Madinah Javed recites the Quran in a prayer room at the American Islamic College Thursday, Jan. 27, 2022, in Chicago. “It’s…
اتفقت المذاهب الإسلامية السنية الأربعة، المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية، على حق الكد والسعاية.

رغم كونه مصطلحا فقهيا قديما، إلا أن حق "الكد والسعاية" الذي ينص على حق المرأة في جزء من مال زوجها الذي شاركت في تكوينه، يثير الجدل بين علماء الدين الإسلامي كغيره من حقوق المرأة، ومساواتها مع الرجل في المجتمعات الإسلامية، وملاءمتها مع القوانين النافذة.

ويعرف الباحث المغربي بكلية العلوم القانونية في مدينة أكادير (جنوب)، كمال بلحركة، حق "الكد والسعاية" في دراسة فقهية من إعداده تحمل عنوان "حقوق المرأة العاملة عند النوازل بين المغاربة" أنه "حق المرأة في الثروة التي يُنشئها ويُكوِّنها الزوج خلال فترة الزواج، بحيث تحصل على جرايتها مقابل ما بذلته من مجهودات مادية ومعنوية في تكوين هذه الثروة".

ودعا شيخ الأزهر أحمد الطيب في فبراير الماضي إلى إحياء حق "الكد والسعاية" من التراث الإسلامي، لـحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها.

ونقلت وسائل إعلام مصرية عن الطيب قوله خلال لقائه وزير الشؤون الإسلامية السعودي، عبد اللطيف بن عبد العزيز آل شيخ، إن "فتوى حق الكد والسعاية ضرورية في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة".

ويعتبر الشيخ عبد الغفار صابر خورشيد عضو مجلس الحد من العنف الأسري في وزارة العدل بحكومة إقليم كردستان العراق، أن حق الكد والسعاية هو "حق الزوجة في ممتلكات الزوج، مقابل ما تقوم من تنفيذ لواجبات البيت".

وتعود جذور حق الكد والسعاية إلى حادثة وقعت في التراث الإسلامي مرتبطة بامرأة تدعى حبيبة بنت زريق، عاشت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.

وكانت حبيبة نسّاجة تخيط الملابس وتطرزها، فيما كان زوجها عمرو بن الحارث يتاجر بما تصنعه. فتمكن الزوجان من تكوين ثروة من النسج والتجارة. لكن عندما توفي عمرو بن الحارث استولى أهله على أمواله كلها، متجاهلين حق حبيبة فيها، إذ كانت شريكة لزوجها في تجارته. لكن حبيبة لم تسكت عن حقها، واحتكمت إلى الخليفة عمر بن الخطاب، وقضى الخليفة بتقسم المال إلى نصفين، نصف لحبيبة باعتباره حقها والنصف الآخر يقسم على الورثة ومن ضمنهم حبيبة أيضا وفقاً للشرع، إذ يحق لبنت زريق أن تأخذ ربع ما تركه زوجها كونها لم ترزق بأطفال منه.

ويؤكد خورشيد لموقع "ارفع صوتك": "يمكننا أن نطبق هذا المبدأ طالما أن الموضوع متعلق بحقوق الإنسان وحقوق المرأة في المجتمع عبر سن قوانين استنادا إلى هذه المبادئ التي بني عليها هذا الحق مع مراعاة حقوق كلا الطرفين ومراعاة أسس العدالة والإنصاف".

واتفقت المذاهب الإسلامية السنية الأربعة، المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية، على حق الكد والسعاية. لكن فقهاء المالكية أكدوا على تطبيقه وترسيخه أكثر من المذاهب الأخرى.  

أما بالنسبة للمذهب الشيعي، يؤكد الباحث الإسلامي الشيعي عباس القريشي لموقع "ارفع صوتك" أن "لا وجود لهذا المصطلح في الفقه الشيعي".

ويضيف: "الشريعة الإسلامية بينت أن هناك حقوقا للزوجة على الزوج، مثلا وجوب الإنفاق عليها وتوفير السكن اللائق لها وتوفير طعامها وشرابها وكسوتها"، مشيرا إلى أنه إذا طلب الزوج من الزوجة العمل معه وحدد لها أجر معينا، فلها ما تم الاتفاق عليه بينهما.

وتعتبر الدول المغاربية في مقدمة الدول العربية المطبقة لحق الكد والسعاية في   قانونها، حيث شهدت المحاكم المغربية الحكم في العديد من القضايا للزوجة بجزء من مال زوجها سواء بعد وفاته أو بعد الطلاق، استنادا على حق الكد والسعاية.

واعتمدت تونس هذا الحق في القانون الصادر عام 1998 نظامًا للاشتراك في الملكية بين الزوجين لتكريس التعاون بينهما في تصريف شؤون العائلة، ويمنح القانون التونسي الزوجين الحرية في اختيار النظام المالي الذي يرغبان به.

ويشير المحامي العراقي محمد حسين البطاط لموقع "ارفع صوتك"، إلى أن "القانون العراقي لم يقر حق الكد والسعاية. ويمنح للزوجة حقها من ميراث زوجها فقط".

ويرى البطاط أن تطبيق حق الكد والسعاية من الناحية القضائية أمر صعب في ظل انعدام الوعي به. ويوضح: "هناك حاجة إلى توعية مجتمعية تثقيفية تنفذها الدولة والمنظمات المجتمعية والمؤسسات الدينية للتعريف بهذا الحق ودوره في حل المشاكل القانونية الخاصة بحقوق الزوجية والعائلة، كي نتمكن من سن قوانين بالاعتماد عليه وفق منظومة حقوق عادلة تقرها الدولة ويحصل فيها المواطن على حقه".

