"أنا مش عايزة الشرح أنا عايزة كلام ربنا مش شرحكوا إنتم"
"أنا مش عايزة الشرح أنا عايزة كلام ربنا مش شرحكوا إنتم" | Source: YOUTUBE

وقفت الرائعة "نيللي كريم" لتنطق بشفتيها أخطر وأهم كلمات وعبارات يحتاج العالم الإسلامي أن يسمعها اليوم ليفوق من غفوته التي طالت لعدة قرون!  

نطق لسانها بتعبير الكاتب المبدع إبراهيم عيسى لتقول لرجال الدين "هل ربنا قال كده بنفسه ... أنا مش عايزة الشرح أنا عايزة كلام ربنا مش شرحكوا إنتم". 

وكانت نيللي كريم في دورها التاريخي في هذا المسلسل تتساءل ببساطة إنسان نقي يسأل بفطرته البسيطة: هل ما يعلمه (بضم الياء وفتح العين) شيوخ الإسلام عبر العصور هو ما قاله الله ذاته أم أنها كلمات بشرية تم إضافتها للدين! 

فجرت الرائعة نيللي كريم أعماق الضمير الإنساني حينما قالت للشيخ السلفي "إستحالة ربنا يحرم أم من بناتها"!   

وفتحت هذه الكلمات أبواب جهنم على إبراهيم عيسى وعلى هذا المسلسل الرمضاني الرائع الذي - وبمنتهي البساطة – أصبح - كما أراه من منظوري - أكبر وأهم زلزال فكري في تاريخ الإسلام لأنه يفصل بين ما قاله الله وبين ما افتراه البشر وأقنعوا البسطاء أنه دين الله! فلأكثر من ألف عام يخلط المسلمون بين ما قاله الله في كتابه الكريم وبين ما يقوله الفقهاء. وتسبب هذا الأمر في كارثة فكرية لأن التناقض صارخ في العديد من الأحيان بين كلام الله في كتابه العزيز وبين ما درسه الفقهاء لنا على أنه الدين! 

وفي سياق المسلسل الرائع الذي يدافع عن حقوق المرأة، أستطيع أن أقول: شتان بين كتاب يجعل مكان سكن الزوجية حق للزوجة كما جاء في الكتاب الكريم "لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" (سورة الطلاق - آية رقم 1) وبين فقهاء يطردونها من بيتها بعد الطلاق  دون رحمة! 

وشتان بين كتاب يقول: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، كما جاء في سورة البقرة آية 229 وبين فقهاء أباحوا للرجل ضرب زوجته لكي يؤدبها! 

وشتان بين كتاب يمنع الرجل أن يمس زوجته إن رآها في أحضان رجل غريب في حالة زنا، وأعطاه فقط الحق أن يشتكيها إلى القاضي كما جاء في الآيات الكريمة التالية من سورة النور" والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين (6) والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين (7) ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين (8) والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (9) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم (10)"، وبين فقه يرفض أن يعاقب الزوج كقاتل إن قتل الرجل زوجته وهي في حالة تلبس بالزنا بحجة أنه كان يدافع عن شرفه. فهل إقرار القرآن مبدأ "الملاعنة" المذكورة في الآيات السابقة يتنافى مع مبدأ الشرف! 

وشتان بين كتاب يجرم الظلم ويعتبره أكبر جريمة في التاريخ "ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا" (سورة الفرقآن آية 19)، وبين فقهاء يدعون لأخذ أولاد وبنات الزوجة وفلذات كبدها منها بعد الطلاق بالقوة إن مارست حقها الإنساني في الزواج من إنسان آخر أو إذا تخطى سن الأطفال سنا بعينها وكأن الأطفال لا يحتاجون أمهم بعد هذا السن. 

وشتان بين كتاب يحرم على الرجال أن يمنعوا المرأة من أن تزوج نفسها لمن أرادت، وبين فقهاء أباحو ما يسمى بالعضل وهو حق الرجل أو ولي الأمر أن يمنعها أو "يعضلها" عن الزواج بمن تريد أو أن يطلقها منه إن رأى هو ذلك! 

وشتان بين كتاب يقول "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها" (سورة الأعراف آية 189)، وبين فقهاء أصروا على أن المرأة ناقصة عقل ودين بناء على أحاديث آحاد مشكوك في أمرها وفي مصداقيتها وتقوم المملكة العربية السعودية اليوم بمراجعتها! 

وشتان بين كتاب يجعل فطرة الخلق وسنة الخالق هي امرأة أو زوجة واحدة للرجل كما خلق الله زوجة واحدة وليس عدة زوجات لآدم كفطرة إلهية "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء"، كما جاء في الآية الأولى من سورة النساء، وبين فقهاء تفننوا في إباحة تعدد الزوجات بل والتشجيع عليه واعتباره هو الفطرة الإهية! 

