الأردن – بقلم صالح قشطة:

كرة مشتعلة من النار، لم تكتفِ بحرق نفسها، بل امتدت ألسنة لهبها لتحرق محيطها. قد يكون هذا الوصف هو الأدق للمنطقة العربية في الخمس سنوات الماضية في نظر البعض. وليس بعيداً عن ألسنة اللهب هذه، يسير الأردن المنهك اقتصادياً بخطى يلفها الترقب ويشوبها الحذر، سعياً منه للحفاظ على أمن أرضه ومواطنيه. فبعد أن كانت حدوده الشرقية والشمالية مع العراق وسورية، أصبح ما يحده من تلك الاتجاهات هو إرهاب داعش وغيرها من التنظيمات والفصائل المتناحرة والحروب الطائفية.

مواجهات قادمة؟

وفي حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، يقول الباحث السياسي د. عامر السبايلة "لا يمكن تصنيف الوضع في الأردن بأنه مريح. على العكس تماماً، خصوصاً أنك تتحدث عن وضع أمني قلق منذ سنوات، وأجهزة أمنية تعمل على مدار الساعة للخمس سنوات الماضية واستنفذت قواها، وهو ما يرفع نسبة احتمالية وقوع الخطأ. وبالتالي تزداد احتمالات التهديد الأمني".

موضوعات متعلقة:

تعرف على النزاعات الحدودية العربية وكيف تم حلها

في اليمن.. ذوو البشرة السوداء يشتكون التهميش بسبب لونهم

ويشير السبايلة إلى أن الإرهاب بات يضرب بشكل غير تقليدي، فالعمليات المنفذة مؤخراً، على حد تعبيره، تعتبر عمليات غير نوعية، وليست معقدة، لكنها مؤذية.

كما يرى أن وصول الأردن إلى نقطة المواجهة المباشرة المفتوحة بعد اعتداء الركبان سيترك الباب مفتوحاً أمام مواجهات جديدة بأشكال وأماكن مختلفة، متمنياً بالوقت ذاته أن لا تكون ذات أبعاد مؤذية للأردن، الذي يرى أنه على موعد مع مواجهات قادمة.

الأردن المهدد

ويشدد السبايلة على أن الأردن بلا شك مهدد ومستهدف في نفس الوقت. "مشكلة الأردن ليست فقط مشكلة خارجية، هي أيضاً مشكلة داخلية، هناك أمور لم تعالجها السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وكان هناك قصور في التعامل مع بعض المشاكل، واعتماد على الحل الأمني مما أدى إلى تزايد هذه الأخطار، مثل ما يجري في المدن الأردنية من انتشار للتطرف وانتشار نسب كبيرة للإرهاب"، يقول السبايلة.

ورغم توقعه لمواجهة عدد من التهديدات متعددة الأشكال في المستقبل، إلّا أنه يرى الأردن قادراً على التعامل مع بعضها ."أعتقد أن الأردن قادر على التعامل مع المرحلة القادمة، لكن لا أقول أنه قادر على مواجهة كافة التحديات".

وينوه إلى أن محدودية القدرة في التعامل مع هذه الأزمات هي حالة أمنية عالمية، كون التحديات أصبحت تختلف في نوعها وشكلها وتتطور، بينما أجهزة الأمن في معظم أرجاء العالم لا تستطيع أن تواكب هذه التحولات، وتحتاج إلى فترة حتى تستطيع مواكبتها.

الوضع جيد نسبياً

من جهته يشير مدير وحدة الاستجابة الإعلامية في المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات د. أحمد النعيمات إلى أنه على الرغم من الحوادث الأخيرة، إلّا أن الأردن استطاع خلال الخمس السنوات الماضية تجاوز العقبات الأكبر في الحفاظ على أمن المواطن وأمن السائح وأمن المقيم على أرضه، بفضل تكاتف جهود الأجهزة الأمنية ووعي المواطن.

وفي حديثه إلى موقع (إرفع صوتك)، يقول النعيمات "في الأردن لا يوجد لدينا تقسيم طائفي، نضرب مثالاً في التعايش الديني، وفي ذات الوقت نعلم ما هو حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا لمحاربة الغلو، الذي يبدأ بالتفرقة، ثم ينتهي بالتطرف الذي يؤدي إلى فقدان الأرواح والممتلكات".

ويضيف "الوضع لا نستطيع أن نقول إنه ممتاز، لكنه يفوق الجيد جداً، ونحن نسعى لأن نقوم بإغلاق الثغرات البسيطة التي تؤثر على هذا المشهد الذي يجب أن يكون مكتملاً"، مستشهداً بحمل الأردن على مدى سنوات لرسالة عمّان المرتكزة على التسامح وعلى قبول الآخر والتعددية وعلى صورة الإسلام السمح، مؤكداً أن الخطة الأردنية طويلة الأمد سترتكز على تعزيز هذه المفاهيم وعلى زيادة المشاركة الشعبية في صنع القرار. "نحن في الأردن يجمعنا مصير واحد وهدف واحد ويجمعنا وطن واحد".

ويشير النعيمات إلى دور المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات بقيامه بجهود حثيثة وتكاملية مع الجهات الأخرى ذات العلاقة كفريق واحد ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف، تاركاً بصمة واضحة منذ صدور نظامه في عام 2015 بزيادة قنوات التنسيق والاتصال والتعاون بين مؤسسات مختلفة، ما يراه بداية الطريق نحو النجاح المطلق.

