"في حال اعترفت إسرائيل بحق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة ذات حدود متواصلة ومعترف بها، فإن العلاقة بين الطرفين ستكون علاقة دول جوار".
هذا ما قاله المواطن الفلسطيني عبد المنعم الطهراوي لموقع (إرفع صوتك)، مضيفاً "العلاقة بين الشعبين ستحتاج إلى فترة زمنية أطول. وهذا يتطلب تدخلات من الجهات الرسمية في كلتا الدولتين لمعالجة آثار النزاع والصراع الطويل".
الاتفاق يعطي أملاً
في نهاية شهر حزيران/يونيو الماضي، كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية عن وثيقة كان قد توصّل إليها زعيم "المعسكر الصهيوني" إسحق هرتزوغ والرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل.
موضوعات متعلقة:
المعادلة الجزائرية الليبية… الإرهاب والمياه الجوفية
مغردون لبنانيون: هل يأتي “ليبكسيت” بعد “بريكسيت”؟
في الوثيقة، اتفق الزعيمان على نقل السيطرة على الأراضي الفلسطينية التي احتُلت عام 1967 إلى السلطة الفلسطينية، مع استبدال أربعة في المئة من مساحتها في إطار صفقة تبادل. كما اتفقا على انسحاب إسرائيل من القدس الشرقية ومنح تعويضات للاجئين الفلسطينيين وإعادة رمزية لبعضهم.
لكن المعسكر الصهيوني خسر الانتخابات. وبعد انكشاف خبر الوثيقة، أكّدت تصريحات السياسيين الإسرائيليين اليمينيين أن الوقت الآن ليس وقتاً مناسباً للتوصل إلى اتفاق سلام، وانتقدوا الاتفاق المذكور بشدّة.
والسؤال الأهم هو: كيف ينظر الفلسطينيون والإسرائيليون إلى علاقتهم ببعض في حال التوصل إلى اتفاق سلام؟ هذا ما طرحه موقع (إرفع صوتك) على الشارعين الفلسطيني والإسرائيلي.
يرى المواطن الفلسطيني محمد البواب في حديث لموقع (إرفع صوتك) أن "الشعب الفلسطيني يقاتل من أجل الحصول على الدولة. وعندما يحصل عليها تصبح الأولوية الفلسطينية بناء الدولة وليس الصراعات مع الآخرين"، متحدثاً عن أن مسار الأمور سيفضي إلى تطبيع العلاقات.
من جانبها، قالت الشابة الإسرائيلية ماريا لموقع (إرفع صوتك) "أنا أريد أن أعيش بسلام وبدون أي خوف. ولهذا إذا كان اتفاق السلام مع الفلسطينيين سيجلب لنا الهدوء فأنا معه وأؤيده".
اليأس من السلام
في 25 نيسان/أبريل 2014، قررت إسرائيل تعليق المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بذريعة إبرامها اتفاق مصالحة مع حماس. لكن واقع الأمر هو أن المفاوضات كانت ميتة بسبب رفض إسرائيل تنفيذ اتفاق سابق على إطلاق سراح أسرى وتجميد الاستيطان.
تُلاقي السياسات اليمينية الرافضة للسلام مع الفلسطينيين صدى في الشارع الإسرائيلي. فشموئيل، 60 عاماً، لا يؤمن بالسلام مع العرب لأنهم، برأيه، كما يقول لموقع (إرفع صوتك) "يريدون تدميرنا".
وتعتبر يوليا، 70 عاماً، وهي من ضمن من تحدّثوا لموقع (إرفع صوتك) أن "السلام يعني القضاء على حلم إقامة الدولة اليهودية"، وتضيف "أنا لم أهاجر من روسيا من أجل ألا أرى الدولة اليهودية على كامل أرض إسرائيل... لا يمكن القبول بدولة فلسطينية".
ومن الجانب الفلسطيني يرى كثيرون أن طبيعة تأسيس دولة إسرائيل وتاريخ الصراع يعقّدان مسألة التسوية.
فلا تظن ذكرى عجور أنه من الممكن إقامة علاقة طبيعية بين الشعبين "بسبب التاريخ الطويل من الصراع". فيما يرى أحمد حرز الله أنه "ليس من السهولة بمكان أن يتنازل كل طرف عن حقه التاريخي في هذه الأرض التي لا تقبل القسمة على اثنين".
