الجزائر – بقلم أميل العمراوي:

تزخر الجزائر بالعديد من المناطق السياحية التاريخية والطبيعية بحكم موقعها الجغرافي وتنوع تضاريسها من الشمال إلى الجنوب ناحية الصحراء الكبرى.

الجزائر أيضا أكبر بلدٍ أفريقي مساحةً، وبها أربعة معالم جغرافية رئيسية وهي القسم الشمالي حيث السواحل المطلة على البحر المتوسط إضافة إلى مرتفعات الأطلس، ثم الهضاب الداخلية، والصحراء الشاسعة التي تمتد حتى بلدان الجوار الجنوبي مثل مالي وليبيا.

اقرأ أيضاً:

تعرف على آثار حلب.. المدينة التي وصفت أنها “أسوأ مكان في العالم”

هل أمر القرآن بهدم التماثيل؟

ولأن السياحة أصبحت من قطاعات الاقتصاد الحيوية، كانت محل اهتمام الحكومات المتعاقبة بدرجات متفاوتة، تصبح حديث العام والخاص كلما تراجعت أسعار النفط، المورد الأساسي للعملة الصعبة بالجزائر.

فهل يمكن النهوض بقطاع السياحة في الجزائر بغض النظر عن معادلة النفظ، وكيف يمكن الاقتداء بتجارب دول الجوار كتونس والمغرب؟

الأمن.. الفرصة

يؤكد الكاتب الجزائري عبد الله ركيبي في مؤلفه "الجزائر في عيون الرحالة الإنجليز" أن جميع الكتاب الذين سلطوا الضوء على المكتسبات السياحية بالجزائر، إنما يشهدون لهذا البلد تمتعه بمؤشرات الجذب السياحي. وهو ما يؤكده لموقع (إرفع صوتك) الأستاذ عبد القادر عوينان من معهد العلوم الاقتصادية بالمركز الجامعي بالبويرة شرق العاصمة.

وإذ يشير إلى أن المواقع الأثرية والمناطق السياحية في الجزائر يمكن أن تصبح موردا مهما للاقتصاد الوطني، يؤكد عوينان أن "الأمر يتعلق بإرادتنا في جعلها كذلك في ظل منافسة إقليمية قوية".

وينوه عوينان بضرورة استغلال الأمن الذي تتمتع به الجزائر اليوم والعشرية السوداء، لرسم سياسة طموحة للنهوض بقطاع السياحة.

ويلفت إلى عنصر الأمن الذي تتمتع به الجزائر بالنظر إلى دول الجوار كتونس وليبيا والذي يمكن استغلاله للنهوض بالسياحة، "وأنا أقترح أن نعمل على تدعيم السياحة تماما كما فعلت دول الجوار لأن معالمنا تتشابه إلى حد بعيد".

في السياق نفسه يبرز الدكتور خالد كواش في مقال له بمجلة "اقتصاديات شمال أفريقيا" ضمن مقال مقومات ومؤشرات السياحة في الجزائر، أن الجزائر تتمتع بمناطق سياحية فريدة وهو ما جعل المستعمر الفرنسي يستثمر فيها ويجعل منها أحد أعمدة اقتصاده وهو الأمر نفسه الذي حاولت الجزائر المستقلة انتهاجه منذ سنة 1962.

تشجيع الاستثمار الخاص

ولعل من شروط دعم السياحة، كما يقول محمد عريبي لموقع (إرفع صوتك) وهو صاحب وكالة سياحية "تدعيم طاقات الإيواء السياحي وتشجيع بناء فنادق من الطراز المتوسط".

العامل ذاته يشير إليه الدكتور خالد كواش عن جامعة الجزائر حيث يقول إن "في الوقت الذي يتوفر فيه المغرب على 1671 فندقاً، لا تتوفر الجزائر إلا على 775 فندق فقط".

ومن بين أهم العوامل التي تتمحور عليها سياسة النهوض بقطاع السياحة في الجزائر، تحرير الاكتساب أو فتح الاستثمار السياحي أمام الأجانب لدعم دور الاستقبال من خلال حزمة من الإعفاءات الضريبية لحملهم على الاستثمار في المجال، وذلك عبر "تطبيق نسب مخفضة على الحقوق الجمركية، وكذا الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة"، كما تقول الأستاذة حمينة شركم من معهد العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر في حديثها لموقع (إرفع صوتك).

