مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

هي مدينة القوة والصولجان في العصور القديمة، و( تا-إبت) أي الأرض المقدسة في العصر الروماني. هذه أسماء لمدينة الأقصر الواقعة بصعيد مصر. جوهرة السياحة المصرية والعالمية التي يزداد بريقها يوما بعد يوم، وقد أطلق عليها هذا الاسم بعد الفتح الإسلامي العربي وهو يعني (مدينة القصور) City of Palaces.

فازت الأقصر بلقب مدينة السياحة الأولى عالمياً بتصنيف منظمة السياحة العالمية وسيجري الاحتفال بهذا الحدث أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل بمشاركة أكثر من 50 دولة على مستوى العالم.

اكتشافات حديثة وتطلع لـ "متحف مفتوح"

يقول محمود علي المرشد السياحي بالمدينة في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إن المصريين يتطلعون إلى تحويل مدينة الأقصر إلى "متحف مفتوح" بدعم من المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، خاصة بعد سلسة الاكتشافات الأثرية الجديدة بها.

اقرأ أيضاً:

منقب آثار: أكثر من 25 ألف موقع في العراق ومعظمها بلا حماية

باحث عراقي: جرائم داعش في الموصل غيّرت المدينة إلى الأبد

مع بدايات عام 2014 وبعد الدعم المادي الذي قدمته "يونسكو" تمت العديد من الاكتشافات الأثرية بالأقصر خاصة طريق الكباش المقدس الذي يمتد لمسافة ثلاث كيلومترات، ليربط بين معابد الكرنك والأقصر، بالإضافة إلى الاكتشافات بالبر الغربي وفي مقدمتها "مقابر النبلاء"، فقد تم الكشف عن حوالي 30 مقبرة، وكذلك الكشف عن معبد كامل للملك تحتمس الثالث، أحد أهم وأشهر الملوك المصريين القدماء والذي عُرف بأسلوبه العسكري المتميز. وتم هذا الكشف سنة 2015 عن طريق البعثة الإسبانية.

مكانة الأقصر قديماً

بدأ الاهتمام يتزايد بمدينة الأقصر منذ 4000 سنة مضت في عصر الدولة الوسطى في عهد الملك منوحتب الثاني (نب–حبت– رع) الذي حكم العام 2061 قبل الميلاد، ويعتبر مؤسس الأسرة 11، حيث وحد مصر القديمة انطلاقاً من عاصمته في الأقصر إلى أن أصبحت المدينة عاصمة لمصر في فترات الدولة الحديثة، ولقرابة 500 عام حيث تعاظمت قوة مصر السياسية والاقتصادية، فقد تمكن الملك أحمس من طرد الهكسوس وصد غزواتهم ليعلن بداية عصور الدولة الحديثة للأسرة 18 في عام 1570 ق.م.

الاهتمام المفقود

ورغم أهمية مدينة الأقصر قديما وحديثا إلا أن آثارها وحتى المكتشفة حديثا لا تلاقي الاهتمام المناسب والمطلوب. كما تعاني المدينة السياحية من توقف السياحة بها أو على الأقل ندرتها، نظراً للظروف الحالية للسياحة بشكل عام. لكن معاناة أهل طيبة أو الأقصر أكبر بكثير فالسياحة تمثل مصدر الدخل الأول والأكبر لهم. وكذلك فإن عدم رواج السياحة بالمدينة أثر سلبيا على الاهتمام بآثارها حالها في ذلك حال كل المناطق الأثرية التي تتعرض لعوامل الضرر.

ويقسّم الدكتور ممدوح فاروق الباحث في الآثار المصرية في حديثه لموقع (إرفع صوتك) عوامل الضرر إلى نوعين:

النوع الأول: عوامل طبيعية ويدخل تحتها الزلازل والفيضانات والمخلفات البيولوجية وغيرها.

النوع الثاني: العامل البشري مثل الحروب والعلميات التدميرية لمواقع الآثار والتراث.

ويشير كذلك إلى أن الفكر المضلل أيضا قد يكون أحد العوامل القوية لتدمير الآثار، "حيث ينظر المتطرفون إليها باعتبارها أصناماً فيحاولوا الإضرار بها وتدميرها وهو ما يمثل الخطر الأكبر ليس على الآثار فحسب بل على الإنسانية كلها".

ويؤكد فاروق "الأثر هو هبة من الزمن يعطيها لمجموعة من البشر للاحتفاظ بها والتعلم منها ولذلك يجب رفع الوعي لدى الشعب للحفاظ على آثاره التي تمثل له الماضي والحاضر والمستقبل".

*الصورة: معبد الكرنك في الأقصر/Shutterstock

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

بغداد – بقلم دعاء يوسف:

حين افتتحت المدينة السياحية في الحبانية في نيسان/أبريل 1979، كانت السياحة في العراق قد شهدت انتقالة واسعة تمثلت بالاستعانة بخبرات شركة فرنسية عريقة في مجال الخدمات السياحية؛ بدءا من المعمار وصولا إلى التجهيزات الراقية واعتماد إدارة متقدمة، مما جعلها قبلة عراقيين كثر بدأوا يتعرفون على مستويات ترفيه راقية في بلادهم. وقد حصلت المدينة السياحية على كأس منظمة السياحة الدولية كأفضل مرفق سياحي في الشرق الأوسط عام 1986.

