطلاق بالإكراه وقطع صلة الأرحام، وإكراه الزوج للزوجة على البغاء وامتهان الدعارة وختان الإناث وإجبار أفراد الأسرة على ترك الوظيفة أو العمل رغماً عنهم، وإجبار الأطفال على العمل والتسول وترك الدراسة والانتحار والإجهاض، وضرب أفراد الأسرة والأطفال بأية حجة والإهانة والسب وشتم الزوجة والنظرة الدونية تجاهها وإيذائها وممارسة الضغط النفسي عليها وانتهاك حقوقها والمعاشرة الزوجية بالإكراه، لم يعتبر كل هذه الانتهاكات من جرائم العنف الأسري. ويشير محمود إلى أن هذه الجرائم شديدة الخطورة وتهدم نسيج الأسرة العراقية.

العنف الأسري يقتل أكثر من الحروب!

وقد يبدو مثيرا للتعجب ما يقوله خبيران حول العنف المنزلي الموجه أساسا إلى النساء والأطفال بكونه يقتل من البشر أكثر مما تقتل الحروب، بل ويزداد العجب حد الاستغراب، حين يكلف ذلك العنف الاقتصاد العالمي ما يزيد على ثمانية تريليونات دولار سنويا، بحسب الدراسة التي نقلتها وكالة "رويترز" للأنباء ونشرتها وسائل إعلام عربية عدة. والدراسة التي قال باحثاها إنها محاولة أولى لتقدير التكاليف العالمية للعنف، حثّت الأمم المتحدة على أن تولي اهتماما أكبر بالانتهاكات المنزلية التي تلقى اهتماما أقل من الصراعات المسلحة.

وكتبت أنكيه هوفلر من جامعة أكسفورد وجيمس فيرون من جامعة ستانفورد في الدراسة أنه "في مقابل كل قتيل في ميدان الحرب الأهلية يلقى تسعة أشخاص تقريبا... حتفهم في نزاعات بين أشخاص". وقدرا تكلفة أشكال العنف على مستوى العالم من الخلافات الأسرية إلى الحروب بمبلغ 9.5 تريليون دولار سنويا تتمثل أساسا في ناتج اقتصادي مفقود وبما يعادل 11.2 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على مستوى العالم. وفي السنوات القليلة الماضية عانت ما بين 20 و25 دولة من حروب أهلية دمرت كثيرا من الاقتصادات المحلية وبلغت تكاليفها حوالي 170 مليار دولار سنويا. وكلفت جرائم قتل 650 مليار دولار وكانت أساسا لرجال ولا صلة لها بالنزاعات المنزلية.

ضحايا العنف الأسري: 290 مليون طفل

لكن هذه الأرقام تضاءلت بالمقارنة مع ثمانية تريليونات دولار هي التكلفة السنوية للعنف المنزلي وأغلبه ضد النساء والاطفال. وقالت الدراسة إن حوالي 290 مليون طفل يعانون من استخدام العنف في التأديب في البيوت طبقا لبيانات صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وتقدر الدراسة أن الانتهاكات غير الفتاكة ضد الأطفال تهدر 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الدول ذات الدخل المرتفع وما يصل إلى 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا جنوبي الصحراء حيث يشيع التأديب العنيف.

داعش الاجتماعي؟

وبما يشبه الخلاصة الفكرية لهذا الموضوع الإنساني الواسع، نقرأ رأيا للكاتبة السورية لمى الأتاسي يعتبر هذه الأشكال من العنف  الأسري، بوصفها "داعش الاجتماعي"، لا بل يعتبرها أخطر "لأنها تشكل حاضنة للعنف الذي يبيح العنف الأسري والربح السهل". ومثل هذا الرأي الجوهري يذهب إلى التفصيل بالقول "داعش تنفذ حكم القتل بعشوائية وقساوة منقطعة النظير، لكن هناك في سورية داعشين، داعش التي تعلن عن مشروعها وتظهر مدى تمسكها بالعنف كوسيلة للوصول لمشروع الدولة الإسلامية السنية، وداعش الاجتماعية المستترة ومتخفية خلف التقاليد والعادات والتقية، معشعشة في عقول جزء لا يستهان به من المجتمع، وللإثنين ذات الأحلام وذات المشروع ولربما داعش الاجتماعية أخطر.. لأنها تشكل حاضنة للعنف الذي يبيح العنف الأسري والربح السهل واستبدال القيم التي تحكمها منطق بالتقاليد والعادات".

وللفن كلمته

"إجعلْ غيرَ المرئيّ مرئياً، اِكشفْ المستورَ"، هذا هو عنوان المحور الذي يقدم من خلاله سفير اليونيسف للنوايا الحسنة، النجم السينمائي العالمي target="_blank">ليام نيسون، صوته لدعم مبادرة صندوق دعم الطفولة العالمي "يونيسف" الجديدة لمنع العنف ضد الأطفال، وهو شكل من أشكال العنف التي تقتل أكثر من الحروب.