وأعدت الوزارة الوصية على قطاع السياحة بالجزائر مطلع الألفية الجديدة استراتيجية من أجل تطوير قطاع السياحة في آفاق 2025 لتثمين الطاقات الطبيعية والثقافية والحضارية وتحسين نوعية الخدمات السياحية لتلبية حاجات الطلب الوطني المتزايد وتقليص عدد المتوجهين إلى الخارج لقضاء العطل خصوصا تونس المتاخمة للجزائر من الناحية الشرقية.

وجهات.. رهن الاهتمام

تعتبر تيميمون واحدة من أهم وأبرز المناطق السياحية في الصحراء الجزائرية، حيث تعرف حركة نشيطة على مدى الموسم السياحي الشتوي الممتد من تشرين الأول/أكتوبر حتى شهر أيار/مايو من كل عام.

ويعد الأوروبيون من أكثر السياح انجذابا لهذه المنطقة الواقعة في الجنوب الغربي الجزائري، نظرا لطبيعتها الخلابة وخصوصياتها الجغرافية، إلى جانب مناخها المعتدل في هذه الفترة من السنة.

وغالبا ما يأتي السياح إلى تيميمون لقضاء عطلة نهاية السنة، عبر رحلات مباشرة من أوروبا، تنظمها وكالات سياحية داخلية أو خارجية.

تتوفر الجزائر كذلك على شريط ساحلي شاسع (1200 كلم)، لكن ذلك لا يمنع الجزائريين من السفر إلى تونس (أساسا) لقضاء العطلة الصيفية نظرا لعدم توفر الهياكل القاعدية اللازمة كما هو واقع في كل من تونس والمغرب على وجه الخصوص. ومن أهم الشواطئ الجزائرية: وهران ومستغانم والقالة وبجاية وجيجل.

هناك العديد من الآثار التاريخية كذلك في الجزائر منها سبعة صنفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن التراث العالمي، وهي تتنوع بين الآثار الرومانية والإسلامية والنقوش التي تعود لملايين السنين بجبال "التاسيلي" أقصى جنوب الجزائر، إضافة إلى الآثار الرومانية بتيبازة غرب العاصمة وكذلك تيمقاد (مدينة أثرية رومانية) في باتنة شرق الجزائر وجميلة بسطيف وحي القصبة المعروف بأزقته الضيقة، وهو حي يعود للعهد العثماني بشمال أفريقيا، وكلها وجهات جد مهمة للسياح، لكنها تنتظر الاهتمام.

*الصورة: ضريح إيمدغاسن ملك الأمازيغ في ولاية باتنة، شرق الجزائر/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

حين افتتحت المدينة السياحية في الحبانية في نيسان/أبريل 1979، كانت السياحة في العراق قد شهدت انتقالة واسعة تمثلت بالاستعانة بخبرات شركة فرنسية عريقة في مجال الخدمات السياحية؛ بدءا من المعمار وصولا إلى التجهيزات الراقية واعتماد إدارة متقدمة، مما جعلها قبلة عراقيين كثر بدأوا يتعرفون على مستويات ترفيه راقية في بلادهم. وقد حصلت المدينة السياحية على كأس منظمة السياحة الدولية كأفضل مرفق سياحي في الشرق الأوسط عام 1986.

هذا المرفق السياحي بدأ بالانهيار تدريجياً بعد العام 2003، نظراً للأحداث الأمنية في البلاد. وساء الوضع بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الفلوجة، التي تقع الحبانية السياحية جنوب غربها، وباتت وجهة للنازحين.

الفراغ الأمني

ويقول الخبير الأمني منعم الموسوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن وجود قاعدة عسكرية وجوية على بعد 18 كيلومتراً غرب مدينة الفلوجة أثّر بشكل ملحوظ على إقبال السياح.

