مشاركة من صديق (إرفع صوتك) بهاء البصري:
بعد مرور أكثر من عامين على استيلاء داعش على الموصل، تغيرت الكثير من ملامح هذه المدينة المنكوبة وأصبحت الحياة فيها معدمة. فأم الربيعين لم يمر عليها الربيع خلال العامين اللذين انقضيا تحت حكم التنظيم المتطرف. وكأن الربيع أعلن حداده بانتظار رجوع هذه المدينة إلى أحضان العراق.
بعد تحرير أغلب مناطق ومدن العراق من سيطرة داعش، أصبحت الأنظار تتجه نحو الموصل وساعة الحسم باتت قريبة. هذا التحرير الذي سوف يشارك به كل العراقيين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم حيث يجمعهم حب العراق والوطن.
اقرأ أيضاً:
الإرث الرافديني والعراقيون المولعون بالاختلاف
تعرف على آثار حلب.. المدينة التي وصفت أنها “أسوأ مكان في العالم”
أتذكر جيداً عندما نشرت مقالا في إحدى الصحف العراقية كان عنوانه "تكندغ، انجفه، انقلب والمعنى واحد" قبل ما يقارب الأربعة أعوام، ذكرتُ حينها حجم التنوع الثقافي والاجتماعي في هيكل المجتمع الواحد. تحدثتُ عن تلك اللهجات الجميلة التي يتمتع بها الفرد العراقي من شمال العراق إلى جنوبه حينما كانت الموصل تحتضننا، وطاولة الجلوس جمعت كل العراق. ولعل استذكار الماضي هو جزء من مخيلتي التي تتأمل اليوم الذي تعود بها هذه المدينة وتجمع كل العراقيين.
ظُلمت نينوى كثيراً، وظلمها السياسيون الذين تقلدوا المناصب بالتعاقب عليها ولم يرحمها أحد طوال 13 عاماً. تلقى أبناء الموصل درساً لن ينسوه حين خدعوا بمن أحسنوا الظن بهم، وكانت النتيجة هي سيطرة داعش على المدينة بعد أن فشل الجميع في حكم هذه المحافظة حيث طمست وغيبت أغلب مظاهر التحضر والثقافة في المدينة؛ فأزيلت جميع الأضرحة والمراقد الدينية، وجميع الآثار والجوامع في المناطق التي سيطر عليها داعش مثل جامع النبي يونس ومتحف الموصل، حيثُ اعتبره إرهاباً فكرياً ينخر في جسد الدين والعقيدة! ونفذت هذه العمليات بما يتماشى مع العقيدة السلفية للتنظيم وحسب أيديولوجية التنظيم التي تعتبرها تعبّدا من دون الله. وكانت المدينة منذ الحرب الطائفية قد حصلت فيها عمليات تغيير ديموغرافي للمسيحيين والأيزيديين وباقي الأقليات المتواجدة منذ الأزل في هذه المدينة، ماذا بقي القول؟
بقي القول..
كلنا أمل بسواعد العيون الساهرة التي لا تنام أبداً لاسترجاع ثاني كبرى مدن العراق ونطوي هذا الكابوس الغريب العجيب الذي سيطرَ على عقولنا وأذهاننا.
عن الكاتب: بهاء البصري، صحافي ومدوّن عراقي، مقيم في تركيا، كتب لعدد من المواقع والصحف، منها صحيفة الزمان. وهو ناشط على مواقع التواصل المجتمعي.
لمتابعة الكاتب على تويتر إضغط هنا، وعلى فيسبوك إضغط هنا.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي موقع (إرفع صوتك) أو شبكة الشرق الأوسط للإرسال، ويتم نشرها إيماناً بحرية التعبير وضرورة فتح الباب أمام نقاش جاد للأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب في المنطقة.