بقلم إلسي مِلكونيان:

شهد العقدان الماضيان نزاعات وحروب عدة بين الدول العربية، كغزو العراق للكويت والتوترات بين الجزائر والمغرب والنزاع بين السودان الشمالي والجنوبي، ومؤخراً الخلاف بين السعودية ومصر على جزيرتي تيران وصنافير وخلاف الأخيرة مع السودان على جزر حلايب وشلاتين. وقد تطول هذه القائمة إن رغبنا فعلاً في حصر جميع الخلافات ومصادر التوتر بين مختلف الدول العربية.

لكن يبدو أن حياة العرب في المهجر لها وقع مختلف. فقد نظمت العديد من حفلات الإفطار، خلال شهر رمضان حزيران/يونيو 2016، في الولايات المتحدة من قبل مهاجرين عرب يعملون تحت إطار منظمات عربية غير حكومية. فكيف يعمل هؤلاء بعيداً عن نزاعات بلادهم في سبيل تحقيق أهداف تخدم مجتمعاتهم من جهة وتبني جسور العلاقات مع البلد المضيف من جهة أخرى؟

موضوعات متعلقة:

سين وجيم مع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية

تعرّف على خمسة مشاريع حيوية في الدول العربية

نرصد هنا بعض الأمثلة عن هذه المنظمات من خلال أفرادها الذين تحدثوا إلى موقع (إرفع صوتك).

العمل في نطاق المنظمات

استقطبت الولايات المتحدة الكثير من مواطني الدول العربية الذين قصدوا الحياة في هذا البلد بغرض تأسيس مشروعات تجارية أو شركات متوسطة صغيرة تعمل في قطاعات عدة.

وأسست مجموعة منهم غرفة التجارة العربية الأميركية وهي منظمة تعمل لخدمة قطاع الأعمال في أميركا والدول العربية، ومركزها العاصمة واشنطن. يقول أمين سلام، نائب رئيس غرفة التجارة "من أكثر الجنسيات التي تنشط في هذا المجال هم عرب من سورية ولبنان وفلسطين ومن دول شمال أفريقيا يعملون سوياً تحت إطار المنظمة على مدى حوالي 50 عاماً".

وحسب سلام، ما يزال موضوع الطائفية والقوميات قائماً في الولايات المتحدة كما حمله بعض المهاجرين من بلادهم، لكن النقطة هنا هو أن عمل المنظمة تخطى حدود القوميات نحو العمل تحت إطار منظمة عربية أميركية.

ويتابع سلام في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "هدفنا تطوير العلاقات مع الدول العربية حيث أننا نعمل مع 22 دولة عربية وبالأخص مع القسم التجاري في السفارات العربية، من دون أن نتدخل في سياسات الدول. ومن الأمور التي نجحنا بتحقيقها هي تطوير العلاقة بين القطاع الخاص في أميركا والدول العربية".

للنساء دور أيضا..

المؤتمر الإسلامي الأميركي منظمة تعمل على محاربة الصورة النمطية للمسلمين وتحارب التطرف والإرهاب ضدهم. تعمل المنظمة مع الشباب وحقوق المرأة في 14 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب ما توضحه زينب السويج المدير التنفيذي وواحدة من مؤسسي المنظمة منذ 2001.

وتعمل المنظمة مع الشباب العرب في الجامعات الأميركية بغض النظر عن الطائفة والدولة التي ينتمون إليها. وتركز في عملها بشكل عام على بناء الأشخاص وليس القومية أو الإثنية.

تقول السويج لموقع (إرفع صوتك) "الجاليات العربية في المهجر تحاول أن تتغاضى عن الخلافات الموجودة بين الدول العربية. وللنساء دور فاعل، إذ يبرعن في الناحية الاجتماعية أكثر من الرجال".

وتضيف "نحافظ على حقوق الإنسان فلا نفرق بين شخص وآخر بسبب عرقه ودينه. تعمل في داخل المؤسسة أكثر من 20 جنسية عربية. واختلاف الجنسيات يغني تجربتنا".

العرب على المسرح الأميركي

وبالانتقال من نطاق المنظمات إلى الفعاليات الثقافية التي جمعت العرب من قومياتهم المختلفة، تعمل منظمة "سيلك رود رايزينغ" (أي صعود طريق الحرير) المتخصصة بالعرض المسرحي وإنتاج مقاطع الفيديو في مدينة شيكاغو، على تسليط الضوء على قصص من الشرق الأوسط وأميركا وآسيا للمشاهد الأميركي.

 يشرح جميل خوري، مدير المسرح، وهو أميركي من أصل سوري، أنهم من خلال عرض المسرحيات يصورون قصصاً من واقع العرب في أميركا والمهجر. ويسلط الضوء على مواضيع تمس العرب أيضاً. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "مسرحيتي الأخيرة كانت بعنوان (التنبيه إلى المساجد) وهي تستلهم موضوعها من رفض بناء مسجد قرب منطقة غراوند زيرو في نيويورك وعلى موضوع بناء المساجد في أميركا بشكل عام".

