المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
يضم المغرب تنوعاً من التشكيلات العرقية واللغوية أبرزها الأمازيغ، أو "سكان المغرب الأولون" كما يحبون أن يسموا، وما زالوا يناضلون من أجل الاعتراف بذلك على أرض الواقع، بعدما كسبوا معركة الأوراق الرسمية عبر الاعتراف بثقافتهم كمكون من الثقافة المغربية في الدستور عام 2011.
وليست هناك إحصائيات دقيقة لنسبة الأمازيغ من عدد سكان المغرب، وإن كانت إحصائيات رسمية أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط في المغرب قد أثارت غضب ناشطين أمازيغ بعد كشفها أن 27 في المئة من المغاربة فقط هم من يتحدثون الأمازيغية.
"تهميش مقصود"
"نحن سكان المغرب الأولون، هذه حقيقة تاريخية يراد طمسها اليوم، أصبحنا نناضل من أجل اعادة الاعتبار لنا بعدما تم تهميشنا وتهميش ثقافتنا التي بني على أساسها المغرب منذ قرون خلت"، يقول الناشط الأمازيغي هشام ايت أحمد لموقع (إرفع صوتك)، مشيراً إلى أن "المد العروبي" في شمال أفريقيا والاستعمار الذي عانت منه المنطقة ساهم بقسط وافر في تهميش الأمازيغ.
وكان التعديل الدستوري الذي أقره المغرب إبان فترة الربيع العربي سنة 2011 قد أقر بالثقافة الأمازيغية كمكون للهوية المغربية، كما نص على اعتماد اللغة الأمازيغية لغة رسمية في التعاملات الرسمية، وهو ما اعتبره مناضلو الحركة الأمازيغية انتصاراً لمعركتهم التي دامت لعقود.
ويتهم هشام بعض "المحسوبين على التيار الأصولي" في البلاد بمحاولة درء الأنظار عن القضية الأمازيغية وإبعادها عن النقاش العمومي وعدم الاهتمام بتنمية مناطق تواجد الأمازيغ "حيث نسب البطالة والفقر المدقع في ارتفاع"، حسب قوله.
قوانين مجمدة
أثار التباطؤ في تطبيق القانون المتعلق بالأمازيغية من طرف الحكومة والبرلمان شكوك المهتمين بالقضية الأمازيغية، في وقت يتنظر فيه الجميع تنزيل ما يقضي به الدستور على أرض الواقع، خاصة مع قرب نهاية ولاية الحكومة الحالية.
وحاول موقع (إرفع صوتك) الحصول على تصريح حول الموضوع من وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي، غير أن هاتفه ظل يرن دون إجابة.
فيما اعتبرت النائبة البرلمانية، أمينة ماء العينين، عن حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي أن هذا التأخر ليست له مبررات موضوعية ما دامت الولاية الحكومية قد شارفت على النهاية.
وأوضحت النائبة العينين في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية موجود في الأمانة العامة للحكومة التي لم تفصح عن مضامينه إلى حدود اللحظة رغم أنّه جاهز، ورغم اكتمال الملاحظات التي قدمتها الحركات والمنظمات التي تدافع عن القضية الأمازيغية في المغرب.
من جهة أخرى، يرى الناشط الأمازيغي منتصر إثري أن تأخر الحكومة المغربية في إصدار القانون المتعلق بالأمازيغية يعزى أساساً إلى أن "الدولة المغربية لا تريد المصالحة الحقيقة مع الأمازيغية ولا تهتم لها، وليست لها إرادة حقيقة لإنصافها. وكل ما في الأمر هو مزايدات سياسية تتقاذف بها الأحزاب فيما بينها وقد أرادوا أن يمرروا رياح الربيع الديموقراطي بسلام".
وتقول ماء العينين إن "القضية الأمازيغية هي قضية وطن وليست للمزايدات، فالحديث عن قانون يتعلق بالأمازيغية هو حديث عن سلم اجتماعي واستقرار وطن، وبالتالي لا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار".
نضال مستمر
"الأمازيغية تعرضت لكل أنواع التهميش والإقصاء والمنع اللغوي والثقافي"، يقول إثري لموقع (إرفع صوتك) "كما تعرض التاريخ الرسمي لتزوير مريب، ناهيك عن نهب الثروات واستنزاف الخيرات وتهميش المناطق الأمازيغية كالمناطق الأطلسية نموذجاُ، وبالتالي فالنضال الأمازيغي مستمر وسيستمر ولا يمكن أن يتوقف عند الاعتراف المقيد في الدستور المعدل أو عدمه".
وكانت الحركات الأمازيغية قد حققت إنجازات عدة منها الحصول على اعتراف رسمي تجلى في إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وهو ما اعتبره مراقبون بداية لاستجابة الدولة لمطالب الحركة الأمازيغية.
*الصورة: احتفالات برأس السنة الأمازيغية أمام البرلمان المغربي/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659