اقرأ أيضاً:

تعرّف على قصبة الجزائر وقسنطينة

الحرب في اليمن تدمر التاريخ العريق

ويشير الموسوي إلى أن أوضاع مدينة الحبانية ساءت أكثر "عندما منح الفراغ الأمني في العام 2004 فرصة للمتمردين في مدينة الفلوجة إلى اقتناء السلاح فتزايدت معها عمليات القتل والاختطاف والسلب".

ويضيف أنّ هذه الأوضاع وخاصة مع انطلاق العمليات العسكرية في الفلوجة أدت إلى فرار وهجرة الكثير من العوائل إلى مدينة الحبانية. "لكن الأمر لم يكن بسيطاً، إذ أثر على خدمات هذه المدينة وبنيتها التحتية بشكل سلبي كبير".

الصراع الطائفي

تمتدّ المدينة السياحية في الحبانية على مساحة مليون متر مربع، وكانت تعتبر في الثمانينيات من أكبر وأبرز المرافق السياحية في منطقة الشرق الأوسط. وضمّت فندقا كبيرا فيه 300 غرفة ومئات الشاليهات وصالة سينما وملاعب رياضية ومطاعم. وسجّلت ذاكرة جميلة لأجيال متعاقبة من العراقيين.

وأثّر وضع الاقتتال الطائفي في البلاد كثيراً على مدينة الحبانية السياحية. فمع تصاعد حدة الصراع الطائفي في العام 2007، كان هناك الكثير ممن اختار هذه المدينة كمأوى له للاحتماء من الجماعات المسلحة التي كانت تخطف وتذبح الناس في الشوارع والطرق السريعة، يقول الخبير الأمني أحمد جاسم في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ويضيف أن مدينة الحبانية السياحية كانت عبارة عن مخيمات لهؤلاء الناس الذين تجاوزت أعدادهم طاقتها الاستيعابية والخدماتية. "وبالمقابل لم تظهر إجراءات حكومية تهتم بداخل أو في محيط هذه المدينة ما يعكس انهيار كل مرافقها وحدائقها ومبانيها".

استقرار الأوضاع الأمنية

وفي العام 2009 بدأت الجهات الحكومية بإعادة إعمار مدينة الحبانية وترميمها وإصلاح الدمار الذي لحق بها، وتحديداً بعدما استقرت الأوضاع الأمنية وبدأت العوائل المهجرة بمغادرتها. ويقول الحاج خليل الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد إنّه  كان يحاول إيصال مجموعة من العوائل في رحلة ليوم واحد لمدينة الحبانية في العام 2010 بعد أن فتحت أبوابها للزوار مرة أخرى.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) “لم تكن الخدمات المقدمة بالمستوى المطلوب. كان شاطئ بحيرة الحبانية يعج بأكوام القمامة وأغلب المرافق الترفيهية مغلقة. أيضا كان أكثر ما يقلقنا في وقتها هو الخروج من المدينة والعودة إلى ديارنا قبل حلول الظلام".

العمليات العسكرية

وبعد أنّ سيطر تنظيم داعش على بعض المدن العراقية منها الفلوجة والرمادي في العام 2014، حاول التنظيم التوسع إلى مدينة الحبانية ومناطق أخرى، وبدأت القوات الأمنية والعشائر بصد هجمات التنظيم حتى انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدن من سيطرة داعش، حسب حديث العراقي فارس رشيد لموقع (إرفع صوتك)، وهو خبير في الشأن السياحي.

ويضيف فارس "وهكذا عادت الحبانية مرة أخرى مليئة بالنازحين القادمين من المدن التي دارت وتدور فيها معارك التحرير".

ويشير إلى أن هذه المدينة واحدة من أكثر المدن السياحية تضرراً. "فهي أما أن تكون ملاذا للفارين والمهاجرين والنازحين إبان الأزمات السياسية والأمنية، وأما أن تفتقر للخدمات السياحية والترفيهية عند هدوء وتيرة هذه الأزمات. في كل الحالات تبدو هذه المدينة غير مؤهلة لاستقبال السائحين"، على حد قوله.

*الصورة: جانب من مدينة الحبانية السياحية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659