ويؤدي غياب الثقة في الطرف الآخر إلى رفض الخيارات التي تدعو إلى التلاقي معه. فبرأي الجندي الإسرائيلي ملاخي "لا يمكن الوثوق بالعرب، فهم أعداؤنا والشيء الوحيد الذي يفهمونه هو القوة".
أما الفلسطينية هبة جمال، فتعتبر أن "إسرائيل تربّي أولادها على الحقد والكره وعلى اعتبار الفلسطيني معتدياً، ولهذا ستبقى العلاقة بيننا وبينهم متوترة دائماً".
وقال الفلسطيني علي حسونة "أنا لاجئ. مَن يعطيني حقي إذا أخذنا دولة على أراضي 67؟ مَن سيُعيد قريتي المحتلة عام 1948؟ لن نتنازل عن أرضنا. وخلافنا معهم أبدي بين مغتصب وصاحب أرض وعليهم الخروج من كل فلسطين".
"لو هُدمت الجدران بيننا، ستبقى جدران أسمك وأصعب في قلوبنا وعقولنا"، تقول أسيل صالحي.
مبادرة الشعوب؟
في بداية شهر تموز/ يوليو الحالي، وجَّه تقرير الرباعية الدولية الراعية للمفاوضات بين الجانبين انتقادات شديدة لكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الأولى بسبب الاستيطان الذي يعيق حل الدولتين، والثانية بسبب التحريض وعدم إدانة العمليات ضد الإسرائيليين.
يعتبر البعض أن المشكلة تكمن في السياسيين بينما الحل يجب أن يأتي من الشعبين.
وقال الفلسطيني أحمد غبن، وهو أيضاً ممن تحدثوا لموقع (إرفع صوتك)، إن "الشعبين بينهما تعامل وكان العمال الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة يعملون داخل إسرائيل وكان التجار يتعاونون بعضهم مع بعض. ولكن السياسيين لم يجدوا حلولاً ولجأوا إلى التصعيد لأن مصالح قوى اليمين في كلا الطرفين لا تتحقق إذا تحقّق السلام".
من جانبه، قال الإسرائيلي يوسف "أنا أعرف أن الفلسطينيين مثلنا يريدون السلام من أجل مستقبل أفضل، ولهذا يجب ترك الموضوع للشعوب".
أما الفلسطيني حسن لبد فقال "لو تحقق السلام، سنتعاون ونستفيد في مجال التكنولوجيا والاتصالات وفي مجالات الصناعات والصحة والاكتشافات العلمية".
وبرأي يحزقيل، إسرائيلي يعيش في القدس، "يجب أن نعطي الفلسطينيين حقوقهم في إقامة دولتهم إلى جانب إسرائيل. فأنا مستعد للتنازل عن أجزاء من أرض إسرائيل لصالح السلام وإنهاء الصراع".
ومن ناحيته، اعتبر الإسرائيلي جوناثان الذي يقيم في حيفا ويعمل في القدس أن "ما لا يفهمه الإسرائيليون ومن ورائهم الحكومة أن الاحتلال هو سبب كل المشاكل التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي".
برأيه، فإن سياسة الاحتلال، أي السيطرة على أراضي احتُلّت عام 1967 ومحاولة قضم أجزاء منها، دفعت المجتمع الإسرائيلي إلى التطرّف. ولذلك، تابع، "من الأفضل لأشخاص مثلي يؤمنون بالسلام أن يصمتوا وأن يبتعدوا عن الساحة فالوقت هو وقت التطرف".
وعن المستقبل، رأى الفلسطيني حازم مهدي أن "الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي منقسمان والشعب الفلسطيني، بعد 60 عاماً من الصراع، لا ينظر إلى إسرائيل كدولة واقعية ومنطقية في هذا المكان، ومسألة القبول بالآخر بحاجة إلى سنوات وعمل مضنٍ".
*الصورة: فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب يدعون للسلام قرب الجدار الفاصل/وكالة الصحافة الفرنسية
شارك في كتابة هذا التقرير مراسلو (راديو سوا) خليل العسلي من القدس، نجود قاسم من رام الله، وأحمد عودة من قطاع غزة
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659