ويتابع خوري "نركز على التجربة العربية في المهجر وتأثير الصراعات على شخصيتنا وهويتنا كعرب". ويضيف "نعمل مع مسرحيين عرب ومن جنسيات مختلفة، لكن التنوع يساعد على إغناء عملنا بمنأى عن النزاعات القومية الحاصلة في المنطقة".

*الصورة: عرب في المهجر: نحو العمل بروح قومية/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

مواضيع ذات صلة:

مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

أثارت الاتفاقية التي وقع عليها رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، في أبريل/نيسان، بشأن ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية لغطاً كبيراً وجدلاً واسعاً في مصر. ونصّت الاتفاقية على تسليم الجزيرتين للمملكة باعتبارهما أراض سعودية.

ويتمسك المعارضون للاتفاقية بمصرية الجزيرتين، وسط غضب شعبي ومطالب واسعة بعدم التخلي عن الجزيرتين.

غلطة النظام

بحسب عصام العبيدي، نائب رئيس تحرير جريدة الوفد المصرية، في حواره لموقع (إرفع صوتك) "فإن النظام في مصر مسؤول عن الأزمة التي حدثت على الساحة الداخلية منذ البداية بطريقة المعالجة الخاطئة لها".

يعتقد العقيدي أن الخطأ الذي ارتكبته السلطات المصرية تمثل بعدم إشراك الشعب في أمر الجزيرتين. "في حين كان المفترض أن يقدم النظام للرأي العام من خلال وسائل الإعلام المختلفة ما لديه من خرائط وأدلة ومستندات تثبت سعودية الجزيرتين".

"لو فعل النظام هذا لفوت الفرصة على المزايدين الذين وصل بهم الأمر إلى حد الطعن في وطنيته"، يقول العبيدي.

ويتابع العبيدي أن الأزمة ستتصاعد خاصة بعد حكم أول درجة الصادر عن محكمة القضاء الإداري والذي قضى ببطلان الاتفاقية الموقعة بشأن ترسيم الحدود بين السعودية ومصر، وستصبح الأزمة أكثر صعوبة خاصة في ظل وجود بعض المزايدين والمتربصين الذين جيشوا الجيوش وشحنوا الرأي العام ضد الاتفاقية وأزمة الجزيرتين.

جزيرتا تيران وصنافير..  الموقع والأهمية

تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد ستة كيلومترات عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كيلومتراً مربعا. وكانت الجزيرة قديما نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا، أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كيلومتراً مربعاً.

قبيل حرب 1967 ولمنع السفن الإسرائيلية من الوصول إلى ميناء إيلات قامت القوات المصرية بالنزول على الجزيرتين وإغلاق مضيق تيران. ثم وقعت الجزيرتان تحت سيطرة إسرائيل باحتلالها لشبه جزيرة سيناء.

وبعد حرب أكتوبر عام 1973 وقع الجانبان المصري والإسرائيلي معاهدة كامب ديفيد عام 1978. وبحسب المعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات. لكن ذلك لا ينفي ممارسة مصر سيادتها على هاتين الجزيرتين.

وتكمن أهمية جزيرة تيران في تحكمها بالمضيق الذي يحمل نفس الاسم، إلى جانب منطقة شرم الشيخ في السواحل الشرقية لسيناء، ورأس حميد في السواحل الغربية لتبوك في السعودية. كما أن للجزيرتين أهمية إستراتيجية كونهما تتحكمان في حركة الملاحة الدولية من خليج العقبة حيث تقعان عند مصب الخليج الأمر الذي يمكنهما من غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.

 العلاقات المصرية – السعودية

وبحسب مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير هاني خلاف، فإن المؤشرات تقول إن العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية لن تتأثر، خاصة وأن الأخيرة قد أكدت أن هذه العلاقات ستظل قوية سواء أخذوا الجزيرتين تيران وصنافير أم لا "وهو ما يفوت الفرصة على من يريدون استغلال هذا الموضوع لكسر العلاقة بين البلدين".

ويطرح خلاف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) الصراع الجدلي حول ملكية الجزيرتين جانباَ ليشير إلى زاوية أخرى في الموضوع، قائلاً "هل توجد حساسية ما لدى السعودية في التعامل مع إسرائيل؟ فمن يدير الحياة على الجزيرتين لا بد له من التعاون مع إسرائيل".

ويتابع أن كلمة ترسيم الحدود لا تعني الحديث فقط عن تيران وصنافير فهناك موضوعات أخرى تحتاج إلى ترسيم فهناك أماكن معينة في باب المندب تحتاج إلى تقنين الأوضاع فيها، ويقترح السفير هاني خلاف أن تكون السيادة على الجزيرتين مشتركة بين مصر والسعودية أو الاتفاق على شكل من أشكال الإدارة المختلفة لتفويت الفرصة على من يريدون إثارة الخلافات.

أما عصام العبيدي فيقول إنه على الرغم من محاولات قيادتي البلدين احتواء الأزمة "إلا أنها ستترك – بلا شك - تأثيرات سلبية على العلاقات المصرية السعودية".

*الصورة: جزيرتا تيران وصنافير/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659