هذا المرفق السياحي بدأ بالانهيار تدريجياً بعد العام 2003، نظراً للأحداث الأمنية في البلاد. وساء الوضع بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الفلوجة، التي تقع الحبانية السياحية جنوب غربها، وباتت وجهة للنازحين.

الفراغ الأمني

ويقول الخبير الأمني منعم الموسوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن وجود قاعدة عسكرية وجوية على بعد 18 كيلومتراً غرب مدينة الفلوجة أثّر بشكل ملحوظ على إقبال السياح.

اقرأ أيضاً:

تعرّف على قصبة الجزائر وقسنطينة

الحرب في اليمن تدمر التاريخ العريق

ويشير الموسوي إلى أن أوضاع مدينة الحبانية ساءت أكثر "عندما منح الفراغ الأمني في العام 2004 فرصة للمتمردين في مدينة الفلوجة إلى اقتناء السلاح فتزايدت معها عمليات القتل والاختطاف والسلب".

ويضيف أنّ هذه الأوضاع وخاصة مع انطلاق العمليات العسكرية في الفلوجة أدت إلى فرار وهجرة الكثير من العوائل إلى مدينة الحبانية. "لكن الأمر لم يكن بسيطاً، إذ أثر على خدمات هذه المدينة وبنيتها التحتية بشكل سلبي كبير".

الصراع الطائفي

تمتدّ المدينة السياحية في الحبانية على مساحة مليون متر مربع، وكانت تعتبر في الثمانينيات من أكبر وأبرز المرافق السياحية في منطقة الشرق الأوسط. وضمّت فندقا كبيرا فيه 300 غرفة ومئات الشاليهات وصالة سينما وملاعب رياضية ومطاعم. وسجّلت ذاكرة جميلة لأجيال متعاقبة من العراقيين.

وأثّر وضع الاقتتال الطائفي في البلاد كثيراً على مدينة الحبانية السياحية. فمع تصاعد حدة الصراع الطائفي في العام 2007، كان هناك الكثير ممن اختار هذه المدينة كمأوى له للاحتماء من الجماعات المسلحة التي كانت تخطف وتذبح الناس في الشوارع والطرق السريعة، يقول الخبير الأمني أحمد جاسم في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ويضيف أن مدينة الحبانية السياحية كانت عبارة عن مخيمات لهؤلاء الناس الذين تجاوزت أعدادهم طاقتها الاستيعابية والخدماتية. "وبالمقابل لم تظهر إجراءات حكومية تهتم بداخل أو في محيط هذه المدينة ما يعكس انهيار كل مرافقها وحدائقها ومبانيها".

استقرار الأوضاع الأمنية

وفي العام 2009 بدأت الجهات الحكومية بإعادة إعمار مدينة الحبانية وترميمها وإصلاح الدمار الذي لحق بها، وتحديداً بعدما استقرت الأوضاع الأمنية وبدأت العوائل المهجرة بمغادرتها. ويقول الحاج خليل الذي يعمل سائق سيارة أجرة ببغداد إنّه  كان يحاول إيصال مجموعة من العوائل في رحلة ليوم واحد لمدينة الحبانية في العام 2010 بعد أن فتحت أبوابها للزوار مرة أخرى.

ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) “لم تكن الخدمات المقدمة بالمستوى المطلوب. كان شاطئ بحيرة الحبانية يعج بأكوام القمامة وأغلب المرافق الترفيهية مغلقة. أيضا كان أكثر ما يقلقنا في وقتها هو الخروج من المدينة والعودة إلى ديارنا قبل حلول الظلام".

العمليات العسكرية

وبعد أنّ سيطر تنظيم داعش على بعض المدن العراقية منها الفلوجة والرمادي في العام 2014، حاول التنظيم التوسع إلى مدينة الحبانية ومناطق أخرى، وبدأت القوات الأمنية والعشائر بصد هجمات التنظيم حتى انطلاق العمليات العسكرية لتحرير المدن من سيطرة داعش، حسب حديث العراقي فارس رشيد لموقع (إرفع صوتك)، وهو خبير في الشأن السياحي.

ويضيف فارس "وهكذا عادت الحبانية مرة أخرى مليئة بالنازحين القادمين من المدن التي دارت وتدور فيها معارك التحرير".

ويشير إلى أن هذه المدينة واحدة من أكثر المدن السياحية تضرراً. "فهي أما أن تكون ملاذا للفارين والمهاجرين والنازحين إبان الأزمات السياسية والأمنية، وأما أن تفتقر للخدمات السياحية والترفيهية عند هدوء وتيرة هذه الأزمات. في كل الحالات تبدو هذه المدينة غير مؤهلة لاستقبال السائحين"، على حد قوله.

*الصورة: جانب من مدينة الحبانية السياحية/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659