بغداد – بقلم دعاء يوسف:
في لحظة انفعال، صرخ رجل ستيني "قسِّموا العراق، قسّموه وعوفوا ولدنا، عوفونا نعيش". كان منهمكاً في البحث عن جثة ابنه الذي لم يتجاوز العقد الثاني من عمره بين ركام حادث انفجار حي الكرادة التجاري ببغداد، والذي راح ضحيته المئات من الشباب والنساء والأطفال.
ضغوط الدول المجاورة
كانت آثار هذا الحادث واضحة خلال الأيام القليلة الماضية في تغيير آراء الكثير من العراقيين من رفضهم لمقترح تقسيم العراق إلى تأييده، إذ بات منار راضي حالياً يؤيد خطة تقسيم العراق بين السنة والشيعة والأكراد.
ويقول الشاب الذي لم يتجاوز العقد الثالث من عمره إنّه "ووفقاً لهذه الخطة فالشعب العراقي سيتخلص من تدخلات الدول المجاورة والصراعات الطائفية والفكرية".
ويضيف "يحق للعالم أنّ يحارب تنظيم داعش، لكن عندما يحاربه الشعب العراقي على أراضيه، يكون رافضياً (شيعياً) بنظر الدول التي تدعم المذهب السني. وهناك من يمارس ضغوطه من دول الجوار لتحويل الحرب على الإرهاب إلى حرب طائفية بين سنة العراق وشيعته".
ويشير إلى أنّه مع التقسيم منعاً للدول للقوى الخارجية من استغلال البلاد.
الوضع الأمني
"أنا أدفع ثمن الاضطرابات السياسية وصراعات الدول الخارجية والإقليمية"، هذه كانت أولى العبارات التي تحدث بها حسين جاسم عن تأثير تدخلات الدول المجاورة في حياته.
معاناة حسين الذي لم يتجاوز العقد الثاني من عمره تشبه معاناة كل من يحمل جنسية الأحوال المدنية العراقية. "أنا ككل عراقي أعيش بلا أمل بالغد"، يقول في حديث لموقع (إرفع صوتك)، مضيفاً "بقاء العراق بهذا الشكل يبدو له أهميته بالنسبة للمشاكل القائمة بين دول الجوار وخاصة إيران والسعودية".
ويضيف "صراعات هذه الدول فيما بينها تزيد من معاناتنا، لأنها تسيطر وتدعم الكتل السياسية وفق أجنداتها التي تخدم مصالحها في عدم استقرار الوضع الأمني في العراق".
وحسب حسين "في نهاية المطاف، نموت نحن العراقيون، نحن من ندفع الثمن. بعد الكرادة، أنا مع التقسيم".
استقرار أمني للعراق
ويتهم عمر سلام ، 27 عاماً، دولتي إيران والسعودية والدول المساندة لهما بالضلوع في انتهاكات كبيرة بحق العراقيين. يقول عمر، الذي نزح مع عائلته من مدينة الأنبار في نهاية العام 2014 إلى بغداد "نشعر بالتأثير المدمر لصراعات هذه الدول، الأمر لا يقتصر على أنّ مدننا صارت ساحة حرب فقط، لكن يمتد إلى أنّ الكل يحملنا مسؤولية ما يحدث".
ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) أنّه من الصعب تخيل استقرار أمني للعراق في حال استمرت الصراعات بين دول الجوار. ويعلن عمر عن رفضه التام لمقترح تقسيم العراق بين الشيعة والسنة والأكراد. "لا نريد التقسيم، ما نبحث عنه هو وحدة مثمرة بيننا".
معضلة وطنية
ويشير خبراء في الشأن السياسي إلى أن عدم الاستقرار الاوضاع الأمنية والاقتصادية في العراق يعود بصورة كبيرة إلى الصراعات الدولية والإقليمية وتأثيراتها الكبيرة في السياسة الداخلية للعراق. يقول الخبير السياسي جليل محمد إبراهيم "نعيش اليوم في معضلة وطنية، بسبب التجاذبات السياسية، حيث العالم كله يتدخل في سياسة العراق الداخلية".
ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "كان لصراعات الدول المجاورة تداعيات على الأوضاع الداخلية في البلاد، حيث الانقسامات والتعقيدات وسيطرة الإرهاب بسبب ولاء غالبية الكتل السياسية في البلاد للهوية الدينية لتلك الدول كما يتضح في كثير من الأحيان".
ويرى جليل أنّ هذه الصراعات قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم العراق وفق خارطة طائفية.
*الصورة: "أنا أدفع ثمن الاضطرابات السياسية وصراعات الدول الخارجية والإقليمية"/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659