وشتان بين كتاب جرم "الرجم" في كل الآيات التي ذكرها عنه، وبين فقهاء أباحوا رجم الزانية وكان اختلافهم أساسا في حجم الحجارة التي يستخدمونها لعملية الرجم! 

وشتان بين كتاب يقول "ومن آيٰاته أن خلق لكم من أنفسكم أزوٰجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" (سورة الروم آية 21)، وبين آراء الفقهاء التي أباحت للزوج المسلم لعدة قرون أن يأخذ زوجته ذليلة إلى ما يسمى بـ"بيت الطاعة" ليعاشرها بالقوة رغما عن إرادتها في مشهد تقشعر منه الأبدان  وتشمئز منه الإنسانية جمعاء. 

لله درك يا "فاتن أمل حربي" ولا فض فوك يا إبراهيم عيسى، وشكرا لكل من شارك في هذا العمل الأسطوري ... لقد أشعلتم نار الفكر التي لن ينطفئ لهيبها وستكون أخطر سلاح في وجه المتطرفين لأنها ببساطة سألت أبسط وأهم سؤال في تاريخ الإسلام "عايزة أعرف هو ربنا قال ده ولا دي آراء الفقهاء". 

وللحديث بقية! 

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

الرئيس السوري بشار الأسد زار حلب إحدى أكبر المدن التي تضررت بالزلزال
الأسد خلال حديثه لوسائل الإعلام أثناء زيارته لحلب بعد الزلزال (سانا)

فور حدوث الزلزال الكارثي الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا وقضى على عشرات الآلاف من الضحايا وحّول مناطق شاسعة في البلدين إلى أهرامات من الركام، سارع الرئيس السوري، بشار الأسد، دون خجل إلى تسيس هذه المأساة واستغلالها لخدمة مصالحه الضيقة، ولطمس جرائم القتل الجماعي التي ارتكبها ضد شعبه في العقد الماضي، وللتخلص من العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على نظامه ولإعادة بعض الشرعية لنظامه الدموي الفاسد. 

الأسد رحّب بالاتصالات الهاتفية التي أجراها معه بعض القادة العرب، مثل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبأولى شحنات المساعدات التي وصلت إلى سوريا من دولة الإمارات وقطر والسعودية والأردن. 

هذه الدول تسعى منذ سنوات إلى إعادة سوريا إلى "حظيرة" جامعة الدول العربية، سوف تتعاون مع دمشق في سياق إغاثة ضحايا الزلزال إلى إعادة تأهيل النظام السوري واعتماد سرديته الواهية التي تدعي أن إغاثة الضحايا السوريين يجب أن تمر عبر دمشق.

حتى الحكومة اللبنانية المستقيلة، التي بالكاد تقوم بمهام تصريف الأعمال، أرسلت وفدا حكوميا رسميا إلى دمشق لبحث تداعيات الزلزال المدمر "والإمكانات اللبنانية المتاحة للمساعدة في مجالات الإغاثة".

لبنان، الذي وصفه أحد الأصدقاء الظرفاء، "أجمل دولة فاشلة في العالم"، هذه الدولة التي تركت للبنانيين مشاهدة ركام أهرامات القمح في المرفأ بعد أن دمرها جزئيا أكبر انفجار غير نووي في العالم لتذكرهم بفشلها وفسادها ورعونتها، دفعتها المروءة المسرحية لمد يد المساعدة لنظام أذلّ اللبنانيين لعقود.

السوريون، الذين قهرهم أولا نظامهم الوحشي، وتخلى الله عنهم لاحقا، إلى أن أتت الطبيعة لتزيد من يبابهم يبابا، يستحقون كل مساعدة وكل إغاثة ممكنة لأنهم ضحايا بامتياز وعلى مدى سنوات طويلة.

ولكن الخبث اللبناني الرسمي ينضح من ادعاءات توفير الإمكانات اللبنانية لمساعدة ضحايا الزلزال في سوريا، (الهدف الأول من الزيارة هو تطبيع العلاقات) بينما يتم تجاهل ضحايا الزلازل السياسية اللبنانية، ومن بينهم ضحايا انفجار مرفأ بيروت الذي ترفض الحكومة اللبنانية والقوى التي تقف وراءها مثل حزب الله حتى الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليها، ومحاسبة المسؤولين عن الانفجار.

وخلال زيارته الأولى للمناطق المنكوبة في حلب (بعد خمسة أيام من حدوث الزلزال) ألقى الأسد باللوم على الغرب لتأخر وصول المساعدات الإنسانية مدعيا أن أولويات الغرب سياسية وليست إنسانية، مضيفا أنه من الطبيعي أن يسيسوا الوضع، لأن اعتبارات الغرب غير إنسانية لا اليوم ولا في السابق.