 *الصورة: عائلات تفر من الموصل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

حين افتتحت المدينة السياحية في الحبانية في نيسان/أبريل 1979، كانت السياحة في العراق قد شهدت انتقالة واسعة تمثلت بالاستعانة بخبرات شركة فرنسية عريقة في مجال الخدمات السياحية؛ بدءا من المعمار وصولا إلى التجهيزات الراقية واعتماد إدارة متقدمة، مما جعلها قبلة عراقيين كثر بدأوا يتعرفون على مستويات ترفيه راقية في بلادهم. وقد حصلت المدينة السياحية على كأس منظمة السياحة الدولية كأفضل مرفق سياحي في الشرق الأوسط عام 1986.

هذا المرفق السياحي بدأ بالانهيار تدريجياً بعد العام 2003، نظراً للأحداث الأمنية في البلاد. وساء الوضع بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الفلوجة، التي تقع الحبانية السياحية جنوب غربها، وباتت وجهة للنازحين.

الفراغ الأمني

ويقول الخبير الأمني منعم الموسوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن وجود قاعدة عسكرية وجوية على بعد 18 كيلومتراً غرب مدينة الفلوجة أثّر بشكل ملحوظ على إقبال السياح.

اقرأ أيضاً:

تعرّف على قصبة الجزائر وقسنطينة

الحرب في اليمن تدمر التاريخ العريق

ويشير الموسوي إلى أن أوضاع مدينة الحبانية ساءت أكثر "عندما منح الفراغ الأمني في العام 2004 فرصة للمتمردين في مدينة الفلوجة إلى اقتناء السلاح فتزايدت معها عمليات القتل والاختطاف والسلب".

ويضيف أنّ هذه الأوضاع وخاصة مع انطلاق العمليات العسكرية في الفلوجة أدت إلى فرار وهجرة الكثير من العوائل إلى مدينة الحبانية. "لكن الأمر لم يكن بسيطاً، إذ أثر على خدمات هذه المدينة وبنيتها التحتية بشكل سلبي كبير".

الصراع الطائفي

تمتدّ المدينة السياحية في الحبانية على مساحة مليون متر مربع، وكانت تعتبر في الثمانينيات من أكبر وأبرز المرافق السياحية في منطقة الشرق الأوسط. وضمّت فندقا كبيرا فيه 300 غرفة ومئات الشاليهات وصالة سينما وملاعب رياضية ومطاعم. وسجّلت ذاكرة جميلة لأجيال متعاقبة من العراقيين.

وأثّر وضع الاقتتال الطائفي في البلاد كثيراً على مدينة الحبانية السياحية. فمع تصاعد حدة الصراع الطائفي في العام 2007، كان هناك الكثير ممن اختار هذه المدينة كمأوى له للاحتماء من الجماعات المسلحة التي كانت تخطف وتذبح الناس في الشوارع والطرق السريعة، يقول الخبير الأمني أحمد جاسم في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ويضيف أن مدينة الحبانية السياحية كانت عبارة عن مخيمات لهؤلاء الناس الذين تجاوزت أعدادهم طاقتها الاستيعابية والخدماتية. "وبالمقابل لم تظهر إجراءات حكومية تهتم بداخل أو في محيط هذه المدينة ما يعكس انهيار كل مرافقها وحدائقها ومبانيها".

استقرار الأوضاع الأمنية

وفي العام 2009 بدأت الجهات الحكومية بإعادة إعمار مدينة الحبانية وترميمها وإصلاح الدمار الذي لحق بها، وتحديداً بعدما استقرت الأوضاع الأمنية وبدأت العوائل المهجرة بمغادرتها. ويقول الحاج خليل الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد إنّه  كان يحاول إيصال مجموعة من العوائل في رحلة ليوم واحد لمدينة الحبانية في العام 2010 بعد أن فتحت أبوابها للزوار مرة أخرى.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) “لم تكن الخدمات المقدمة بالمستوى المطلوب. كان شاطئ بحيرة الحبانية يعج بأكوام القمامة وأغلب المرافق الترفيهية مغلقة. أيضا كان أكثر ما يقلقنا في وقتها هو الخروج من المدينة والعودة إلى ديارنا قبل حلول الظلام".

العمليات العسكرية

وبعد أنّ سيطر تنظيم داعش على بعض المدن العراقية منها الفلوجة والرمادي في العام 2014، حاول التنظيم التوسع إلى مدينة الحبانية ومناطق أخرى، وبدأت القوات الأمنية والعشائر بصد هجمات التنظيم حتى انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدن من سيطرة داعش، حسب حديث العراقي فارس رشيد لموقع (إرفع صوتك)، وهو خبير في الشأن السياحي.

ويضيف فارس "وهكذا عادت الحبانية مرة أخرى مليئة بالنازحين القادمين من المدن التي دارت وتدور فيها معارك التحرير".

ويشير إلى أن هذه المدينة واحدة من أكثر المدن السياحية تضرراً. "فهي أما أن تكون ملاذا للفارين والمهاجرين والنازحين إبان الأزمات السياسية والأمنية، وأما أن تفتقر للخدمات السياحية والترفيهية عند هدوء وتيرة هذه الأزمات. في كل الحالات تبدو هذه المدينة غير مؤهلة لاستقبال السائحين"، على حد قوله.

*الصورة: جانب من مدينة الحبانية السياحية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659