بقلم إلسي مِلكونيان:
تعرضت المناطق الأثرية في معظم المدن السورية للخراب والدمار خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب العمليات العسكرية بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة إضافة إلى جبهة النصرة وتنظيم داعش الذي يسعى كل منهما لانتزاع السيطرة على البلاد.
وتعتبر مدينة حلب وهي المدينة الثانية في سورية وعاصمة البلاد الاقتصادية، المدينة التي طالها أكبر قدر من العنف، حتى وصفتها صحيفة الغارديان البريطانية أنها أصبحت "أسوأ مكان في العالم".
اقرأ أيضاً:
الإرث الرافديني والعراقيون المولعون بالاختلاف
كيف يمكن النهوض بقطاع السياحة في الجزائر؟
ومع ذلك، يبدو أن ما أصاب هذه المدينة لا يزال غير معروف لبعض مواطني الدول الغربية، ومنهم المرشح الرئاسي الأميركي غاري جونسون. ففي حوار على قناة سي إن إن الأميركية حول سورية يسأل بدوره "ما هي حلب؟".
إنها المدينة التي تتمتع بمواقع أثرية مهمة والتي لطالما جذبت عدداً كبيراً من السياح العرب والأجانب حتى عام 2011 حيث أصبحت مسرحاً لعمليات قتالية واشتباكات، ما أدى إلى تعرض بعض مواقعها الأثرية إلى الدمار.
المواقع الأثرية:
أبرز ما يميز المدينة القديمة هو قلعة حلب. تعرض جزء من سور القلعة إلى الانهيار بسبب انفجار قنبلة في نفق حفر تحت القلعة، خلال شهر تموز/يوليو عام 2015، أثناء الصراع لانتزاع السيطرة على المدينة. كما تعرض مدخل قلعة حلب وبرجها الشمالي لبعض الأضرار المحصورة في نقاط معينة.
تستعمل صورة القلعة كشعار لجامعة ومحافظة حلب أيضاً. وأدرجت في قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) للإرث الحضاري العالمي.
وتشرف القلعة على المدينة القديمة المكونة من أسواق قديمة أثرية، يقدر تاريخ بنائها إلى القرن 19 قبل الميلاد كما يقدر أنها تمتد على مساحة 16 هكتاراً، منها سوق خان الحرير وسوق العطارين وسوق النسوان والصوف وتخصص كل منها ببيع منتوجات محلية وتراثية.
كانت هذه الأسواق مسرحاً لتصوير العديد من المسلسلات السورية والتي طالت شهرتها كافة الأنحاء الوطن العربي، منها مسلسل خان الحرير.
تحتوي الأسواق على متاجر، يصل عددها إلى 700 متجر، تعرضت لحرائق القذائف التي التهمت بضائع موجودة في هذه المحال. ومنذ انتقال الأزمة إلى مدينة حلب أقفلت هذه المحال وتوقف العمل فيها نهائياً بسبب سوء الأوضاع الأمنية.
المواقع الدينية
أصابت إحدى القذائف الجامع الأموي الكبير الذي يعتبر من أهم الجوامع الأثرية والتاريخية في حلب، مما أدى إلى هدم مأذنته. كما تعرضت مكتبة الجامع التاريخية للاحتراق. وتضم المكتبة عدداً كبيراً من المخطوطات التاريخية القديمة. بني المسجد سنة 706 ميلادياً على يد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك. وأدرج المسجد أيضاً ضمن قائمة اليونسكو للإرث الحضاري العالمي. كما أنه لا يزال بحاجة إلى دراسات ميدانية علمية وفق أسس ومعايير أثرية، للوقوف على الحجم الحقيقي للضرر، من حيث درجة تأثر البنى المعمارية الأصلية والمرممة، حسب المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية.
كما تعرض عدد كبير من الكنائس القديمة إلى قذائف دمرت أجزاء منها وخاصة الواقعة في حلب القديمة مثل الكنيسة المارونية وكنيسة الأربعين شهيد للأرمن الأرثوذكس التي دمرت بالكامل، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي صور وتفاصيل تدمير أبنيتها. ويذكر أن كنائس حلب تحوي الكثير من الأيقونات القديمة الأثرية.
مباني تاريخية أخرى
استهدفت تفجيرات عدة مباني مدرسة الشيباني الذي افتتحت فيه السفارة الألمانية معهد غوته في 2010 وخان الشونة ومبنى "السرايا" الذي يضم عدة مباني حكومية، إلى جانب جامع الخسرفية. تعرضت هذه الأبنية لتفجيرات بواسطة أنفاق أدت إلى "تدمير نصف المبنى السرايا التاريخي" وتدمير جزء من الجامع فيما "لم يتأثر خان الشونة"، حسب الموقع الإلكتروني لصحيفة الأخبار اللبنانية.
ويشار إلى وجود شبكة واسعة من الأنفاق الأثرية تحت مدينة حلب القديمة، يعتقد أهل المدينة أنها توصلهم إلى القلعة. لكنها في حقيقة الأمر شبكات لإيصال المياه إلى أحياء حلب القديمة.
*الصورة: تتمتع مدينة حلب بمواقع أثرية مهمة اجتذبت عدداً كبيراً من السياح العرب الأجانب/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659