 

مواضيع ذات صلة:

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
عراقية تتظاهر أمام مبنى محكمة الأحول الشخصية في بغداد ضد زواج القاصرات في العراق

تحظى التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 بدعم كبير من رجال الدين الشيعة والسنة في العراق. لكن بعض رجال الدين من الطائفتين سجّلوا مواقف معارضة لهذه التعديلات.

المرجع الشيعي العراقي المعروف كمال الحيدري، وهو أحد المراجع الكبار في حوزة قم في إيران، ظل طوال السنوات الماضية معارضا  للتعديلات التي طرحت أكثر من مرة حول قانون الأحوال الشخصية.

أتباع الحيدري ومؤيدوه سارعوا إلى نشر مقاطعه وفيديوهاته القديمة، والتي تضمنت مقابلات وخطبا أجراها في الأعوام السابقة يشرح فيها الأسباب التي تدفعه إلى معارضة تعديل القانون.

ينطلق الحيدري في مواقفه الرافضة من اعتقاده أن القوانين العراقية، في بلد بمكونات دينية وإثنية مختلفة، يجب أن تغطي جميع الفئات وأن يحتكم إليها الجميع، لا أن يكون لكل فئة قانونها الخاص بها.

ويعتبر الحيدري أن على "المرجع الديني توجيه مقلديه إلى اتباع القانون، حتى لو خالف ذلك رسالته العملية وفتاويه".

وتمنح التعديلات المطروحة الحق للعراقيين في اختيار اللجوء إلى إحدى مدونتين، شيعية وسنية، يتم إعدادهما من قبل المجلسين السنّي والشيعي بهدف تقديمهما إلى البرلمان.

وتتخوف المنظمات النسائية من أن يؤدي اللجوء إلى هاتين المدونتين الباب أمام تشريع زواج القاصرات، وكذلك إجراء تعديلات جوهرية على إجراءات حضانة الأطفال بشكل يضر حقوق المرأة.

كان "سابقاً لعصره".. خلفيات إقرار قانون الأحوال الشخصية العراقي 1959
أعاد النقاش حول قانون الأحوال الشخصية في العراق إلى الواجهة، الظروف الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى صدور القانون المعمول به حالياً في عام 1959، خصوصاً بعد المطالبة بتعديله من قبل نوّاب من كتل سنيّة وشيعية في البرلمان.

رجل دين شيعي آخر، هو حسين الموسوي، أعلن بشكل مباشر معارضته للتعديلات المطروحة على القانون.

أكد الموسوي في أكثر من منشور له على موقع "أكس"‏ رفضه المستمر "لتعديل قانون الأحوال في ‎العراق، رفضًا تامًا لا نقاش فيه!".

وقال الموسوي، مستخدما وسم #لا_لتعديل_قانون_الأحوال_الشخصية: "أقول لبناتنا وشبابنا بضرورة التحرك بكل الطرق الممكنة لمنع الفئة الضالة من الهيمنة على المستقبل بعد سرقتهم الماضي".

في الجانب السنّي، يبرز موقف رئيس رابطة أئمة الأعظمية الشيخ مصطفى البياتي المعارض للتعديلات على القانون. 

وطالب البياتي في حديث صحافي الجهات التي طرحت التعديلات بسحبها "حفاظاً على وحدة العراق وحفاظاً على كرامة المرأة العراقية من هدرها على يد أناس لا يرقبون في حفظ كرامتها أي ذمة".

البياتي رأى في النقاشات التي تخاض في مجلس النواب وخارجه "ترسيخًا للطائفية بعد أن غادرها العراقيون، ومخالفة للأعراف المعتمدة في البلد".

رجل دين سنّي آخر، هو عبد الستار عبد الجبار، سجّل مواقف معارضة للتعديل. وقال في إحدى خطب الجمعة التي ألقاها في المجمع الفقهي العراقي إن "زواج القاصرات موضوع عالمي، العالم كله يرفضه، وهو ليس ديناً".

وتابع: "لا يوجد نص يقول إنه يجب أو مستحب زواج القاصرات. هو موضوع كان شائعاً في الجاهلية وسكت الإسلام عنه، والعالم الآن لا يحبه، وهذا لا يتعارض مع الإسلام لأن زواج القاصرات ليس من أصول الإسلام". 

وسأل عبد الجبار: "لماذا هذا الإصرار على هذه القضية؟ هل الإسلام جوهره زواج القاصرات مثلاً؟ إلى متى نبقى هكذا؟". ودعا إلى التفكير بعقلية "أريد أن أبني بلدي، وليس أن أنصر طائفتي على حساب الطوائف الأخرى".

ولم تعلن المرجعية الدينية الشيعية في النجف موقفاً حاسماً من التعديلات المطروحة حاليا، وإن كان مكتب المرجع الأعلى علي السيستاني قال في رد على سؤال ورد إليه عام 2019 إنه "ليس لولي الفتاة تزويجها إلا وفقاً لمصلحتها، ولا مصلحة لها غالباً في الزواج إلا بعد بلوغها النضج الجسمي والاستعداد النفسي للممارسة الجنسية". 

وأضاف المكتب أنه "لا مصلحة للفتاة في الزواج خلافاً للقانون بحيث يعرّضها لتبعات ومشاكل هي في غنى عنها".