مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
على الرغم من أن حلم إنشاء السوق العربية المشتركة راود الآباء المؤسسين لجامعة الدول العربية منذ إنشائها عام 1945، إلا أن عقبات كثيرة حالت دون تحقيق هذا الحلم الذي لا يبدو مستحيلاً بالنظر إلى الإمكانيات الهائلة والموارد الضخمة التي تملكها الدول العربية.
نناقش إمكانيات الاستفادة من الثروات الطبيعية والبشرية العربية في حوار خاص لموقع ( أرفع صوتك ) مع السفير محمد الربيع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية..
كيف تقيّم وضع الثروات في الدول العربية سواء كنت طبيعية أو بشرية أو مادية؟
ثرواتنا كبيرة متعددة ومتنوعة وعلى رأسها يأتي المورد البشري الذي يعتبر أهم الموارد على أصعدة متعددة فكرية وعملية، ومنها التي تحمي الأمن والمقدرات الاقتصادية. لكن للأسف ينقصنا إدارة هذه الموارد، فالاعتماد على مورد اقتصادي واحد وهو النفط وضعنا في خندق.
موضوعات متعلقة:
اليمن والسعودية.. علاقة “يكتنفها كثير من الغموض”
شيعي وسني ومسيحي: داعش سينتهي
وعندما بدأت الآليات تتعامل مع مخرجات أخرى وبدأت أسعار النفط في الارتفاع والهبوط، انعكس هذا على الدول والتنمية وعلى أشياء كثيرة جداً. وكان واجباً علينا أن نتعامل على أساس أن لدينا موارد متعددة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، لدينا ثروة سمكية وحيوانية وقطاع زراعي نستطيع من خلاله أن نتعامل مع موارد حية ومتجددة. هذا بالإضافة إلى أننا لم نتحول إلى الصناعات التحويلية في القطاع الزراعي حيث نصدر كل المواد الخام الزراعية إلى الخارج وبالتالي لم نخلق فرص عمل، فضلاً عن أننا نستورد كل احتياجاتنا من الخارج.
كيف يمكن تحسين مجالات الاستثمار بين الدول العربية؟
لابد أن ننبذ الفرقة فالوطن العربي وطن له مكانة طويلة بين الأمم ولا تجد أمة من الأمم الآن لها مقدرات الوطن العربي. ونحن الآن أمام مناخ استثماري مهم يتطلب التفاف كل قوى الشعب العربي حول قيادتها لحماية هذه الأوطان ومقدراتها من عبث العابثين.
كيف تقيم قدرة الحكومات العربية على الاستفادة من الثروات المتاحة والكثيرة في الوطن العربي؟
لا بد أن نوظف رؤوس أموالنا في المزايا النسبية لكل دولة عربية لدعم الاقتصاد العربي، فبهذا نكوّن دولاً أكثر تكاملاً وقدرة على التنوع. وكذلك يجب بناء استراتيجيات تحاكي ما يدور في العالم وتتماثل مع التطور الكبير في التعبئة والتغليف وفي الجودة والسعر، لكننا ما زلنا دولاً استهلاكية متلقية غير قادرة على وضع نفسها في تحدي أمام شعوبها والأجيال القادمة، كما أن لدينا مشاكل تنموية كبيرة.
ما هي أسباب تأخر إنجاز السوق العربية المشتركة حتى الآن؟
السوق العربية المشتركة تحتاج إلى مراحل. وقد بدأنا المرحلة الأولى عام 1996 وانتهت في عام 2005. وكان من المفروض أن نبدأ المرحلة الثانية وهي الاتحاد الجمركي، لكن الأمور في الوطن العربي وثورات الربيع العربي والاختلالات الأمنية تعبث بهذه المقدرات.
ماذا تحقق في المرحلة الأولى؟
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع للجامعة العربية يضم تسع دول (مصر – العراق – الأردن – فلسطين – سورية – ليبيا – موريتانيا – اليمن – السودان) وتم إنشاؤه لهدف وحيد هو إنشاء السوق العربية المشتركة من خلال ثلاثة مراحل، الأولى تحرير التجارة العربية البينية وقد أنجزت هذه المرحلة بإقرار الاتفاقيات الرامية لتنمية وحماية الاستثمار وتسوية منازعاته، وتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب من الضرائب والتعاون في تحصيلها. كما تم خلال هذه المرحلة تأسيس أربع شركات عربية مشتركة قابضة كبرى برؤوس أموال حكومية في أربعة قطاعات رئيسية وهي (التعدين – الثروة الحيوانية – الدواء والمستلزمات الطبية – الاستثمارات الصناعية)، بالإضافة إلى إنجاز النواحي الفنية لتهيئة الأجواء لتحرير التجارة. لكننا لم ننجز المرحلتين الثانية والثالثة المتعلقتين بقيام الاتحاد الجمركي والسوق العربية المشتركة.
لماذا لا تتحقق الاستفادة المثلى من ثروات الوطن العربي البشرية والمادية والطبيعية؟
كل دولة ولها سياسة وبرنامج وتعمل بمعزل عن الدولة الأخرى ونحن نحتاج كدول عربية أن يكون لنا برنامج على المستوى الجماعي. لكن للأسف الشديد عندما يكون هناك اختلافات سياسية تقطع العلاقات الاقتصادية وتطبق العقوبات وهذا أمر خطير جداً، وهو يحتاج من وجهة نظري إلى إنشاء مجلس حكماء يستطيع أن يفكر نيابة عن الأمة العربية ويضم الكفاءات وهي كثيرة، لكي يحددوا لنا أين مصلحتنا فنسعى إلى تحقيقها كتكتل عربي واحد.
والحقيقة أننا سنترك للأجيال القادمة محناً كبيرة إذا لم نستطع من الآن التعامل مع برامج سريعة تؤهلنا كمجموعة لنكون تحالفاً اقتصادياً قوياً يضع لنا مكانة بين الدول. ويجب علينا الآن أن نبني إستراتيجية اقتصادية عربية موحدة وأن يصاحب ذلك التخطيط لاعادة الأموال العربية المهاجرة في الخارج إلى أوطاننا ليتم إعادتها في استثمارات تخلق تنمية حقيقية على الأرض وتحقق الرفاهة الاقتصادية والاجتماعية للمواطن العربي.
*الصورة: السفير محمد الربيع الأمين/تنشر بإذن خاص منه
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659