واستغل الأسد وأقطاب نظامه الزلزال للمطالبة بإلغاء العقوبات الاقتصادية الدولية، في الوقت الذي واصلوا فيه إصرارهم على ضرورة وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المنكوبة في البلاد عبر الحكومة السورية فقط، بما في ذلك المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب سجل الأسد خلال العقد الماضي في استغلال المساعدات الانسانية وتوزيعها على أنصاره أو سرقتها وبيعها في السوق السوداء.

وفي الأسبوع الماضي، جددت واشنطن إصرارها على رفض التعامل المباشر مع نظام الأسد أو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة ضده، مع التأكيد على أن العقوبات تستثني المساعدات الانسانية والأغذية والأدوية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، للصحفيين: "من المثير جدا للسخرية، إن لم يأت بنتائج عكسية، أن نتواصل مع حكومة عاملت شعبها بوحشية على مدى أكثر من عشر سنوات حتى الآن عن طريق إطلاق قنابل الغاز عليهم وذبحهم، لتتحمل المسؤولية عن الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب".

في هذا السياق من الصعب تصديق ادعاءات وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، أن حكومته مستعدة لأن تسمح بدخول المساعدات الدولية إلى جميع المناطق السورية "طالما لم تصل إلى التنظيمات الإرهابية المسلحة" كما قال في مقابلة تلفزيونية وهذا يعني عمليا استثناء محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية.

وادعى مقداد أن العقوبات تزيد من صعوبة الكارثة. هذا الموقف ينسجم مع الموقف التقليدي لنظام الأسد خلال العقد الماضي حين كانت السلطات السورية تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين كانوا يعانون من المجاعة في المناطق المحاذية للعاصمة، دمشق، كما حدث خلال سنتي 2012 و2014. ويجب ألا نتوقع غير ذلك الآن.

نصف المناطق المنكوبة في سوريا واقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والنصف الآخر واقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

ويخشى السوريون في المناطق الواقعة خارج السيطرة الحكومية في شمال غرب سوريا وكذلك منظمات الإغاثة الدولية من أن نظام الأسد سوف يعطل إيصال المساعدات إليهم او الاستيلاء عليها، وأن الوسيلة الوحيدة لإيصال هذه المساعدات بسرعة الى المتضررين هي عبر الأراضي التركية وعبر معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد المفتوح بين تركيا وسوريا.

وتقوم روسيا، بطلب من الحكومة السورية باستخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي لمنع فتح المعابر الاخرى بين تركيا وسوريا.

ولذلك، فإن مفتاح الإسراع بإيصال مساعدات الإغاثة الدولية إلى تلك المناطق السورية هي عبر فتح المعابر الدولية، بدلا من الحديث العبثي عن إلغاء العقوبات الاقتصادية وهي مسألة صعبة قانونيا وسياسيا، وسوف تؤدي إلى تعزيز وترسيخ نظام ارتكب جرائم حرب ضد شعبه. ووصلت صفاقة النظام السوري إلى درجة أنه قصف مناطق المعارضة المنكوبة حتى بعد حدوث الزلزال.

وفي خطوة لافتة أرادت من خلالها واشنطن أن تفند الاتهامات الباطلة بأنها لا تقوم بما فيه الكفاية لإيصال المساعدات الى المناطق السورية المنكوبة، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية استثناء مؤقتا من العقوبات يتعلق بالمعاملات المالية للأغراض الإنسانية لمدة ستة أشهر.

وأكد مساعد وزير الخزانة الأميركية، والي أدييمو، أن "برامج العقوبات الأميركية تحتوي بالفعل على إعفاءات قوية للجهود الإنسانية ومع ذلك أصدرت وزارة الخزانة اليوم ترخيصا عاما شاملا لتفويض جهود الإغاثة من الزلزال حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون المساعدة من التركيز على ما هو مطلوب أكثر: إنقاذ الأرواح وإعادة البناء".

ولكن هذا التعديل المؤقت لا يشمل السماح بالتعامل المالي مع أي جهة رسمية تابعة لنظام الأسد ولا التعامل مع الأفراد المدرجين على قوائم العقوبات، كما لا يستثني الحظر المستمر على النفط السوري.

من المتوقع أن يؤدي الزلزال إلى تعجيل وتيرة تطبيع العلاقات بين معظم الدول العربية بمن فيها أصدقاء الولايات المتحدة والنظام السوري، على الرغم من استمرار العلاقات الوثيقة بين دمشق وطهران.

كما من المتوقع أن تبقى العقوبات الدولية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على النظام السوري، طالما بقي الأسد متربعا على كرسيه الرئاسي فوق الركام السوري.