حساسية الفترة القادمة

ويختم النعيمات حديثه إلى موقع (إرفع صوتك) بتأكيده على حساسية الفترة القادمة. "لا نستطيع أن نقول أن الفترة القادمة فترة وردية، ليس بسبب سوء الأوضاع في الأردن، لكن بسبب التخبط الموجود في المنطقة. مؤخراً كانت هناك عملية إرهابية كبرى في تركيا، والإرهاب يضرب في كل مكان".

وحول المشهد الداخلي للتطرف في الأردن يشير إلى أن وجود تنظيمات منظمة على أرض الواقع شيء يشابه المستحيل في المملكة، والخوف الوحيد هو من الذئاب المنفردة.

*الصورة: عناصر من الشرطة الأردنية أثناء مهاجمتها لمسلحين/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

أثارت الاتفاقية التي وقع عليها رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، في أبريل/نيسان، بشأن ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية لغطاً كبيراً وجدلاً واسعاً في مصر. ونصّت الاتفاقية على تسليم الجزيرتين للمملكة باعتبارهما أراض سعودية.

ويتمسك المعارضون للاتفاقية بمصرية الجزيرتين، وسط غضب شعبي ومطالب واسعة بعدم التخلي عن الجزيرتين.

غلطة النظام

بحسب عصام العبيدي، نائب رئيس تحرير جريدة الوفد المصرية، في حواره لموقع (إرفع صوتك) "فإن النظام في مصر مسؤول عن الأزمة التي حدثت على الساحة الداخلية منذ البداية بطريقة المعالجة الخاطئة لها".

يعتقد العقيدي أن الخطأ الذي ارتكبته السلطات المصرية تمثل بعدم إشراك الشعب في أمر الجزيرتين. "في حين كان المفترض أن يقدم النظام للرأي العام من خلال وسائل الإعلام المختلفة ما لديه من خرائط وأدلة ومستندات تثبت سعودية الجزيرتين".

"لو فعل النظام هذا لفوت الفرصة على المزايدين الذين وصل بهم الأمر إلى حد الطعن في وطنيته"، يقول العبيدي.

ويتابع العبيدي أن الأزمة ستتصاعد خاصة بعد حكم أول درجة الصادر عن محكمة القضاء الإداري والذي قضى ببطلان الاتفاقية الموقعة بشأن ترسيم الحدود بين السعودية ومصر، وستصبح الأزمة أكثر صعوبة خاصة في ظل وجود بعض المزايدين والمتربصين الذين جيشوا الجيوش وشحنوا الرأي العام ضد الاتفاقية وأزمة الجزيرتين.

جزيرتا تيران وصنافير..  الموقع والأهمية

تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد ستة كيلومترات عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كيلومتراً مربعا. وكانت الجزيرة قديما نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومتراً مربعاً.

قبيل حرب 1967 ولمنع السفن الإسرائيلية من الوصول إلى ميناء إيلات قامت القوات المصرية بالنزول على الجزيرتين وإغلاق مضيق تيران. ثم وقعت الجزيرتان تحت سيطرة إسرائيل باحتلالها لشبه جزيرة سيناء.

وبعد حرب أكتوبر عام 1973 وقع الجانبان المصري والإسرائيلي معاهدة كامب ديفيد عام 1978. وبحسب المعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات. لكن ذلك لا ينفي ممارسة مصر سيادتها على هاتين الجزيرتين.

وتكمن أهمية جزيرة تيران في تحكمها بالمضيق الذي يحمل نفس الاسم، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية. كما أن للجزيرتين أهمية إستراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة حيث تقعان عند مصب الخليج الأمر الذي يمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.

 العلاقات المصرية – السعودية

وبحسب مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير هاني خلاف، فإن المؤشرات تقول إن العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية لن تتأثر، خاصة وأن الأخيرة قد أكدت أن هذه العلاقات ستظل قوية سواء أخذوا الجزيرتين تيران وصنافير أم لا "وهو ما يفوت الفرصة على من يريدون استغلال هذا الموضوع لكسر العلاقة بين البلدين".

ويطرح خلاف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) الصراع الجدلي حول ملكية الجزيرتين جانباَ ليشير إلى زاوية أخرى في الموضوع، قائلاً "هل توجد حساسية ما لدى السعودية في التعامل مع إسرائيل؟ فمن يدير الحياة على الجزيرتين لا بد له من التعاون مع إسرائيل".

ويتابع أن كلمة ترسيم الحدود لا تعني الحديث فقط عن تيران وصنافير فهناك موضوعات أخرى تحتاج إلى ترسيم فهناك أماكن معينة في باب المندب تحتاج إلى تقنين الأوضاع فيها، ويقترح السفير هاني خلاف أن تكون السيادة على الجزيرتين مشتركة بين مصر والسعودية أو الاتفاق على شكل من أشكال الإدارة المختلفة لتفويت الفرصة على من يريدون إثارة الخلافات.

أما عصام العبيدي فيقول إنه على الرغم من محاولات قيادتي البلدين احتواء الأزمة "إلا أنها ستترك – بلا شك - تأثيرات سلبية على العلاقات المصرية السعودية".

*الصورة: جزيرتا تيران وصنافير/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659